ليـس للقائد الا أن يكون كريماً

 

من موروثنا الشعبي في العراق، أن رئيس القبيلة أو العشيرة لن يكتسب هذا المقام ولن يثق به أحد من أفراد قبيلته أو يلتف حوله ، إلاّ اذا تحلّى بصفات حميدة من أهمها وفي مقدمتها الكرم وما يتصل بها من فضائل أخرى كالايمان والشجاعة والمرؤة والنخوة والصدق ورجاحة العقل ونضوج الرأي والتأني في الأحكام ، واحترام كرامة الناس وإنصافهم والإعتراف بفضلهم ، اضافة لصفات أخرى منها ماهو متوارث ومنها ماهو مكتسب . إن هذه الصفات أو الفضائل وغيرها هي ذاتها لابد أن تتوفر فيمن يقود دولة أو مؤسسة أو منظمة أو حزب أو حركة أو عملاً جماهيرياً أو عائلة ، ولكن تبقى فضيلة الكرم من أهم تلك الفضائل في شخصية القائد وتكوينه لأنها والقيادة صنوان لاينفصلان ، وهي وجه حسِنْ من أوجه الشجاعة التي بدونها لاتصح القيادة ، فمن كان كريماً بالضرورة أن يكون شجاعاً والتي هي الشرط الاساس في شخصية القائد القوي الامين .

فمَنْ عُرِفَ بالكرم كما يقول العرب عُرِف بشرف المنزلة ، وعُلُوِّ المكانة ، وانقاد له قومُه ، فما ساد أحد في الجاهلية ولا في الإسلام ، ولا في العروبة الا من كان كريم النفس والعقل والضمير واليد واللسان .

والكرم أساس التقوى وما ينطوي عليها من مكارم الاخلاق ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ، فالكرم خُلق عظيم من مكارم الأخلاق ، وهو من الخصال الجميلة التي تحلى بها الأنبياء والمرسلون والقادة ، وكان الأنبياء والمرسلون والمصلحون من أكثر الناس كرماً وأعلاهم عطاءاً وتضحية . وقبل هذا وذاك فإن الكرم صفة من صفات الله الخالق العظيم فهو الكريم وهو الجوّاد الذي لا يتوقف ولاينتهي جوده وكرمه ، فالكرم اضافة لمعناه المألوف في إكرام النفس والاهل والصديق والضيف والرئيس والمرؤوس ، إلاّ إنه قيمة من قيم الاخلاق الرفيعة ، وصفة لازمة من صفات القيادة ، وعنوان من عناوين الشجاعة والتضحية والعطاء ، وهي الصفات التي يجب أن تتوفر في كل من يتصدر القيادة وبأيِّ مفصل كان فلن يصلح للقيادة من كان شحيحاً وبخيلاً وجباناً ومُقتّراً على نفسه وأهله وقومه ، وليس المقصود بماله فقط وانما بفكره وعلمه وأخلاقه وتعامله ومحبته ، ولن يجتمع بـُخْل وشِحّ وجُبنْ مع الايمان ومكارم الاخلاق والشجاعة والتي هي من شروط القيادة القوية الأمينة في كافة المستويات الشعبية والرسمية والحزبية وحتى الأسرية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى