اسرائيل هي المستفيد الاول من اقامة دويلة كردية بشمال العراق

لعل احلام البعض من الاكراد المتصهينين في اقامة كيان وظيفي كردي شمال العراق سيكون الوجه الاخر للكيان الوظيفي الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة عام 1948.

وهذا بالمناسبة ليس صدفة او خياراً كردياً بقدر ما هو توجهاً صهيونياً, اولاً للإخلال بموازين القوى الجغرافية والديمغرافية في المنطقة بشكل عام على سورية والعراق بشكل خاص؛ لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه العصابات الوهابية التكفيرية من القاعدة واخواتها الدواعش التي حاولت تقسيم المنطقة وتفكيكها وفرض سايكس- بيكو جديدة عليها ولكن بمفاهيم ومقاييس صهيوامريكية.

وليس خافياً على احد ان العلاقة بين بعض الاحزاب والرموز الكردية والكيان الصهيوني هي في الحقيقة قديمة جديدة وقد وصفها موقع ” ذي امريكان انتريست ” بالعلاقة المنفعية الغير متكافئة بين امتين تمثلان اقلية في الشرق الاوسط وهذه بصراحة سياسة قديمة جديدة اسس لها مبكراً كبير المجرمين الصهاينة ” ديفيد بن غوريون “الذي قال ” أن أي عدو للعرب هو حليف محتمل لدولة اسرائيل .”

اما العلاقة الغير متكافئة بين الطرفين تعني ان العلاقة بين كيان صهيوني وظيفي مصطنع محتل للأرض العربية الفلسطينية قائم مع اقلية كردية شمال العراق وقد تتطور مع الاقليات الكردية في المنطقة المجاورة من سورية الى تركيا وايران وهذا التفسير الاقرب للواقع .

وفي تقرير مفصل كتبته ” أوفرا بنغيو ” الأكاديمية الصهيونية في نفس الموقع ان القيادات الصهيونية على مر السنوات السابقة كانت وما زالت داعمة لتأسيس دويلة كردية في المنطقة وليس شمال العراق فقط وهذه الصهيونية بينغيو من انصار قيام دويلة كردية انفصالية شمال العراق في الدولة العراقية .

ولعل ابرز المواقف ما عبرت عنه صراحة ما تسمى وزيرة العدل الصهيونية ” ايليت شاكيد ” التي دعت في كانون الثاني الماضي لإقامة دولة مستقلة للأكراد وطالبت الطرفين الصهيوني والكردي لضرورة تعزيز العلاقة بينها .

وفي هذا السياق يتساءل البعض لماذا هذا التحرك الصهيوني الداعم لإقامة دويلة كردية في المنطقة في هذه الظروف وخاصة بعد تحرك رئيس اقليم كردستان العراق للاستفتاء المزعوم على اقامة دويلة شمال العراق والانفصال عن الوطن الام العراق .

وهذا التحرك المشبوه في هذه الظروف العربية الصعبة يعود بصراحة لأسباب ذاتية وموضوعية اهمها ما تعرضت له المنطقة من اضطرابات وخاصة سورية والعراق بعد ما يسمى” بالربيع العربي ” المزعوم واعلان الحرب الكونية على سورية بدعم ومساندة تحالف الشر الغربي بقيادة العدو الصهيوامريكي وتمويل وتسليح الانظمة العربية والاسلامية المتصهينة وفي مقدمتها النظام الوهابي التكفيري السعودي والنظام القطري والتركي الذي اسس لتنفيذ هذه المهمة القذرة من خلال عصابات القاعدة واخواتها من دواعش العصر القتلة التي تعمدت تعميم ثقافة الفتنة الطائفية والمذهبية والعرقية العنصرية التي اجتاحت بعض الاراضي في العراق وسورية بما فيها بعض المناطق الكردية وخاصة في اقليم كردستان شمال العراق من ناحية سنجار بعدما اجتاحت عصابات داعش الموصل وسيطرت عليها سارعت قوات البشمركة الكردية إلى بسط سيطرتها على مدينة كركوك، وأعلنت قيادة الإقليم أنه تم تطبيق المادة 140 الخاصة بمستقبل كركوك وقتها اتهم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الأكراد بالتآمر مع داعش في الموصل تمهيدا لتقسيم العراق.

وبالرغم من ذلك ساهمت البشمركة في مواجهة الدواعش الى جانب الجيش العراقي والحشد الشعبي ولكن بدعم ومساندة تحالف الشر الغربي بقيادة العدو الصهيوامريكي الذي استثمر وجود العصابات الوهابية التكفيرية ليعيد تواجده العسكري شمال العراق من البوابة الكردية بحجة مواجهة التمدد الداعشي لكن الحقيقة تؤكد غير ذلك ولم يستبعد كثيرون أن يكون الهدف الأميركي الحقيقي من التدخل السريع في الأحداث هو توجيه ضربة للنفوذ الإيراني في العراق وتشكيل جسر جديد للمزيد من التعاون العسكري مع بغداد وأربيل، ليس للقضاء على داعش في العراق فحسب بل بما يمهد لسياسة عراقية مختلفة تجاه الأزمة السورية وقد ترافق التحرك الامريكي الغربي مع الاهتمام الصهيوني بالاقليم الكردستاني وبعض اكراد شمال سورية وقد وصف معلق الشؤون العسكرية الصهيونية “آلون بن ديفيد” هؤلاء  ” بحليف الاحلام لإسرائيل ” في مقالة نشرته صحيفة معاريف الصهيونية بتاريخ 30 / 6 / 2015 ليختصر العلاقة المميزة والتاريخية بين كيانه الصهيوني وبعض القيادات الكردية شمال العراق التي تسعى للتحول الى دويلة منفصلة عن العراق من خلال لعبة الاستفتاء المزعوم المقرر في الخامس والعشرين من هذا الشهر وفي مقدمتهم مسعود البرزاني رئيس الاقليم .

وفي نفس السياق اعلن رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني نتنياهو يوم الاربعاء الماضي تأييده لإقامة دويلة كردية شمال العراق وهذا الموقف ليس جديدا بل تبناه منذ العام 2014.

ولم يكتف بذلك بل طالب ما يسمى الرئيس الصهيوني آنذاك المجرم شمعون بيريز في حزيران من ذلك العام الضغط على الرئيس الامريكي باراك اوباما لتغيير موقف الادارة الامريكية من استقلال كردستان العراق ومباركته والاعتراف به كدولة منفصلة عن العراق ولم يدخر وزير الخارجية الصهيوني في تلك المرحلة  افيغدر ليبرمان التواصل مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري والالحاح عليه على تغيير موقف الادارة الامريكية من استقلال كردستان على قاعدة ان العراق مقسم عمليا .

وهذا بصراحة يعود لعدة اسباب سياسية واقتصادية وامنية من اهمها ان قيام دويلة كردية سيخترق حدود الدول المجاورة للعراق والمعادية للكيان الصهيوني من ايران الى تركيا وسورية وهذا ليس جديدا على الكيان الصهيوني بل يعود الى ستينيات القرن العشرين عندما تبنى رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني ” ديفيد بن غوريون ” نظرية ما يسمى ” بالطوق الثالث ” او ” تحالف الاقليات ” في المنطقة التي كان يقصد بها بشكل اساسي اليهود الاكراد في شمال العراق لتشكل نواة لبناء دويلة كردية اكبر من شمال العراق الى شمال سورية وشرق تركيا وصولا للشمال الغربي من ايران وهذا يعني اقامة تحالف استراتيجي صهيوني كردي ينهي عزلة الكيان الصهيوني ويزيد من هامش المناورة الصهيونية على الصعيد الاقليمي وخاصة انهاء خطر الجبهة الشرقية بعد تقسيم العراق وسورية كما يحلمون بالإضافة لتهديد ايران  بشكل مباشر على حدودها, كما قال رئيس مجلس الامن القومي الصهيوني وقائد شعبة المخابرات العسكرية الاسبق الجنرال عوزي ديان الذي قال  ان كيانه الصهيوني حّول اقليم كردستان لقاعدة استخباراتية لتشكيل الخلايا السرية لتنفيذ مهام تخريبية واستخباراتية ضد منشاة حيوية ايرانية  وتصفية شخصيات مهمة كالعلماء النوويين في ايران وهناك عدة مجموعات تم كشفها والقاء القبض على عناصرها اعترفت بتعاملها مع اجهزة الاستخبارات الصهيونية ” الموساد ” .

وقد كشف نائب رئيس جهاز الشاباك الصهيوني الاسبق نحيك نفوت في مذكراته الصادرة عام 2015 ان جهاز المخابرات الصهيوني الموساد يعمل على تدريب وتسليح المقاتلين الاكراد بقيادة مصطفى البرزاني, كما اعترف بالدور القذر الذي لعبه بعض المسؤولين الاكراد في مساعدة الكيان الصهيوني في نقل معظم اليهود العراقيين الى الكيان الصهيوني عام 1969 عن طريق ايران قبل انتصار الثورة الشعبية الايرانية بقيادة الامام الراحل الخميني .

ومن جانب اخر كشفت صحيفة نيوزويك الامريكية ان وسائل اعلام تركية سربت خبر صفقة بين بعض الشخصيات الكردية والاستخبارات الصهيونية لنقل 200000  مائتي الف صهيوني من اصل كردي الى اقليم كردستان لتوطينهم مقابل دعم سلطات الاحتلال الصهيوني استقلال كردستان وانفصالها عن الوطن الام العراق, واوضحت نفس الصحيفة الامريكية ان بعض التقارير التي ظهرت يوم الاربعاء الماضي في بعض الصحف التركية اكدت ان مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان وافق على توطين 200000 مائتي الف صهيوني من اصل كردي في كردستان العراق مقابل صفقة سرية مع نتنياهو تقضي بالتزامه الاعتراف باستقلال الاقليم الكردستاني من خلال تمرير الاستفتاء المزمع اقامته في الخامس والعشرين من هذا الشهر .

وأشارت مجلة نيوزويك الامريكية على التعاون الاعلامي بعد انتشار مجلة “كردية إسرائيلية” وقالت إنها تلقى رواجاً في إقليم كردستان العراق لافتةً إلى أنها ظهرت للمرة الأولى عام 2009.

اما العلاقات الاقتصادية فحدث ولا حرج وقد كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية في شهر اب من العام 2015 في تقرير لها ان 75% من واردات الكيان الصهيوني من النفط العراقي المنهوب تصل من كردستان العراق الى الكيان الصهيوني وهذا ما يكشف حجم التعاون الصهيوني الكردي في نهب ثروات العراق النفطية وبيعها للعدو الصهيوني بأسعار مخفضة .

وفي الحقيقة لا يقتصر الدعم الصهيوني لإقليم كردستان على شراء النفط بل يتعداه إلى تعاون اقتصادي كبير كشفت صحيفة “معاريف” الصهيونية عنه في عددها الصادر بتاريخ 19 تشرين الثاني 2014 , وقالت أن شركات ” إسرائيلية ” تستحوذ على الكثير من الاستثمارات داخل كردستان وخاصة  في مجال الطاقة والإنشاءات والاتصالات والاستشارات الأمنية.

وقد اكدت الصحيفة  أن جميع الشركات الصهيونية العاملة في الإقليم يديرها جنرالات احتياط خدموا في الجيش والاستخبارات على رأسهم الجنرال داني ياتوم الرئيس الأسبق لجهاز “الموساد”.

لا شك ان مراجعة تاريخ الكيان الصهيوني ككيان وظيفي في المنطقة لخدمة المصالح الاستعمارية من اهم اولوياته اضعاف الاخرين ضمن الجغرافية السياسية الاهم بالنسبة له والعمل على تفكيكها وخاصة سورية والعراق التي تعتبر اليوم من اهم دول محور المقاومة والصمود التي تصنع اهم الانتصارات في مواجهة الارهاب والارهابيين, وفي مقدمتهم الدواعش وتحطيم كل المشاريع والمخططات الصهيوامريكية وفي مقدمتها ما يسمى النظام الشرق اوسطي الكبير بالتعاون مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين لكن ما يثير بعض التساؤلات هو العلاقة الحميمة بين النظام التركي بقيادة اردوغان والكيان الصهيوني الداعم لبعض الاحزاب الكردية التي تعتبرها تركيا منظمات ارهابية وترفض بقوة الاستفتاء شمال العراق واقامة دويلة كردية بدعم ومساندة العدو الصهيوني .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى