نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وماذا بعد ؟

 

منذ احتلال ما تبقى من فلسطين بعدوان حزيران/يونيو الأليم عام 1967م ، وإعلان الكيان الصهيوني الغاصب بأن القدس عاصمته الأبدية  الموحدة ، اصبحت القدس العربية في سائر الانتخابات الرئاسية الأمريكية والكونغرس أو أي انتخابات أخرى ، مجالا واسعا للمزايدات السياسية الرخيصة ، خاصة مع النفوذ الصهيوني الواسع الذي نجح للأسف في تقديم مصالح الكيان الصهيوني المصطنع على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها ، وهي ظاهرة حيرت كل المراقبين ، باعتبار القدس عاصمة إسرائيل كما يزعمون .. هذا ما يقوله المرشحون لكل انتخابات رئاسية .

اليوم في عهد هذا المجنون ترامب تصل المأساة  الى ذروتها، وبرأي كل المرشحين الأمريكيين سواء للرئاسة أو الكونغرس كانوا صادقين مع ناخبيهم وعملوا جاديين للقضاء على كل مقاومة لتمهيد الطريق لمثل هذا اليوم الذي وصل لترامب جاهزا ، فهذا هو المشروع الصهيوني الذي بدأ به ليدون جونسون أكثر رؤساء أمريكا صهينة  والشريك الأساسي في عدوان حزيران/ يونيو 1967م ،  الأليم بنقل السفارة الأمريكية  للقدس وإعلانها عاصمة للصهاينة ، وما العجب والاستغراب فيما تقوله أمريكا اليوم  انظروا من ساعد ودمر على احتلال الأوطان ونشر الفوضى الخلاقة بدءا من رسالة الملك فيصل آل سعود الى جونسون حين طالب بأواخر عام 1966 باحتلال أراضي مصرية بواسطة كلب الغرب المسمى إسرائيل لأجل إسقاط الزعيم جمال عبد الناصر أو إضعافه ، كما طالب بدعم مصطفى البرازاني عميل الصهاينة المعروف لأجل تقسيم العراق أو منعه من أي عمل قومي ، وثم طالب بضرب سوريا العروبة عن طريق الكيان الصهيوني واحتلال جزء من أراضيها حتى لا تنادي بالوحدة والقومية بعد سقوط جمال عبد الناصر  ، وفي نفس الرسالة طالب ذلك الفيصل باحتلال ما تبقى من فلسطين حتى لا يعود للفلسطينيين وطن يطالبوا به وبالتالي يقبلوا بالمستقبل أي حل يفرض عليهم .

فلماذا نستغرب اليوم القرار الأمريكي الجديد القديم خاصة بعد أن تم ضرب كل مصادر قوة الأمة ، بدءا من إخراج مصر بجريمة كامب ديفيد وإلهائها بمشاكلها الخاصة ، وتدمير العراق واحتلاله وثم تدمير ليبيا واحتلالها ، والعدوان على سوريا بكل مرتزقة العالم في محاولة فشلت بفضل الله وتضحيات جيشنا العربي السوري في إشعال حرب أهلية ، وان نجحوا للأسف في ضرب الاقتصاد السوري وقتلوا الآلاف من البشر ، ولكن ستعود سوريا لدورها القومي والأممي الذي يليق بتاريخها والدولة الدور المركزية التي لا تعرف سياسة الانكفاء  فالسوريون وأصدقاؤهم قادرون على إعادة الاعمار.

القرار الأمريكي على وشك التنفيذ فماذا سيفعل العرب وأحرار العالم فهناك نقطتان في غاية الخطورة ويجب مواجهتهما من كل أحرار العالم ٠٠ وهما يهودية الدولة التي يطالب بها العدو الصهيو أمريكي ، والثانية نقل السفارة الأمريكية للقدس التي يأمل أن تكون بداية لدول أخرى تابعة لأمريكا ومنها عربية وإسلامية بالحذو وراء أمريكا ، ولكن رغم كل ذلك وهذا الظلام فهذه الأمة لن تموت والمقاومة العظيمة ستولد من جديد ، وسيكون هناك الف جمال عبد الناصر واحمد بن بيلا وهواري بوميدن وياسر عرفات وحافظ الأسد وصدام حسين ومعمر ألقذافي ولكن بوجوه وأسماء أخرى ، فهذه أمة الشهداء والتضحيات لن تموت حتى وان تسرع الأعداء بالإعلان المبكر عن وفاتها .

هل نذكر المستغربين من نقل السفارة وتوقيته ماذا فعل ليدن جونسون عقب عدوان 1967 ، عندما طلب السفراء العرب مقابلته ، وبعد صلبهم لأكثر من ثلاث ساعات جاء ذلك الجونسون ومعه كلبه ووقفوا بوجهه ولم يسلم على أحد منهم بل خاطب كلبه العزيز قائلاً : أن هناك جاراً طيباً ، يقصد الصهاينة ، ولديه جيران أشرار ، يقصد العرب ،أرادوا العدوان على الجار الطيب واحتلال بيته وحذرهم وصبر عليهم ولكن بعد ذلك ضربهم ضربة قاضية ، فمن هو المخطئ يا كلبي العزيز ، ثم غادر المكان وسط ذهول السفراء العرب ، بالطبع سفراء مصر وسوريا والعراق والجزائر لم يكونوا مع أولئك السفراء بسبب قطع علاقاتهم مع أمريكا ، لكن السفراء المذكورين من أصدقاء ولا نريد أن نقول عملاء أمريكا ٠٠ فلماذا الاستغراب اليوم حيث لم يعد أحد يستطيع أن يحتج ، مصر خارج الصف ويكفيها ما يكفيها ، والعراق وليبيا تحت الاحتلال ،ت وسوريا تطهر وطنها من القتلة الارهابين .

لكن ما بني  على باطل فهو باطل ومشكلة أمريكا   أنها لا تؤمن بالتاريخ وحركته  لأنها بلا تاريخ ، ولا بقوانين الأرض والسماء  لان إلهاها شهود يهوى ، ولا تؤمن بحقائق الجغرافيا لأنها تؤمن أن كل شيء بالدولار يأتي .

ولكن يا همج العصر وحثالة كل الشعوب فلسطين ستبقى عربية والقدس عاصمتها الأبدية والموحدة وكيانكم يحتضر ولن يدوم أكثر مما دام  فهو دخل الشيخوخة السياسية قبل أوانه ، وهذا ما يقوله مفكروه وليس نحن ولكنكم لا تقرؤون ، ولا عزاء للصامتين .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى