تعددت الاساليب والجرائم الارهابية في اوروبا رغم ان المصدر واحد

رغم تمكن السلطات الأمنية الإسبانية من إحباط عدد كبير من المحاولات الإرهابية منذ الهجوم الإرهابي الأكبر الذي شهدته مدريد في عام 2004 إلا أنها لم تتمكن من استباق الهجمات الإرهابية التي شهدها إقليم كتالونيا في 17 آب الماضي، حيث كشف هجوم برشلونة وتوابعه عن مدى قدرة التنظيمات الإرهابية على اختراق إجراءات الأمن المشددة وتنفيذ عمليات إرهابية غير متوقعة، ويعود السبب الرئيسي في ذلك، وفق دراسة كندية حديثة، إلى ثغرة في عملية تحديد مصدر الخطر الإرهابي سببها الرئيسي أن أغلب أجهزة المخابرات ترسم صورة موحدة ونمطية للإرهابيين.

ورغم ان معظم هذه العمليات الإرهابية، التي ضربت في مواقع مختلفة من العالم، وخصوصا دول أوروبية، تحمل سمات مشتركة من حيث طريقة التنفيذ وأيضا من حيث انتماء الأشخاص لنفس التنظيم “داعش”، بالإضافة إلى تصنيف أغلب مرتكبي هذه العلميات ضمن خانة الذئاب المنفرد.. الا ان ذلك لا يعني, وفق دراسة جديدة, أن التركيز على هذه النقاط المشتركة والعمل ضمن هذه الإستراتجية لمواجهة الأعمال الإرهابية وإحباطها يمكن أن يقودا إلى تحقيق الهدف المرجو، بل إن السمات الشخصية وطرق عمل منفذي الاعتداءات الإرهابية تختلف بصورة كبيرة وبالتالي فإن محاولة رسم صورة نموذجية أو نمطية لهم أو لهجماتهم، تعقد أو حتى تربك جهود محاربتهم، وفق خبراء.

وسواء اعتنق منفذي العمليات الإرهابية التطرف منذ فترة طويلة أم لا، دخلوا السجن أم لا، عادوا من جبهات القتال في سوريا والعراق أو لم يعرفوها، يمكن لهؤلاء أن يقتلوا أو يحاولوا تنفيذ اعتداء دموي بسكين منزل أو بسيارة وشاحنة وسلاح ناري وقنبلة صنعوها بأنفسهم أو متفجرات عسكرية. إنهم غالبا أبناء عائلات ممزقة وفقيرة ولكن بعضهم نشأ كذلك في عائلات مُحبة تنتمي إلى الطبقة الوسطى وحتى ميسورة.

“لا يوجد نمط محدد” هو عنوان تقرير وضعه الكندي فيل غورسكي رئيس شركة بورياليس الاستشارية الذي درس ظاهرة التطرف على امتداد ثلاثين سنة لحساب أجهزة الاستخبارات الكندية واعتداء لارامبلا الأخير في برشلونة.

ويشير هذا العنوان إلى مدى تعقيد مهمة أجهزة مكافحة الإرهاب في درء الاعتداءات وبالتالي التدخل قبل حدوثها.

يقول غورسكي في تقريره “اعتقدنا في البدء أن استخدام شاحنة (لدهس المارة وقتل 16 شخصا) كان الخطة الأساسية، ثم علمنا أن الخطة الحقيقية قامت على تفجير قنابل تحتوي على بيروكسيد الاسيتون. ثم حلت شبكة موزعة في عدة مدن محل سائق ينبغي أن يتصرف بمفرده”.

ويلاحظ أن الشباب الذين اعتنقوا التطرف كانوا مندمجين جيدا في مجتمعهم على مختلف الأصعدة ولا شيء في شخصياتهم أو مواقفهم يمكن أن يدعو إلى الاعتقاد بأن لديهم نوايا إجرامية.

ويضيف “عندما يحدث الاعتداء الجديد الخطير سنلاحظ هنا أيضا أن الإرهابيين مختلفون ويأتون من بيئات مختلفة تماما. وهذا يعزز ما قلناه: ليس هناك بتاتا، ولن يكون هناك نمط محدد”.

في تعليقه في اذار على 13 محاولة اعتداء أحبطت في بريطانيا خلال السنوات الأربع الأخيرة، قال مارك راولي، الخبير البريطاني في مكافحة الإرهاب في مجلس قادة الشرطة الوطنية، “لدينا من مختلف الأنواع، من الأبسط إلى الأكثر تعقيدا”.

وأضاف “بعضهم كان أكثر دقة وتطورا في التحضير لخطط لضرب أماكن عامة ومراكز للشرطة أو الجيش مثل تلك التي شهدناها في بلجيكا وفرنسا وغيرهما”.

إن تهديدا بمثل هذا التنوع يمكن كذلك أن يتم من قبل شخص يعاني مرضا ذهنيا ينتقل إلى التنفيذ بدفع من تعدد الاعتداءات وتسليط الإعلام الضوء عليها، ما يعد كابوسا بالنسبة لأجهزة مكافحة الإرهاب التي عليها منع وقوع هذه الاعتداءات.

وفي الختام , ولتفادي الوقوع في فخ التعميم، يقول فيل غورسكي إنه ينبغي البدء بتحديد “الفرادة المطلقة لكل عمل إرهابي. فالبحث عن النقاط المشتركة المفترضة هو عمل غير ملائم بقدر ما هو غير مجد في التكهن بالأعمال العنيفة المتطرفة. نحن مرغمون على التعامل مع كل حدث بصفته حادثا فريدا ودراسة المعلومات المتعلقة به فقط وتفادي الرغبة الشديدة في الاستنباط منه أنماط اعتداءات أخرى”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى