“ليالي القدس”.. زفّة تراثية لنشر الفرح في شوارع زهرة المدائن

لم تكن زفّة عريس فقط، بل كانت عُرساً لمدينة القدس وأهلها الذين يعيشون كلّ يوم مع ويلات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يُطبق الخناق على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية بشكل مستمر.

فمن وسط مدينة القدس، وتحديداً من شارع صلاح الدين، خرجت الفرق الموسيقية برفقة عشرات المواطنين المقدسيين وأطفالهم، يلبسون الأثواب المطرّزة والحطّة والعقال والسراويل والطرابيش، ليُشاركوا في “زفّة تراثية رمزية”، وسط دقّ الطبول والدفوف والأغاني التراثية الفلسطينية.

رغم دعوة الناس لحضور افتتاحية مهرجان “القدس للفنون الشعبية” في وقت سابق، إلّا أن العشرات استغربوا هذه الزفّة معتقدين بأنّها حقيقية، وحينما سألوا وعرفوا بأنها “رمزية” لم يتركوا المكان، بل كانوا في غاية الفرح، وشاركوا الحضور بأصواتهم، ومشوا من “شارع صلاح الدين” حتى “شارع الزهراء”، وكأنه عرس للقُدس التي تأملُ الفرح كل يوم.

ليالي القدس

الليلة الأولى من ليالي القدس بدأت أمس الاول الخميس لتُكمل لياليها حتى العشرين من شهر تشرين أول الجاري، وسط تقديم فعاليات عديدة تشتمل على أمسيات موسيقية وعروض مسرحية، ودبكات شعبية، وعروض رقص، وعروض شارع، إضافة إلى سوق الزيتون، والتي تقدّمها شبكة فنون القدس “شفق”.

تقول مراسلة “قدس برس” إن الحدث بدأ بمؤتمر صحافي للمؤسسات المشاركة في فعاليات “ليالي القدس”، بوجود ممثّليها ومدرائها، وهي؛ المسرح الوطني الفلسطيني، مركز يبوس الثقافي، حوش الفن، المعمل، المعهد الوطني الموسيقي.

وبعدها انتقلت جموع المشاركين إلى وسط شارع صلاح الدين للانطلاق بالزفة الفلسطينية متوجهين إلى مركز “يبوس”، حيث تم افتتاح “سوق الزيتون”، وهو عبارة عن معرض للمأكولات الشعبية الفلسطينية، والتطريز، والأعمال اليدوية، وعرض لمنتجات فلسطينية بحتة مثل الزيت والزيتون والزعتر، على أنغام الموسيقى.

شبكة فنون القدس “شفق”

تقول رانيا إلياس، مديرة مركز “يبوس” إن شبكة “شفق” نبعت من مجموعة من المؤسسات الثقافية الفاعلة في مدينة القدس، خاصة في القطاع الثقافي، وممن لديها مراكز أو أماكن مفتوحة وتستقبل جمهورها بشكل دائم، مشيرة إلى أن “هدفها الرئيس التوحّد والتشابك والتنسيق فيما بينها، للتأكيد على الحياة الفلسطينية في القدس، وإعادة هذه المدينة التاريخية لمركزية الفعل السياسي والثقافي”.

وتُضيف أن هذا النشاط المشترك بين المؤسسات الخمس، سيتم من خلاله تقديم 50 فعالية موزعة في شارعيّن حيويّين في القدس هما؛ “صلاح الدين والزهراء، إضافة إلى الباب الجديد (أحد أبواب البلدة القديمة)، وداخل المراكز الثقافية، وبمؤسسات أخرى عديدة، لنقدّم للجمهور الفلسطيني الفن الملتزم، والمستوى الجيد من الموسيقى والفلكور والرسم، وللتأكيد أيضاً على موضوع الأرض”.

وتُشير إلياس إلى أن الفلسطينيين يحتفلون هذا الشهر بيوم التراث الفلسطيني، إضافة إلى الحدث الأكبر وهو موسم قطف الزيتون، وبالتالي نؤكد من خلال برامجنا في “ليالي القدس” سواء من خلال الزفة الفلسطينية، وسوق الزيتون، ومهرجان القدس للفنون الشعبية، وكل الفعاليات، نؤكد على موضوع العودة للأرض والتراث والقومية والحياة الثقافية.

يجب كسر حاجز الخوف

من جهته، يقول مدير مسرح “الحكواتي” عامر خليل إن “ليالي القدس”  مهمة في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها، “والهجمة من قبل الاحتلال والمستوطنين على المدينة المقدّسة، حيث نهدف من خلالها إلى تنشيط الشارع المقدسي، وجعل الناس تخرج من بيوتها إلى الشوارع لتحتفل بالقدس والأرض”.

ويؤكّد لـ”قدس برس” أن المؤسسات الخمس تسعى من خلال شبكة “شفق” وفعالياتها في القدس، إلى إعادة الثقة للناس سواء بأنفسهم وببلادهم وبمؤسساتهم، فأهل المدينة بكافة شرائحهم عاشوا خلال السنوات الأربع الأخيرة الماضية في خوف دائم.

ويُضيف أن ليالي القدس جاءت لتعزيز فكرة أن “البلد بلدنا”، ولا يجوز أن نتركها، وبالتالي علينا كسر حاجز الخوف الذي يعيش بيننا وبين المدينة، كما أن الهدف الأساس هو إحياء الحياة الثقافية، ونأمل أن نرى كل ليلة جميع الناس متواجدين في الشارع محتفلين بـ”ليالي القدس” التي تُناسب كافة الأعمار.

ويُشير إلى أن المقدسيين بحاجة لمثل هذه المهرجانات في كل فترة، وهناك فرق كبيرة بين أن تحضر عرضاً مسرحياً داخل قاعة مُغلقة، وبين حضوره في الشارع لتشعر أن “البلاد كلها لك”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى