احمد زكي يعاني سلسلة من الاحباطات قبل ان يستمتع بلذة النجومية

بعد سطوع نجمه وإقبال المخرجين والمنتجين عليه، وتمني مختلف الفنانين أن يقفوا أمامه، قال بعضهم بحقه إنه غيّر مفهوم «الواد الحبّيب» أو «الدونجوان»، من خلال تجسيده هذه الشخصية، رغم أنه أسمر اللون.

مكانة كبيرة تمتع بها الفنان الراحل أحمد زكي، بعد مسيرة طويلة اتسمت بداياتها بصعوبة بالغة، وهو من تعرض لبعض الممارسات العنصرية، التي حرمته من المشاركة في أعمال فنية، وتسببت في إهانته بشكل لم يكن ليقبله بكل تأكيد في مواقف أخرى.

بعد النجاحات التي حققها الفتى الأسمر، والجوائز التي حازها من واقع الأفلام السينمائية التي شارك فيها، روى في حواراته التليفزيونية بعض المواقف التي كادت تؤثر على مسيرته، وجميعها تعلقت بلون بشرته.

ففي بداية سبعينيات القرن الماضي تحسس أحمد زكي أولى خطواته الفنية، وقتها اختاره المخرج محمد راضي للمشاركة في فيلم «أبناء الصمت»، بينما كان الماكيير محمد عشوب مكلفًا بإعداد الفنانين.

وقت التصوير أنهى «عشوب» عمله وحزم حقائبه تأهبًا للرحيل، لكنه فوجئ بمجيء المخرج محمد راضي وفي يده شاب أسمر، ويروي الماكيير: «الأستاذ محمد راضي دخل عليا وقال لي: (عشوب.. ده أحمد.. أحمد زكي معانا في الفيلم وعامل دور جندي)».

رد فعل «عشوب» كان صادمًا بالنسبة للشاب أحمد زكي، إذ قال الماكيير آنذاك: «لا لا لا ده كويس أوي، ده أسمر، لونه حلو أوي مش محتاج مكياج»، وهو ما برره في برنامج «ممنوع من العرض»: «أنا بتكلم بطبيعتي وكمرهق جدًا وتعبان أوي، إنما هو أخدها بجرح كبير».

الغريب أن أحمد زكي ظل متذكرًا للموقف حتى أثناء تصوير فيلم «أيام السادات»، وقتها التفت إلى «عشوب» وسأله: «إنت عارف أنا ليه متمسك بيك المدة دي كلها؟»، رد عليه الأخير قائلاً: «عشان أنا ماكيير كويس»، ليقاطعه: «لا لا ما تتغرش.. إنت مغرور، إنت جرحتني وشرختني في يوم من الأيام»، ثم وجه حديثه لمن حوله: «أنا عايز أعلمه إن لو في شاب جديد ما يجرحوش».

وبعد فترة قصيرة مر الفتى الأسمر بأزمة أكبر بسبب العنصرية، وكانت بعد اختياره من قِبَل المخرج علي بدرخان للمشاركة في فيلم «الكرنك»، أمام الفنانة سعاد حسني، وبناءً على ذلك الترشيح استعان به المنتجون لعملين آخرين.

بدأ «زكي» الاستعداد لتجسيد شخصية «إسماعيل الشيخ»، إلا أن حلمه بالوقوف أمام سعاد حسني وقتها توقف أمام موزّع الفيلم، ويروي، في حواره مع الإعلامي طارق حبيب: «الموزع لما شاف صورتي قال لهم والله ده شكله وحش.. ده أسود، فالمخرج قال له بس ده هو الشخصية بتاعت الدور، فقال هل هذا يطلع يحب سعاد حسني؟!»، وتابع: «رفضني مش عشان أنا ممثل وحش، رفضني عشان هو ما عجبوش شكلى».

من تبعات هذا الإقصاء استغناء المنتجين عنه بعد استعانتهم به في فيلمين آخرين، بعد أن حل نور الشريف محله في «الكرنك»، أمر بطبيعة الحال أثر على الفنان الراحل بالسلب وقتها، لكن عندما لمع اسمه في الوسط الفني اختلف الوضع: «بعد كده حسيت إنه شيء ولد عندي الإصرار».

اما بعد عام واحد من عرض فيلم «قاهر الظلام»، الذي تناول سيرة عميد الأدب العربي طه حسين، فقد بدأ مسؤولو قطاع التليفزيون في الإعداد لمسلسل يتناول قصة حياته كذلك، ورشحوا للبطولة الفنان محمود ياسين، من واقع تجسيده للشخصية في العمل السينمائي.

وبعد خلافات مع محمود ياسين انتقل التفاوض وقتها إلى الفنان نور الشريف، إلا أنه رد: «محمود ياسين حرقه»، ثم عرضوا الأمر على عزت العلايلي، لكنه أبلغهم: «ده اتعمل»، ليقرروا الاختيار من قائمة الصف الثاني، وكان منها آنذاك أحمد زكي.

بالفعل أخبر المسؤولون الفتى الأسمر بضرورة تصوير المسلسل، أخبروه بحقيقة ما تم مسبقًا، ليوافق الفنان الشاب ويتوجه إلى منزل الدكتور محمد حسن الزيات، وزير الخارجية الأسبق وزوج ابنة الأديب طه حسين.

استقبل «الزيات» أحمد زكي وهو منزعج للغاية حسب رواية الأخير، وقال مستنكرًا: «ده اللي هيعمل طه!!»، وسأل الفنان الراحل بازدراء: «إنت عملت إيه يابني قبل كده؟»، ليتحدث عما فعله محمود ياسين في فيلم «قاهر الظلام»، وهو ما أجبر الفنان الشاب على الصمت.

في نهاية الزيارة وافق «الزيات» على تجسيد أحمد زكي للشخصية دون رغبة منه، ويقول في حوار بعد سنوات من عرض «الأيام»: «كنت متشكك في أداء أحمد زكي للدور»، وسألته المذيعة: «هل ذلك لعدم وجود شبه خلقي»، فرد عليها بالإيجاب.

على الجانب الآخر تعرض «زكي» لهجوم شرس من قبل كثيرين، بعد أن خرج من منزل محمد حسن الزيات، ويروي: «لقيت كل الناس رافضة، وقالوا هو طه حسين كان أسود، هو طه حسين كان مش عارف إيه، الناس كانت بتشوشر عليا».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى