بيريز يصف عمرو موسى بالمجنون لانه طلب زيارة مفاعل ديمونا

 

قبيل رحيله في نهاية ايلول 2016 استكمل شيمون بيريز, رئيس إسرائيل السابق تأليف كتاب مذكرات جديد، سلط فيه الضوء على بناء مشروعها النووي في ديمونا، الذي يعتبر هو مؤسسه المركزي، وفيه يزعم أن دولا عربية تخلت عن فكرة إبادتها وشجع مصر لتوقيع اتفاق سلام.

ويقول بيريز في الكتاب الصادر هذا الأسبوع بطبعته الإنكليزية إنه بادر لبناء مفاعل ديمونا، الذي لا تقر ولا تنفي إسرائيل حقيقة تصنيع أسلحة نووية فيه، إنه بادر لبنائه تنفيذا لقسم وعد به جده بأن يعمل على تأمين وجود الإسرائيليين كشعب من خلال حيازة « قوة نووية رادعة».

وينوه الكتاب (بيريز ـ أن تحلم حلما كبيرا) أن بن غوريون هو صاحب الفكرة، أما التطبيق فأوكلت مهمته لعدة علماء وشيمون بيريز مدير عام وزارة الأمن وقتها في مطلع خمسينيات القرن الماضي، حيث كان المسؤول عن «المشروع السري الطموح».

ويشير بيريز لاتصالات مضنية أجراها مع مسؤولين في فرنسا التي زودت إسرائيل بالمفاعل النووي، بعدما جند ميزانيات كبيرة من متبرعين يهود في العالم. ويقول إن المشروع اصطدم بمصاعب جمة خارجية وداخلية، ويلفت إلى أن غولدا مئير التي صارت رئيسة حكومة لاحقا قد عارضته خوفا من تردي العلاقات مع الولايات المتحدة التي عارضته. أما رئيس الموساد وقتذاك إيسار هارئيل فقد خشي من رد سوفييتي، فيما خشي رئيس لجنة الخارجية والأمن من كلفته الباهظة التي من شأنها «أن تترك إسرائيل بلا خبز وأرز».

وتابع «بدت هذه مهمة غير ممكنة في ظل هذا التشكيك الكبير وعدم وجود مهندسين ولا ميزانية كافية، وفقدان دعم المؤسسة الأمنية ولا المعارضة ولم يكن بيدنا سوى وعد من فرنسا بالمساعدة».

ويكشف إنه وبن غوريون توجها لأصدقاء في العالم برسائل سرية للغاية، وتم تجنيد ميزانية أولية كافية للانطلاق في بناء المفاعل وتحت إشراف الجنرال عمنوئيل فرات الذي اجتاز استكمالا خاصا في فرنسا لهذا الغرض.

ويزعم أنه رغم أن المفاعل النووي في ديمونا قد حفز أعداء إسرائيل على المزيد من الطموح بتدميرها، لكنه سرعان ما زعزع إيمانهم بالقدرة عليها. ويضيف «مع الوقت فهمنا كم هناك قوة كامنة في سياستنا الضبابية حول ديمونا. منذ سبعينيات القرن المنصرم عرف الزعماء العرب بحيازتنا للسلاح النووي وقد عوضوا معلوماتهم الناقصة بالشائعات، ومن جهتنا لم نقم بما يؤجج شكوكهم ولا بتبديدها، وبعدما أدركوا أن بيدنا سلاحا نوويا غادروا طموحاتهم بإبادتنا، فالشك رادع كبير لمن رغبوا بمحرقة ثانية».

ويقول إن سوريا ومصر امتنعتا خلال حرب 1973 عن مهاجمة مدن إسرائيلية رغم قدرتهما بسبب خوفهما من السلاح النووي. ويقول إن السادات اعترف بذلك لاحقا. ويضيف «بل إن السلاح النووي الرادع فتح الباب أمام السلام مع دول عربية هامة، وكان الموضوع الأول الذي تحدث به السادات معنا عام 1977 حول ديمونا، ولاحقا رد على منتقديه بالقول إن بديل السلام مرعب».

ويكشف بيريز أنه خلال زيارته للقاهرة في 1995 التقى بعمرو موسى، وزير خارجية مصر، فبادره بالسؤال قائلا: شمعون نحن أصدقاء، فلماذا لا تعطيني فرصة لزيارة ديمونا، وأقسم لك بأن لا أروي لأحد. عندها أجبته: أنت يا عمرو مجنون. لو جئت بك لديمونا وتوقفت عن القلق ستكون هذه كارثة لأننا نرغب بأن يستمر القلق فهذه قوة ردعنا».

ويحتوي الكتاب تفاصيل قضايا متنوعة منها زيارة سرية قام به بيريز للأردن، حيث وصل لقصر رغدان في عمان في نوفمبر 1993 برفقة اثنين من مساعديه وهو متنكر بطريقة تحجب هويته الحقيقية من خلال شارب اصطناعي، معتمرا قبعة، والتقى العاهل الأردني الراحل الملك حسين. «في تلك الأيام لم تتشكل بعد علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وبين الأردن ورسميا كنا لا نزال بحالة حرب».

وكان برفقة بيريز، وزير خارجية إسرائيل وقتها، نائب رئيس الموساد إفرايم هليفي ومدير مكتبه آفي غيل. ويقول بيريز في هذا الشأن «عندما نظرت بالمرآة وشاهدت شاربي الاصطناعي انفجرت بالضحك، وقد تنكرت عندئذ بالنظارة السوداء التي أعطوها لموشيه ديان لإخفاء عينه المصابة وبالقبعة الواسعة التي أعطوها لدافيد بن غوريون لإخفاء شخصيته في تجارب مماثلة».

ولم يفصح الكتاب عن تفاصيل اللقاء في عمان، ويرجح أنه مرتبط بالمداولات السرية التي سبقت توقيع اتفاق السلام مع الأردن.

وفي تلميح صريح لكثرة اللقاءات السرية مع شخصيات عربية يتابع بيريز «خلال مسيرتي السياسية قمنا عدة مرات بالتنكر بأشكال غبية من أجل القيام بأمور اعتقد كثيرون أنها غير ممكنة».

وحسب هذا الكتاب الذي سيصدر بعدة لغات منها العربية, لم يكن هذا اللقاء بين بيريز وبين الملك حسين هو الأول، فقد التقيا خلسة في لندن قبله بسبع سنوات.

وعن هذا اللقاء في رغدان يقول بيريز إنه شعر وكأنه يلتقي مع صديق قديم أشاركه حلما مشتركا حول المستقبل، وبعد عام وتحديدا في (26|10|1994) صار الحلم حقيقة، حيث وقع اسحق رابين والملك حسين وبحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون اتفاقية وادي عربة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى