وداعاً للقدس: العرب والمسلمون في غيبوبة

 

تشير التطورات الأخيرة الى صحة المقولة بأن مسؤولية القضية الفلسطينية يجب أن تكون أساساً بيد أبناء فلسطين تحت الاحتلال ، و بأن باقي الأطراف من فلسطينيين في المهجر و عرب و مسلمين يجب أن تكون قوى داعمة ومساندة .

الأنظمة العربية و الإسلامية في واد ، و الشعوب في وادٍ آخر ، و هنالك ما يكفي الآن من المؤشرات العربية و الإسلامية لكشف حقيقة موقف معظم الدول العربية و الإسلامية من قضية إعتراف أمريكا بالقدس كعاصمة لما يسمى بإسرائيل . وضعف هذا الموقف تعكسه بوضوح مواقف تلك الدول من النشاطات السياسية التي تَبِعَت ذلك الاعتراف الأمريكي .

فعلى المستوى العربي ، لم تشعر الدول العربية بأن موضوع القدس من الأهمية بحيث يستدعي عقد قمة عربية طارئة تنعقد بحضور جميع القادة العرب تخصص للقدس ولإتخاذ قرارات حاسمة وملزمة على أعلى مستوى . و وسائل الاعلام التابعة لبعض الدول العربية كانت تعتبر الحرب على اليمن و سوريا خبرين يفوقان في أهميتهما ما يجري للقدس . وأكتفى العرب لذلك بعقد مؤتمر وزراء خارجية الدول العربيه لا قيمة لما خرج عنه من قرارات ، علماً أن مختلف جُمَل الاحتجاج و الاعتراض الصادرة عن المسؤولين العرب كانت ضعيفة جداً وغير صادقة حتى في ضعفها .

أما بالنسبة للعالم الإسلامي ، فقد قام الرئيس رجب طيب اردوغان مشكوراً بالدعوة الى مؤتمر قمة لمنظمة التعاون الاسلامي بشكل سريع ، ومع ذلك فإن مستوى حضور رؤساء الدول في القمة المذكورة لم يتجاوز ما نسبته حوالى عشرون بالمائة بالاضافة الى أن دول اسلامية مؤثره تمثلت بمسؤولين من الوزن الخفيف ومنهم وزير الشؤون الدينية لإحدى تلك الدول  مما يؤشر الى أن موضوع القدس بالنسبة لها هو موضوع ديني يخلو من أي بعد سياسي ، أي أن موضوع  القدس بالنسبة لتلك الدولة مثلاً هو موضوع الأماكن الاسلامية المقدسة و ليس عروبة القدس،  وفي هذا رسالة واضحة لأمريكا و إسرائيل .

ان هبوط مستوى التمثيل في مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي الذي عقد امس ( الاربعاء) في استنبول يؤكد أن تلك الدول لا تعتبر هذا الموضوع من الخطورة و الأهمية بحيث يتطلب مستوى أعلى من التمثيل حتى يتم الخروج بقرارات على مستوى التحدي ناهيك عن الفشل في ارسال اشارة واضحة الى كل من اسرائيل و أمريكا بأن العالم الأسلامي مهتم و لن يسمح بذلك الاعتراف الأمريكي .

وأخيراً ، لماذا لا يتم العمل على الدعوة الى قمة مسيحية إسلامية برئاسة البابا فرنسيس و بابا الأقباط تواضرس و إمام الأزهر معاً لتأكيد عروبة و فلسطينية القدس و رفض قرار ترمب ؟ وفي حال اعتذر البابا فرنسيس ، فلتكن القمة برئاسة البابا تواضرس و إمام الازهر . وفي كل الاحوال يكفي لقاء ثلاثة أو أثنين من هؤلاء الثلاثة على مستوى القمة لعقد ذلك المؤتمر ولا داعي لأن تكون قاعة مزدحمة بالبشر ، فأهمية المؤتمراً برمزيته ، وقوة التمثيل في هذه الحالة هي الأساس . وفي هذه المناسبة وفي اطار البحث عن وسيط لعملية السلام يحل محل واشنطن ، لماذا لا يكون الفاتيكان هو ذلك الوسيط !؟

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى