بلفور الذي لا يملك أعطى لمن لا يستحق

الثاني من تشرين ثاني/ نوفمبر من كل عام  يوم أسود في تاريخ البشرية ولكل من يؤمن قولا وعملا بحق الأمم والشعوب في تقرير مصيرها، ففي ذلك اليوم المشؤوم وقبل مائة عام وفي غفلة من الزمن عقب انتهاء الحرب الكونية الأولى، وبدلا من معالجة الظلم والقهر الذي لحق ببعض الأمم والشعوب وبالتالي سن قوانين أكثر إنسانية تخدم الأمم والشعوب المضطهدة منها، وتحفظ الإنسان إنسانيته وحقه في وطن آمنا ومستقرا ديمقراطيا..  قام المجرم آرثر جيمس بلفور  وبهدف كسب الرأسمالية الصهيونية في العالم وبريطانيا تحديدا بإعطاء وعدا للصهاينة وعلى رأسهم حاييم وايزمان  الذي كان له الدور الأكبر في انتزاع ذلك الوعد كما قاله في مذكراته ألشخصيته  ( التجربة والخطأ) وكان ذلك من غرائب وعجائب التاريخ أن يأتي محتل مستعمر ليحتل وطنا رأى بنفسه كم دفع أبناؤه في مقاومته ، وعندما أنهكته الحروب قام بتسليمه  للحركة الصهيوني وهي حركة سياسية ارتدت العباءة اليهودية وتاجرت باسم الدين اليهودي رغم أن هناك صهاينة من الأمم الأخرى بما في ذلك العرب  وكل من تواطأوا مع المشروع الصهيوني وساهموا  في إخراجه من العدم على حساب شعبنا وامتنا.

ولكن الملفت للانتباه هذا العام الاحتفال البريطاني المبالغ به في ذكرى الوعد المشؤوم وصاحبه وما صرحت به رئيسه وزراء بريطانيا ألسيده تيريزا ماي وعبرت عن اعتزازها بالوعد وصاحبه الأمر الذي ينفي كل حياد بريطاني ويشكك حتى بالكتاب الأبيض الذي أصدرته بعد انتهاء انتدابها   وتسليم  78% من أرض فلسطين التاريخية  للصهاينة  لينشئوا عليها دولتهم المزعومة التي لولا دعم الشيطان البريطاني والفرنسي وبعده الأمريكي لن تقوم لها قائمة فقد ولد هذا الكيان ليكون دوره وظيفيا لخدمة المصالح الغربية وعلى رأسها ما يسميه شيرشل مصالح الأمم الناطقة بالانجليزية مشيرا لذلك  لبريطانيا وأمريكا بشكل خاص .

الاحتفال البريطاني اليوم بذكرى الوعد المشؤوم يكذب كما أسلفت كل المزاعم البريطانية بالحياد وإنها كانت خيار الدولتين كما أكد وعد السافل بلفور وما كان ليتحقق لولا نتائج الحرب العالمية الأولى وللأسف مساعدة الحلفاء وعلى رأسها بريطانيا من قبل بعض العرب  ضد دول المحور وعلى رأسها ألمانيا وايطاليا وتركيا وقد كشفت تلك الحرب المأساة أن خيار الدول  يقوم على المصالح لا على المبادئ فما الذي جمع تركيا العثمانية مع ألمانيا النازية وايطاليا الفاشية  ، ومن جعل بعض القادة العرب  يتحالفوا مع بريطانيا التي كانت الهيمنة الصهيونية واضحة على سياستها الخارجية ولكنها المصالح  والسلطة .

إن وعد بلفور الشهير حادثة من أبشع وأسوأ الحوادث التاريخية لكونه حالة لم تتكرر في التاريخ البشري بأن يقوم محتل  بإعطاء الوطن الذي احتله بالقوة لعصابات مجرمة أقامت كيانا على حساب شعب آخر بريء لا ذنب له  .

ولا بد من اليوم الذي يأتي وتتم فيه تصفية تلك الجريمة وإعادة العصابات التي أدخلت لوطننا وأمتنا في غفلة من الزمن إلى بلادها، وأن يعود الحق لأصحابه رغم كل مظاهر القوة لهذا الكيان ولكنها قوة على رمال متحركة لا تدعمها الحقائق على الأرض .

إن هذا الكيان المجرم كما يقول الكثير من مؤرخيه فكرة ولدت مشوهة وحملت مع ولادتها عوامل فنائها كما قال كارل ماركس ، وما الغطرسة الصهيونية اليوم وفشلها وحتى هزيمتها في لبنان وغزه رغم القوة التي تمتلكها إلا  دليل على ما نقول .

رحم الله زعيم الأمة العربية  وفارسها الخالد جمال عبد الناصر حين قال في رسالته التاريخية للرئيس الأمريكي جون كيندي يصف به  وعد بلفور المشئوم  (أعطى من لا يملك لمن لا يستحق)  ولا عزاء للصامتين .

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى