مذكرات عمرو موسى زائفة وتثبت انه صاحب اقنعة وليس قناعات

عاد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى بثوب جديد وهو كتابة مذكراته. وفور نشر الجزء الأول منها أثارت جدلا واسعا وهجوما كبيرا على الرجل بسبب انتقاده لشخصيات بارزة وسرد حكايات ومواقف تتناقض وتتعارض مع عدد كبير من مواقفه المعلنة.

وشكّلت القضية الليبية أكثر الملفات تناقضا لدى موسى، إذ تسببت مواقفه وسلبية الجامعة العربية في تسهيل تدخل حلف الناتو لضرب ليبيا. واتهم موسى القذافي بضرب شعبه بالطائرات والصواريخ في الميادين ودعا لتدخل دولي لإنقاذ الشعب الليبي، وهي المهمة التي أدت لتعزيز الفوضى وتنامي الميليشيات التكفيرية في ليبيا، قبل أن تعود الجامعة العربية للمطالبة بالوقف الفوري للعنف وعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية.

وجددت المذكرات التي طرحها موسى الجدل عن علاقته بقطر قبل الترشح لرئاسة الجمهورية عام 2012 وبعده. ورغم العلاقة الوثيقة مع الدوحة وإفساح المجال لها للتلاعب بكثير من القضايا التي طرحت على الجامعة وثبوت الاتهامات الموجهة لقطر بالإرهاب ودعم التنظيمات المتطرفة، إلا أن الأمين العام السابق ظلّ على موقفه الأثير وهو المناورة.

وكانت علاقته بقطر محلّ نقاش خاصة أن موسى تعرّض لاتهامات بفتح الباب على مصراعيه لقطر لفرض نفوذها داخل الجامعة. ويتّضح ذلك في ما ذكره عن وجود تعاون كبير بينه وبين الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري آنذاك. وقال موسى “في الواقع يجمعنا ودّ متبادل فأنا أقدّره شخصيا، وأقدّر كفاءته ونشاطه وانفتاحه وأداعبه دوما بقولي: كفاك جمعا للثروة. فيقول لي: أريد أن أصبح أغنى رجل في العالم العربي”.

وسألت -والكلام أيضا نقلا عن مذكرات موسى- الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة: هل أكمل الشيخ حمد بن جاسم المليار، أم لا؟ فضحك الرجل وقال: لن يرتاح له بال ابن الـ… إلا إذا أصبح أغنى ثري عربي”.

وفي جزء آخر في الكتاب يحكي موسى عن قوة ومتانة العلاقة بينه وبين قادة قطر، إذ يقول إنه “عندما قال لأمير قطر إن الدوحة تمتلك عناصر القوة الناعمة (المال، الغاز، وقناة الجزيرة)، وأنت يا سموّ الأمير وكذلك الشيخ حمد بن جاسم، لا يشق لكما غبار، ونظر له الأمير بسعادة وانتشاء قائلا صدقت”.

وتكررت مواقف موسى المتناقضة، وهذه المرة بخصوص ما يجري في اليمن عندما وصف الرئيس السابق علي عبدالله صالح بأنه “شخصية رئاسية عربية تجمع بين لطف الشخصية وذكاء الفطرة وخبث التفكير”، لكنه عاد وهاجم صالح أثناء تشكيل التحالف العربي في اليمن قائلا إنه رجل “غريب وعجيب وأرعن”.

واشتهر موسى خلال فترة تولّيه الخارجية المصرية بالعداء مع إسرائيل رغم عدم وجود مواقف واضحة لشكل العداء، وكتب فصلا كاملا في مذكراته يتحدث عن إشادته بالرئيس المصري الأسبق أنور السادات لنجاحه في تحقيق السلام مع إسرائيل.

وقدم موسى نفسه في هذا المذكرات على أنه قائد ملف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل. وبرز وكأنه المسؤول المصري الوحيد الذي يدافع عن حقوق الفلسطينيين ويهاجم إسرائيل، ومع أنه كان معلوما حين تولّى موسى الخارجية المصرية أن ملفات بعينها مثل الملف الفلسطيني والليبي في يد المخابرات المصرية وحدها، غير أنه تعامل خلال سرده على أن تلك الواقعة ليست صحيحة.

وتتناقض أحاديث موسى في كتابه عن دوره الفعال في الملف الفلسطيني مع خطاب ألقاه منذ سبعة أشهر بمعهد العالم العربي بباريس، بمناسبة الذكرى الثانية والسبعين لتأسيس الجامعة العربية، قال فيه “إن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية انتهت بمكسب كامل لإسرائيل، وخسارة كاملة للجانب العربي والفلسطيني”.

ويحمل متابعون للشأن المصري موسى مسؤولية فشل المفاوضات مع إسرائيل في العقود الماضية، لكن يحمّله أغلبهم المسؤولية بعد أن انخفضت وتيرة النقد حيال إسرائيل بسبب ضعف موقف الخارجية المصرية في عهده.

ومع اندلاع ثورة الـ25 من يناير 2011 سارع موسى باستقبال شباب الثورة والنشطاء في جامعة الدول العربية واصفها إياهم بـ”الزعماء”، ومتخليا بسهولة عن نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي لم يتوان سابقا ولو لحظة في تأييده ودعمه.

ويتعرض موسى دائما لاتهامات بأنه صاحب الألف وجه، لأنّ قراراته وآراءه تتغير مع تغير المواقف والأزمنة، وهو ما عبّرت عنه زوجة الرئيس المصري الأسبق جيهان السادات، قائلة “أستغرب بشدة موقف شخص مثل عمرو موسى الذي تحوّل 180 درجة، وأخذ يُعدّد مساوئ النظام السابق وفساده، وأنا أسأله أين كنت يا موسى منذ 30 عاماً؟”.

وبدأت أصعب مراحل الهجوم على موسى عندما أثارت مذكراته الجدل الواسع بعد أن هاجم الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر الذي تحدث فيها عن أكذوبة تقشف عبدالناصر قائلا “إنه كان يستورد غذاءه الخاص من أوروبا”.

ومع أن موسى عاد وعلّق في أحد اللقاءات التلفزيونية أنه لم يكن يعرف بالضبط إذا كان ما يستورده عبدالناصر أطعمة أم مجرد أدوية، لكن البعض ربط بين العداء الذي تحدث به موسى عن عبدالناصر وزواج ابنته (موسى) ومديرة أعماله لفترة بحفيد عبدالناصر أحمد أشرف مروان، والذي لم يستمر طويلا وانتهى بالانفصال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى