لماذا أصبح الباطل الصهيوني حقاً والحق العربي باطلاً

 

البيان الذي أصدرته ما تسمى نخبة  من المثقفين الفلسطينيين وشاركهم به بعض المثقفين العرب  هو في الحقيقية صورة مصغرة عن واقع الذل والهوان  الذي تمر به الأمة  ومن قرأ البيان يرى فيه روح أوسلو الكريهة التي ماتت  ولم يبق منها إلا جيفتها المقرفة ، فهذا البيان صورة عن لقاء اسطنبول الفاشل الذي عزز ولم ينقض قرار مجنون واشنطن ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس العربية باعتبارها حسب مزاعم هذا المأفول  عاصمة للكيان الصهيوني .

البيان إياه تحدث عن القدس الشرقية كعاصمة للفلسطينيين  متجاهلا القدس كاملة، وعندما يطرح العدو أن القدس واحدة ويأتي بيننا من هم محسوبون على الثقافة العربية ليصرحوا  أن هناك قدسين شرقية وغربية فان ادعاء العدو بكل أسف يكون أكثر واقعية ، ويؤسفني القول أكثر مصداقية  رغم باطله .

البيان أشار بصراحة الى دور المجتمع الدولي وللقرارات ذات الصلة وكأننا كعرب وفلسطينيين بشكل خاص لم نكتو بنار هذا المجتمع وظلمه وهو نفسه من أوجد الكيان الصهيوني وهذا يطرح سؤالاً عن هوية الموقعين على البيان من الفلسطينيين والعرب ، فهل هذه النخب هم موظفون لدى أنظمتهم بما في ذلك سلطة عباس المحدودة ، فكيف وبأي حق يتحدثون عن الأراضي التي احتلت عام 1967 م، بدون كلمة واحدة عن حق أكثر من (8) ثمانية ملايين فلسطيني في الشتات وحقهم الطبيعي بالعودة لوطنهم ، وهل سلطة رام الله المحدودة بعيدة عن هذا البيان المهزلة  ( الذي نشرته مؤسسة محمود درويش في رام الله ) حيث استخدم نفس لغة الصهاينة بأراض فلسطينية وليس فلسطين المحتلة  ، ولم يتحدث البيان عن الجزء الأكبر من فلسطين الذي أحتل عام 1948م ، بما عرف بالنكبة العربية الكبرى،  ولا ذكر لحق اللاجئين والنازحين وحتى إشارة لجرائم العدو في هدم البيوت ومصادرة الأراضي  والاستيطان الذي زاد أضعاف ما كان قبل مهزلة أوسلو ، فهذا البيان لن يكون مصيره إلا  مصير ما سبقه وليس آخرها بيان ما يسمى بمثقفي كوبنهاجن ، ولغة استجداء المجتمع الدولي البائسة في البيان جعلتنا نفكر كثيرا لماذا أصبح حقنا العربي باطلا وادعاء الصهاينة حقاً فرضوه علينا بالأمر الواقع  ، وحتى نكون صادقين مع أنفسنا فأطماع الصهاينة لم تتغير  ولكن لغتهم  كانت واحدة من اليسار إلى اليمين وما بينهما  ، بينما نحن غيرنا مطالبنا من كل فلسطين كحق تاريخي لنا حيث تواضعنا للمطالبة بقرار التقسيم  (181) لعام 1947 م ، وان كان البعض من أمتنا ومعهم كل الحق قد رفضوا ذلك القرار الظالم  ثم تواضعت مطالبنا أكثر بعد النكسة عام 1967م ، حد القبول بدولة فلسطينية على جزء صغير من فلسطين التي أحتلت في تلك النكسة ، في الوقت الذي بقيت مطالب العدو تشمل كل فلسطين  ، وحتى كل بلاد العرب من الفرات إلى النيل  ، وقد قالها مناحيم بيغن أمام السادات لكارتر  ومن قلب القاهرة بأن أجداده المزعومين هم بناة الأهرامات  وأكدها أيضا حمامة السلام المزعوم والشخصية الأحب للسادات شمعون بيرس  في كتابه الشرق الأوسط الجديد  .

وعندما يذهب العدو للعالم ويدعي بأن القدس عاصمته الموحدة  ونحن أصحاب الحق نقسمها  شرقية وغربية ، وبالتأكيد العالم أو أغلب العالم سيقف مع العدو في ظل الموازين الموجودة ، أما قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير  وبدون الاستهانة  ولكن يبقى نظريا ما لم توجد قوة على الأرض تفرضه .

نحن للأسف أضعفنا أنفسنا وتأمرنا على ذاتنا خاصة بعد غياب مصر جمال عبد الناصر وخروج العراق وليبيا باحتلالهما ، وقد شارك البعض من بني قومنا في تلك المهزلة ، خصوصاً بعدماجرى لسوريا التي تعرضت لنيران الارهاب وعلى مدار (7) أعوام وانشغال الجزائر بظروفها الخاصة وصحة رئيسها ، ولم يبق في الميدان إلا المتآمرون وهم أيضا مشغولون بحروبهم الداخلية والتآمر على بعضهم البعض .

لذلك جاء بيان هؤلاء المثقفين وكأنه صورة عن أزمة عربية ، و في النهاية لن يكون مصيره إلا مزبلة التاريخ ، وهذه الأمة لا بد أن تنهض  وأن تعود لصناعة التاريخ  مؤثرة وفاعلة ومحركة للتاريخ ، ولا نامت أعين الجبناء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى