نكسة قومية.. استقالة “حسيب” من رئاسة مركز دراسات الوحدة العربية

وافق مجلس الأمناء واللجنة التنفيذية في مركز “دراسات الوحدة العربية” في بيروت، رسميا على استقالة الرئيس السابق للمركز الدكتور خير الدين حسيب.

وجرى قبول الاستقالة أمس الاول الأحد من جميع المرجعيات الإدارية والمالية في المركز، على ان يكتب حسيب في العدد المقبل من مجلة “المستقبل العربي” مقالة يعلن فيها الاستقالة رسميا.

كما أعلن خير الدين حسيب الاستقالة ايضا من عضوية “المؤتمر القومي العربي” واعتزاله العمل العام.

وذكر معن بشور، الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي، في تصريحات له امس الاثنين، أن حسيب قرر اعتزال العمل العام والانصراف لكتابة مذكراته “المليئة بالتجارب في العراق، قبل خروجه منه في اوائل السبعينات، او في الأمة بعد استقراره في لبنان الذي لم يغادره في أصعب الايام التي مر بها”.

ورأى بشور أن الأثر الذي سيتركه حسيب يبقى كبيرا على كل صعيد.

وكانت اللجنة التنفيذية لـ “مركز دراسات الوحدة العربية”، قد عقدت في 15 أيلول الماضي جلسة بحضور حسيب، وتم التوافق على تخلّي خير الدين حسيب عن كل مسؤولياته في المركز، وأن تواصل الفلسطينية الدكتورة لونا أبو سويرح إدارة المركز، وهي التي تولت هذه المهمة في أيار الماضي.

والدكتور خير الدين حسيب مفكر قومي عربي من العراق. يشغل منصب المدير العام لمركز دراسات الوحدة العربية منذ أنشأه في بيروت سنة 1975.

ولد حسيب في مدينة الموصل في آب 1929، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج البريطانية في المالية العامة، حيث عمل محاضرا في جامعة بغداد في الستينيات والسبعينيات. وشغل بعدها منصب محافظ البنك المركزي العراقي بدرجة وزير، وأصبح في نفس الوقت رئيسا للمؤسسة الاقتصادية العامة في العراق، التي أشرفت على جميع الانشطة الاقتصادية بعد تأميم المشاريع الكبرى. وكان وراء دراسة اعتمدت كأساس في عملية تأميم النفط بالعراق.

عاصر الرجل تطورات سياسية مهمة في العراق، بدأت بإطاحة نوري السعيد والنظام الملكي عام 1958، وتولي عبد الكريم قاسم رئاسة وزراء أول جمهورية، وما تلا ذلك من صراعات بين البعثيين والشيوعيين والقوميين، والمعادين للتجربة الناصرية.

تعرض حسيب للاعتقال عام 1968، وبعدها شد الرحال عام 1974 إلى بيروت، حيث عُرضت عليه وظيفة في اللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة، وشارك في تأسيس “مركز دراسات الوحدة العربية”.

ويعتبر “مركز دراسات الوحدة العربية” واحداً من خمسة مراكز عالمية يعنى بالدراسات المستقبلية وهو يغطي الدراسات في المنطقة العربية.

تأسس المركز عام 1975 على أيدي نخبة من المفكرين القوميين العرب، وفي عام 2000 تمّ تصنيفه على أنه منظمة دولية.

لا يتبع أية جهة حكومية أو أي تنظيم سياسي أو حزبي، فهو مركز مستقل يعنى بالدراسات ذات العلاقة المباشرة بقضايا الوحدة العربية.

تخضع جميع منشورات المركز من الكتب والمجلات إلى نظام صارم في التحكيم، ولا تقبل إلا الدراسات العلمية المعمّقة في موضوع الكتاب أو البحث المراد نشره، ضمن شروط يرتئيها المركز.

يصدر المركز سنوياً ما يقرب من 50 كتاباً، ومن أبرز المجلات التي يصدرها المركز: مجلة المستقبل العربي، ومجلة إضافات (المجلة العربية لعلم الاجتماع)، ومجلة بحوث اقتصادية عربية، والمجلة العربية للعلوم السياسية.

يتألف الهيكل التنظيمي لمركز دراسات الوحدة العربية من ثلاث هيئات هي: مجلس الأمناء، واللجنة التنفيذية، والجهاز الإداري.

وقام خير الدين حسيب بإنشاء منظمة “المؤتمر القومي العربي”، منذ عام 1990، الذي أصبح يضم اليوم قرابة 800 عضو من نخبة من المثقفين العرب، بمن فيهم المفكرون والكتاب وكبار السياسيين المخضرمين، ومنهم رؤساء دول وحكومات ووزراء ونواب سابقين. وقد شغل منصب أمينه العام في السنوات الأولى بعد إنشائه.

كذلك كان له دور فعال في المؤتمر القومي ـ الإسلامي، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، المنظمة العربية للترجمة، المنظمة العربية لمكافحة الفساد.

ولهذا فقد فوجئت الأوساط السياسية والإعلامية العربية بإعلان حسيب، استقالته من مركز دراسات الوحدة العربية ، ورئاسة مجلس امنائه ودعوته للامانه العامة اختيار رئيس جديد يتحمل المسؤولية من بعده.

وتحدث الدكتور حسيب عن حصار خانق تعرض له المركز، ومؤامرات عديدة من عدة جهات تحارب المشروع النهضوي العربي دون ان يسميها، وبرر عزمه الاستقالة من إدارة المركز الى رغبته في التفرغ لكتابة مذكراته التي نشر بعض فصولها في مجلة “المستقبل العربي”.

وقالت بعض المصادر المقربة من حسيب، ان الضائقة المالية الحادة التي يعيشها مركز دراسات الوحدة العربية قد بلغت درجة من الصعوبة بحيث لم يستطع إيجاد أي حلول لها بسبب عدم تجاوب المتبرعين لنداءاته واتصالاته.

وذكرت مصادر مقربة من الدكتور حسيب انه باع بيته في بغداد من اجل الانفاق على المركز، وتسديد بعض ديونه، ولكن الازمة استمرت، وكانت الحلول مؤقتة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى