صح النوم.. الامم المتحدة تستيقظ اخيراً وتدعو لاجراء تحقيق حول الحرب اليمنية

أشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة لحقوق الإنسان امس الثلاثاء إلى أن “الانتهاكات والإساءات لحقوق الإنسان لا تزال مستمرة في اليمن وبلا هوادة، إلى جانب انتهاكات شديدة للقانون الدولي الإنساني، ويقبع المدنيون في ظل معاناة شديدة بسبب كارثة صنعها الإنسان بالكامل”.

ويوثق التقرير منذ أيلول 2014، والذي جاء بتكليف من مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الانتهاكات والإساءات لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والتي جرى ارتكابها على مدى ثلاث سنوات، وفي الفترة المحصورة من آذار 2015، الى 30 آب الماضي، أي الفترة التي بدأ فيها مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإعداد التقارير حول عدد الإصابات بين المدنيين، جرى توثيق مقتل ما لا يقل عن 5.144 شخصاً وجرح أكثر من 8.749 شخصاً.

وشكَّل الأطفال 1.184 شخصاً من أصل الذين قُتلوا و1.592 من أصل أولئك المصابين بجروح. وظلت الغارات الجوية التي نفذها التحالف السبب الرئيسي لإصابات الأطفال وكذلك إجمالي الإصابات التي تعرَّض لها المدنيون. وأفادت التقارير أن حوالي 3.233 شخصاً من المدنيين قُتلوا على يد قوات التحالف.

ويقول التقرير انه “بالإضافة إلى قصف الأسواق والمستشفيات والمدارس والمناطق السكنية وسواها من البنى التحتية العائدة للقطاعين العام والخاص، شهد العام الماضي تنفيذ غارات جوية على تجمعات مجالس العزاء وعلى قوارب صغيرة للمدنيين. وقد انتشرت هذه الأحداث على نطاق واسع”.

ومن أصل 1.702 حالة تجنيد للأطفال استخدموا في الأعمال القتالية، كانت اللجان الشعبية التابعة للحوثيين ووحدات الجيش الموالية للرئيس السابق عبد الله صالح (الحوثيون/قوات صالح) مسؤولة عما نسبته 67 بالمئة.

ورصد مراقبو الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في كثير من الأحيان أطفالاً لا تزيد أعمارهم عن عشر سنوات بملابس عسكرية ومسلحين، وهم يحرسون نقاط تفتيش. كما تبيَّن أيضاً أن الحوثيين/قوات صالح مسؤولون عن ازدياد الاعتقالات العشوائية أو غير القانونية.

ووجد التقرير أن المحافظات الأكثر تضرراً من النزاع كانت عدن والحديدة وصنعاء وتعز.

وأشار التقرير إلى أن الأزمة الإنسانية، التي يحتاج بفعلها حوالي 18.8 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية ويقف بسببها 7.3 ملايين شخص عند حافة الجوع، هي نتيجة مباشرة لسلوك أطراف النزاع، بما في ذلك الهجمات العشوائية والهجمات ضد المدنيين والممتلكات المحمية وعمليات التضييق والحصار والقيود على التنقل.

يقول التقرير: “في حالات عدة، تشير المعلومات التي تمَّ الحصول عليها إلى أنه ربما تمَّ استهداف المدنيين مباشرة أو أن العمليات كانت تُنفَّذ من دون اكتراث للأثر الذي تخلِّفه على المدنيين ومن دون مراعاة لمبادئ حياد للمدنيين والنسبة والتناسب والوقاية أثناء الهجوم. وفي بعض الحالات، أشارت المعلومات إلى أنه لم يتم اتخاذ أي خطوات للحد من أثر العمليات على المدنيين”.

وأضاف: “لقد جرى قصف تعز بلا هوادة، وحتى في وقت لاحق، بقي الأثر الذي تركته هذه الهجمات على المدنيين والممتلكات المدنية واضحاً بالنسبة إلى الأطراف المتورطة في النزاع. ويبدو أن استخدام هذه الأساليب هو انتهاك لحظر الهجمات العشوائية والالتزام بضرورة اتخاذ كل السبل الوقائية المجدية لحماية المدنيين والممتلكات المدنية”.

يضيف التقرير أن استخدام الأسلحة المحرمة لا يزال مستمراً.

ويشدِّد قائلاً إن “الجهود الضئيلة المبذولة للمساءلة عمَّا ارتكب العام الماضي هي غير كافية كلياً للرد على خطورة الانتهاكات والإساءات التي تتواصل يومياً في اليمن”.

ويلفت التقرير الانتباه إلى أن اللجنة الوطنية التي أنشئت بغرض التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان الحاصلة في اليمن لا تعتبر حيادية. وفي غياب الاعتراف بها من قبل جميع الأطراف المنخرطة في النزاع، فإن اللجنة لا تستطيع أن تقدم تقريراً شاملاً وحيادياً بشأن حالة حقوق الإنسان في اليمن.

وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين قد أشار إلى أنه من الضروري إجراء تحقيق مستقل ودولي بشأن النزاع في اليمن.

وقال: “لقد دعوت مراراً وتكراراً المجتمع الدولي إلى اتخاذ مبادرة، إجراء تحقيق مستقل ودولي بشأن المزاعم المتعلقة بانتهاكات خطيرة جداً لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في اليمن. وإن إجراء تحقيق دولي سيكون مفيداً جداً في إنذار الأطراف المتورطة في النزاع الذي يراقبه المجتمع الدولي وهو مصمم على مساءلة مرتكبي الانتهاكات والإساءات”.

وأضاف المفوض السامي: “إن تحفظ المجتمع الدولي عن طلب العدالة لضحايا النزاع في اليمن لهو أمر مخز، ويساهم بطرق عدة في استمرار الرعب”.

وتابع: “أدعو جميع الأطراف المنخرطة في النزاع، والأشخاص الذين يدعمونهم والأشخاص الذين لديهم تأثير عليهم إلى أن يتحلوا بالرحمة على شعب اليمن، وإلى أن يتخذوا تدابير فورية لضمان الإغاثة الإنسانية للمدنيين والعدالة لضحايا الانتهاكات”.

ولا تزال جهات مسلحة أخرى تستفيد من انعدام الأمن السائد في اليمن. فخلال العام الماضي، عززت بعض الجماعات المتطرفة تواجدها وقامت بأقلمته. وعلى سبيل المثال، بعد إخراج تنظيم القاعدة من مدينة المكلا في محافظة حضرموت في نيسان 2016، بدأ التنظيم ينشط حالياً في مدينة تعز.

ويثير التقرير المخاوف من حدوث عملية واسعة النطاق في الحديدة، من شأنها أن تؤدي إلى وقوع إصابات بالغة بين المدنيين وتزيد من تشريد المدنيين، فضلاً عن الصعوبة في الحصول على السلع الضرورية لبقاء السكان والتي يتم تزويد معظم أنحاء البلاد بها من خلال ميناء الحديدة. ويقول التقرير “لقد خلَّفت عمليات التضييق والحصار التي فرضتها الأطراف المتحاربة أثراً مدمراً على المدنيين، إذ منعتهم من مغادرة المناطق المتضررة بفعل النزاع إلى برِّ الأمان، وعندما يبقون في هذه المناطق، فإنها تمنعهم من الحصول على السلع الضرورية للبقاء”.

ودعا المفوض السامي “جميع الأطراف المنخرطة في النزاع إلى وقف الأعمال القتالية والعمل بحزم باتجاه حل يتم التفاوض بشأنه ويكون دائماً، حتى يعرف شعب اليمن السلام في نهاية المطاف”.

وتقود السعودية تحالفاً عربياً ضد مسلحي جماعة “أنصار الله” (الحوثي)، وقوات موالية للرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، منذ 26 آذار 2015، تقول الرياض إنه “جاء تلبية لطلب الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، لإنهاء الانقلاب وعودة الشرعية في بلاده”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى