ابن سلمان يتجنب الخوض في قرار ترامب اعلان القدس عاصمة لاسرائيل.. عجبي

كشف روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد واشنطن، والخبير البارز في العلاقات الأمريكية – الشرق أوسطية عن تفاصيل لقاء بين وفد ترأسه وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان

يوم الخميس 8 كانون اول الجاري- بعد يوم واحد من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.

وقال ساتلوف في مقال بعنوان ” محمد بن سلمان لا يريد الحديث عن القدس” -نشره الموقع الإليكتروني لمعهد واشنطن باللغة الإنجليزية – ، إنه فوجئ برد الفعل السعودي تجاه القرار.

وجاء في المقال “المملكة العربية السعودية حامية الإسلام وموطن الحرمين الشريفين تعد مكانا جيدا لتقييم أثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل على المصالح الأمريكية في المنطقة”.

واستطرد المقال :” ضع جانبا ردود فعل “الجماعات الإرهابية” مثل حماس وحزب الله والدول الراعية لها في طهران ودمشق وردود الفعل الغاضبة من السلطة الفلسطينية والأردن بعدد سكانها الضخم من الفلسطينيين وهي ردود فعل كانت متوقعة بالتأكيد. السؤال الحقيقي كيف سيكون رد فعل أصدقاء أمريكا القريبين من دائرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟

وتابع :” إذا كان هناك مكان يمكن أن نتوقع منطقيا أن نسمع منه المسلمين يعبرون عن غضبهم الرهيب من تسليم القدس لليهود سيكون ذلك المكان هو أروقة السلطة في العاصمة السعودية الرياض. لكن ذلك لم يحدث”.

وأضاف ساتلوف :” الأسبوع الماضي كنت في الرياض أترأس وفدا مكونا من أكثر من 50 من زملائي في المركز الذي أتولى رئاسته”.

وأكمل :”في يوم الأربعاء وقبل ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي بشأن القدس، أمضينا خمس ساعات في اجتماعات مع ثلاثة وزراء سعوديين لمناقشة كل شيء مثل الأزمات في اليمن وقطر ولبنان وبرنامج المملكة الطموح “رؤية 2030” والطرح العام المحتمل لشرطة أرامكو النفطية الحكومية وفي تلك الأثناء كان البيت الأبيض قدّم إفادات لدبلوماسيين أجانب ووسائل إعلام بشأن مضمون الإعلان المرتقب من الرئيس الأمريكي، ومن ثم فإن جوهر الإعلان الوشيك كان معروفا جيدا لكن على الرغم من ذلك فإن كلمة “القدس” لم تذكر أبدا في اجتماعاتنا مع المسؤولين السعوديين في ذلك اليوم”.

وأكمل ساتلوف “لعل السعوديين كانوا ينتظرون أن ننتهي من اجتماعنا الأخير في ذلك اليوم، ولقد ظننت أنه وخلال حواري مع الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي “محمد العيسى” بأنه بالتأكيد سيندد بالاعتداء الأمريكي على حُرمة القدس.

“وما أثار دهشتي أن الأمين العام الجديد للمنظمة كان لديه رسالة مختلفة تماما، فكلمة القدس لم تمر على شفتيه أبدا، وبدلا من ذلك قد تحدث بفخر عن الصداقات التي أقامها مع الحاخامات في أوروبا وأمريكا والزيارة التي قام بها مؤخرا إلى كُنيس يهودي في باريس والحوار بين الأديان الذي قال إنه منعقد حاليا.

“بعد ذلك قلت ربما ينتظر السعوديون ليستمعوا بدقة إلى تصريح الرئيس الأمريكي في بيانه الصحفي آملين أن يقتنع في اللحظات الأخيرة بتغيير المسار ، وبما أن الرئيس الأمريكي لم يصدر تصريحه حتى الساعة التاسعة مساء بتوقيت الرياض في ذلك اليوم فقد ذهبت إلى الفراش في تلك الليلة واثقا من أننا سنرى قريبا الجحيم من المملكة السعودية “القديمة”.

“في صباح اليوم التالي عندما تلقينا تأكيدا بأننا سيكون لدينا مقابلة مع  الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ونائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والإنمائية علمنا بأننا سوف نحصل على ” رد رسمي”.

وتابع ساتلوف” في المقابلة كان لدى محمد بن سلمان الكثير من الموضوعات ليتحدث عنها مثل الفصل بين الرجل والمرأة واحتواء إيران حاليا أو محاربتها لاحقا وحول نحو مائة موضوع آخر ولم يكن من الواضح أن القدس كانت إحدى هذه المواضيع.

“وإذا لم نكن كنا سنسأله بشكل مباشر عن إعلان ترمب بشأن القدس .. فربما لم يكن ليتحدث عن الأمر لكننا أردنا مغادرة الرياض ونحن نعلم بوضوح رأيه في القضية. لذلك سألناه”.

وأضاف ساتلوف في مقاله :” للحفاظ على قدر من السرية لن أنقل ما قاله – محمد بن سلمان- بالتحديد لكن يمكنني أن أقول ” لقد اقتصر حديثه على كلمة واحدة تعبر عن خيبة الأمل بشأن قرار الرئيس ترمب ثم تحول سريعا إلى الحديث عما يمكن أن تفعله الرياض وواشنطن لاستعادة الأمل في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ولم يتوقف عند هذا الحد ففي ذلك اليوم الذي تم وصفه على نطاق واسع بأنه سيكون بداية لواحدة من أحلك العلاقات بين أمريكا والعالم العربي على مدى عقود، عرض محمد بن سلمان رؤية مختلفة جدا للعلاقات السعودية الأمريكية وإمكانات للشراكة السعودية الإسرائيلية.

وعلى صعيد العلاقات السعودية الأمريكية أكد مرارا وتكرارا قوة الشراكة الأمنية بين البلدين والتي أشار إليها بفخر بأنها الأقدم في المنقطة – حتى أقدم من الولايات المتحدة وإسرائيل.

وعلى صعيد العلاقات مع إسرائيل، لقد تحدث بشكل إيجابي على غير العادة وخلافا لما سمعته من زعماء سعوديين في زيارات سابقة، فلم يقل بن سلمان شيئا عن التوسع الإسرائيلي والغطرسة الإسرائيلية وعدم الإنصاف الإسرائيلي أو التعدي الإسرائيلي على حقوق المسلمين في القدس، وبدلا من ذلك تحدث عن المستقبل الواعد الذي ينتظر العلاقات السعودية – الإسرائيلية ما إن يتم التوصل إلى السلام.

كان إذن هذا هو الرأي السعودي الرسمي،. كنا توقعنا نقدا قاسيا للولايات المتحدة واستنكارا لسياسة ترمب ، وسمعنا بدلا من ذلك توبيخا خفيفا لإعلان الرئيس الأمريكي ورؤية حالمة للشراكة السعودية – الإسرائيلية، ولم تتح لنا الفرصة للضغط على محمد بن سلمان لمعرفة ما سيفعله السعوديون على وجه التحديد لحث السلطة الفلسطينية على التوصل إلى اتفاق مع الإسرائيليين.

هل محمد بن سلمان قال ما كان يريد الحاضرون سماعه؟ ربما .. مما لاشك فيه أن وفدنا كان “مكهربا” من شخصيته الجذابة ومما كان سيقوله. لقد تأثرنا بشكل خاص بسعيه إلى “الإسلام المعتدل” وحديثه عن تقليص عدد “المتطرفين” في المؤسسات الدينية السعودية بشكل كبير .. باعتراف الجميع .. بدا جزء من خطابه صحيحا.

من وجهة نظري لا يبدو أن السعوديين قد أحرزوا تقدما كبيرا في مواجهة نفوذ يران في العراق أو اليمن كما يدعون .. لكن إذا كان محمد بن سلمان قال ما كنا نريد أن نسمع.. فماذا إذن؟

على العكس كان يمكن أن يستغل هذه المناسبة بسهولة لإرسال رسالة من خلالنا إلى القادة الأمريكيين والإسرائيليين حول الكُلفة العالية للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. لم يفعل ذلك، وهذا أمر كبير.

واختتم ساتلوف مقاله :” أولئك الذين تنبأوا بأن الرد العربي والإسلامي على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل سيكون موجات مروعة من المظاهرات المناهضة للولايات المتحدة والعنف الجماعي ضد المواطنين والمؤسسات والمصالح الأمريكية والنهاية النهائية وغير القابلة للإلغاء للنفوذ الأمريكي في المنطقة- توقعاتهم خاطئة تماما فمن بين العرب الذين يعدون – حلفاء أمريكا- كان رد الفعل بشكل عام رصينا ومعتدلا وناضجا . المملكة العربية السعودية، مسقط رأس الإسلام، هي كذلك على سبيل المثال.

المصدر معهد واشنطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى