راشد حسين .. شاعر المقاومة الذي سبق محمود درويش وسميح القاسم

ولِدَ الشاعر الفلسطيني راشد حسين في قرية مِصمِص من قرى أمّ الفحم سنة 1936، وانتقل مع عائلته إلى حيفا سنة 1944، وهاجر مع عائلته من حيفا بسبب العدوان الإسرائيلي عام 1948، لكنه عاد ليستقرّ في قريته. واصل تعليمه في مدرسة أمّ الفحم، ثم أنهى تعليمه الثانوي في ثانوية الناصرة.

بدأ حسين كتابة الشعر منذ أن كان في العشرين من عُمره، بعد أن أصدر ديوانه الشعري الأول “مع الفجر” عام 1957، فأصبح مُطارَداً من الموساد الإسرائيلي بسبب أشعاره الثورية والتي اعتُبِرَت “خطراً على أمن الدولة”.

بعد تخرّجه عمل معلماً لمدة ثلاث سنوات. واعتُقل عقب اشتراكه في اجتماع “للمسرح الإمبريالي” في الناصرة في كانون الثاني 1958، ثم فُصِل من وظيفته لمشاركته في نشاط سياسي مُعارِض للاحتلال.

يُعتبَر راشد حسين من شعراء المقاومة الفلسطينية الأوائل الذين برزوا بعد احتلال فلسطين. ويُعتبَر شعره مدرسة لشعراء كبار على رأسهم محمود درويش الذي رثاه بقصيدة:

منذ عشرين سنة

وأنا أعرفه في الأربعين

وطويلاً كنشيد ساحليّ، وحزين

كان يأتينا كسيف من نبيذ. كان يمضي كنهايات صلاة

كان يرمي شعره في مطعم “خريستو”

وعكا كلها تصحو من النوم

وتمشي في المياه

كان أسبوعاً من الأرض، ويوماً للغُزاة

ولأمّي أن تقول الآن: آه!

عمل الشاعر الراحل مُحرّراً لمجلّة “الفجر”، “المرصاد” و”المصوّر”، وكان نشطاً في صفوف “حزب العمال الموحّد”.

تقول “الموسوعة الفلسطنية: “في تشرين الثاني 1965 غادر فلسطين المحتلة إلى باريس فأمضى بعض الوقت فيها ثم غادرها في كانون الثاني 1966 إلى نيويورك حيث تزوّج من فتاة أميركية كان تعرّف إليها في فلسطين المحتلة. وعمل بائعاً في أحد المخازن في المدينة وسجّل نفسه من دون نجاح يُذكَر في جامعتها. كما أخذ يعمل بالترجمة لمنظمة التحرير الفلسطينية ولمكتب الجامعة العربية في نيويورك. وفي نيسان 1972 سافر إلى دمشق حيث عمل في مؤسّسة الأرض للدراسات الفلسطينية مُترجماً من اللغة العبرية إلى العربية. وكتب خلال حرب 1973 تعليقات للبرنامج العبري في الإذاعة السورية”.

وتُعتبَر قصيدته “يوميّات دمشق” من أروع قصائده، التي يُعبِّر فيها عن مدى حبّه لدمشق:

تأتي إلى دمشق

وبعدها… تولدُ في دمشق

تكبر مرّتين في دقيقتين

تصطاد بالأشعار نجمتين

يكبرُ فيك الورد والجمال

وتحسدُ الحبّ الذي يعيشه الأطفال

وفجأة تجيء الحرب

وتستحي ألاّ تكون واحداً من الأبطال

فالحرب في السماء

والحربُ في الجبال

وأنت جالسٌ تكتبُ شعراً

في دمشق؟

بأيّ حقّ؟

بأيّ حقّ؟

تولد

تكبر مثل الحبّ والورد والأطفال

والجمالُ في دمشق؟

وفي تلك السنة عاد إلى نيويورك. وفي أواخر سنة 1974 عمل مراسلاً لوكالة الأنباء الفلسطينية في الأمم المتحدة.

توفى في الأول من شباط عام 1977 في حادث مؤسِف إثر حريق شبّ في بيته في نيويورك، وقد أعيد جثمانه إلى مسقط رأسه في قرية مِصمِص حيث ووري الثرى هناك في 8 شباط 1977.

أما شقيق راشد الذي استكمل مسيرة أخيه الشعرية فقد توفى في 23 آب 2017، ولعب دوراً جوهرياً في انتشار شعر شقيقه راشد وإقامة الندوات والمهرجانات حوله مراراً، فوقف هاتفاً بصوت غاضِب واثق يرثي شقيقه بقصيدة عصماء مؤثّرة قائلاً:

جدّدت عهدك والعهود وفاء

أنا على درب الكفاح سواء

نم في ثُراك فلست أول عاشق

قتلته أعين أرضه النجلاء

ماذا يرد عليهم أن يختفي

رجل وملأ الساحة الأبناء

ميلاد موتك موعد لم تخطه

من قبلك الأحرار والشرفاء

وصباح نعيك صيحة لن تنتهي

ما دام يسقط حولك الشهداء

الحب تعرفه وكنت نبيه

والساح صمت والقلوب خواء

الحب تعرفه أما حدّثتنا

أغلى أماني العاشقين عطاء

بعد رحيل الشاعر راشد حسين مباشرة تشكّلت لجنة لإحياء تُراثه من الشخصيات السياسية والاجتماعية والأدبية والفكرية، نذكر منهم: شكيب جهشان والشاعر الراحل نواف عبد حسن والشاعر الراحل سميح القاسم، والشاعر جمال قعوار وشقيقه الشاعر والقاصّ أحمد حسين، وغيرهم من الأعلام الوطنية.

مُنِحَ الشاعر راشد حسين وسام القدس للثقافة والفنون في عام 1990.

من أعماله:

– حاييم نحمان بياليك – نخبة من شعره ونثره – ترجمة – تل أبيب ( 1966).

– مع الفجر – ديوان شعر (1957).

– صواريخ – ديوان شعر (1958).

– أنا الأرض لا تحرميني المطر – ديوان شعر (1976).

– قصائد فلسطينية – بيروت (1982).

– ديوان راشد حسين – الأعمال الشعرية الكاملة – بيروت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى