قراءة موسيقية في رسالة القسام الليلية

دأبت كتائب القسام على توجيه رسائل للاحتلال عبر وسائل متعددة منها أشرطة الفيديو، ملصقات في قطاع غزة، أغاني موجهة باللغة العبرية، أو صور خلف الناطق باسمها خلال مؤتمراته الصحفية .

الرسائل وبإجماع المراقبين والمحللين تحمل في طياتها وبين سطورها أكثر مما هو واضح للعيان، رسائل مبطنة تشبه الشفرة التي تقرأها المخابرات الإسرائيلية بوضوح.

الرسائل مع اختلاف أساليبها وبعد جولات العدوان الثلاث على غزة ذات مصداقية عالية جداً بشهادة قادة الاحتلال أنفسهم، ويأخذونها على محمل الجد المطلق.

ليلة أمس وجهت كتائب القسام رسالة جديدة، ملصق في قطاع غزة مع كتابة عبرية ترجمتها: ” صافرات الإنذار التي تشتكون منها ستكون موسيقى ساحرة مقارنة بما ستسمعونه إذا لم توقفوا عنجهية الحكومة” .

الرسالة جاءت بعد سقوط صاروخ خلال اجتماع تضامني مع أسرى الاحتلال وفي ذكرى عيد ميلاد أحد اسراهم في غزة، كان لأمهات الأسرى الإسرائيليين والمتضامنات معهن هرب المشاركون فيه عندما دوت صافرات الإنذار، فانفض قبل أن يبدأ .

يرى البعض أن إهانة “الأمهات” جاءت رداً على إهانة عضو الكنيست الإسرائيلي المجرم الذي اقتحم حافلة لأسر السرى الفلسطينيين وتعمد إهانة الركاب، فكانت واحدة بواحدة، لكن هذه المرة بوجود جنود وضباط جيش الاحتلال الذين فروا مذعورين ولم يستطيعوا حماية أمهات أسراهم.

الصورة المرافقة شملت خريطة تجاوزت حدود قطاع غزة وحددت عليها ثمان نقاط باللون الأحمر، وهو ما يعادل درجات السلم الموسيقي.

وصف صفارات الإنذار التي دوت بالأمس بأنها “موسيقى ساحرة” والتي تحتاج لهدوء وتجلي، والتلويح بنوع آخر من الموسيقى لن يكون إلا صاخباً مدوياً وبإيقاع عالٍ يصم الآذان إذا لم تتوقف عنجهية الحكومة.

الموسيقى الصاخبة التي تصاحبها آلات كثيرة تحتاج “لمايسترو” محترف يدير السيمفونية بثقة ومهنية ودقة عالية

استخدام كلمة “عنجهية” يعني أن هناك اتصالات غير مباشرة حول ملف الأسرى، يحاول نتنياهو إدارته بطريقته الفاشلة من الغرور والعنجهية .

إحدى الترجمات حملت عبارة إضافية “إن لم ترتدعوا الليلة” وهذا ما تم بالفعل، ولأول مرة يغيب الرد “الاسرائيلي” بالطيران  على قطاع غزة، وهو ما حذا بالمعلقين العسكريين الاسرائيليين للقول بأن قوة الردع الاسرائيلي تلاشت مع تهديد القسام .

الرسالة وإن غلب عليها “اللغة الموسيقية” لكنها حملت لهجة تهديدية واضحة، أهم ما فيها أن غزة ورغم جراحها وآلامها ليست مستعدة للقبول بمعادلة الاحتلال، وإنها رغم كل شيء مستعدة لخوض معركة جديدة دفاعاً عن الشعب وحقوقه.

الرسالة المشار إليها سبقتها رسالة أخرى ظهر فيها أحد الأسرى في غزة، وتبعتها رسالة مشابهة من حزب الله في لبنان.

علّق عضو الكنيست السابق “حاييم رامون” قائلاً: حماس لاتهدد الجنوب فقط، حماس تهدد دولة “إسرائيل” بالكامل

بدوره قال وزير الحرب الاسرائيلي السابق يعلون: يجب تأجيل الجولة المقبلة من القتال مع قطاع غزة طالما كان ذلك ممكنا.”

الإعلام العبري نقل عن وزير المالية موشيه كاحلون تحميله نتنياهو المسؤولية وقوله: “أعتقد أن دولة “إسرائيل” يجب أن يكون لها رئيس وزراء من الشعب ويعرف الحقيقة ولا يبقى صامتا أمام تهديدات الجنوب” .

في محاول لامتصاص الغضب الغزي أعلنت سلطات الاحتلال عن دراستها لمجموعة من الاجراءات لتخفيف الحصار الإجرامي على قطاع غزة منها:

1) منح تصاريح دخول لـ6 آلاف عامل فلسطيني من قطاع غزة للعمل في البلدات الإسرائيلية المحيطة بغلاف غزة

2) ملاءمة معبر بيت حانون لإدخال البضائع وإخراجها، وربط ميناء أسدود بقطاع غزة عبر سكة قطار.

3) مضاعفة كمية البضائع الداخلة للقطاع، مع التقليل من الضغط على معبر كرم أبو سالم وطوابير الشاحنات الطويلة التي تسبب أزمات مرورية في المنطقة المحيطة به.

4) تتولى شركة هولندية تحويل حاويات البضائع العملاقة التي تدخل القطاع إلى غرف وشقق صالحة للسكن، للمساهمة بحل أزمة السكن الكبيرة في القطاع.

5) زيادة قدرة خط الكهرباء المغذي لقطاع غزة ب 50 ميجاوات.

هذا لا يعني أبداً أن الاحتلال غير مستعد، أو أنه لا يعد لضربة غادرة، فهو لا يجيد إلا الغدر والإجرام .

مما لا شك فيه أن مواجهة جديدة قادمة، فقط موعدها هو غير المعروف، وهذه المرة ستقلب فيها معادلات وموازين وبنتائج لا يعلمها إلا الله .

حفظ الله أهلنا وشعبنا في غزة، ورد كيد مجرمي الاحتلال إلى نحورهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى