من انتصار المقاومة بجرود عرسال الى انتصار الفلسطينيين بالاقصى

لا شك ان المعركة المعقدة التي خاضتها المقاومة الوطنية اللبنانية بقيادة حزب الله في جرود عرسال اضافت صفراً جديدا لانتصاراتها في لبنان بشكل خاص ولمحور المقاومة والصمود بشكل عام.

وهذا ما يؤكد تطور قدرات المقاومة على مختلف المستويات العسكرية والامنية والتكنولوجية وخاصة بعد استخدامها للطائرات المسيرة لمراقبة وجمع المعلومات الدقيقة عن تحركات المجموعات الوهابية التكفيرية في هذه المنطقة المعقدة جغرافيا .

وقد تميزت المقاومة ببراعة التنسيق بين وحداتها من جهة, ووحدات الجيش اللبناني والجيش العربي السوري, وقد ترافقت لمعركة العسكرية مع استنفار قدرات المقاومة الاعلامية والحرب النفسية الناجحة التي حطمت معنويات وقدرات المجاميع الارهابية في زمن قياسي وانهزمت تحت ضرباتها, مما ازعج اسيادها في الغرب بقيادة العدو الصهيوامريكي الذي يتخوف من قدرات حزب الله الذي تميز بقتاله على عدة جبهات في آن معا, بالإضافة لمراقبة تحركات جيش الاحتلال الصهيوني على الجبهة اللبنانية الفلسطينية وهذ ما يقلق القيادات العسكرية والامنية الصهيونية التي اصبحت تتخوف بشكل جدي من وجود الحزب على جبهة الجولان من جانب, وتعاظم فعالياتها داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة من جانب اخر, وهذا يعني بصريح العبارة في العلم العسكري ان حزب الله في المرحلة المقبلة سيهدد الكيان الصهيوني المحتل على جبهة تمتد من راس الناقورة اللبنانية على البحر المتوسط القريبة من الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة حتى مثلث الحدود السورية- الفلسطينية- الاردنية .

وقد اعترفت معظم الاوساط العسكرية والامنية الصهيونية والامريكية بقدرات حزب الله المتعاظمة بعدما احرزت انتصارات مهمة على الارهاب والارهابيين على مختلف الجغرافية السورية الى جانب الجيش العربي السوري وكانت هذه الاوساط الصهيونية تراقب تحركات الحزب وتطور قدراته اللوجستية والعسكرية من معركة القصير الى معرك حلب وحماه وتدمر وحمص وليس انتهاء بمعارك ريف دمشق والقنيطرة ودرعا والبادية الصحراوية التي حطمت كل الاحلام والاطماع والمشاريع الصهيوامريكية وخاصة بعد وصول مقاتلي الحزب وجنود الجيش العربي السوري للحدود العراقية السورية والسيطرة على عشرات الكيلو مترات من الحدود بالرغم من التدخل العسكري الامريكي المبار في المنطقة وكان اللقاء الاخوي مع قوات الحشد الشعبي العراقي على الحدود لتؤمن تواصل محور المقاومة من طهران الى بغداد ودمشق وبيروت .

وقد استطاعت قيادة المقاومة بهذه المعركة الحاسمة ان تحقق اهم الانجازات على صعيد الجبهة الداخلية اللبنانية ونجحت بامتياز في خفض التوتر مع الكثير من الاطراف التي كانت ترفض وبشكل قاطع أي عملية عسكرية لتحرير جرود عرسال ولم يكن ترحيب وليد جنبلاط الذي بارك نصر المقاومة وترحم على شهدائها الا نموذجا .

كما اثبتت المقاومة بهذا النصر الكبير حرصها على المدنيين اللبنانيين من ابناء عرسال ومحيطها وعلى مخيمات النازحين السوريين المقيمين في المنطقة وقطعت الطريق على بعض القوى المتسولة على الصعيد الدولي بحجة دعم ومساندة النازحين السوريين في لبنان, كما يحاول سعد الحريري الذي فقد مع أسياده واولياء نعمته في السعودية اهم اوراقهم بعد هذا الانتصار واجراء بعض الترتيبات بين الجيش اللبناني وممثلي النازحين والقيادة السورية لعدتهم الى مدنهم وقراهم التي اصبحت بعد انتصارات الجيش العربي السوري في القلمون اكثر من امنة .

وفي هذا السياق فقد ترافق انتصار المقاومة في لبنان مع انتصار شعبنا الفلسطيني المقاوم في معركة الاقصى بعد العملية الفدائية البطولية التي نفذها ثلاثي ابناء الجبارين في الرابع عشر من شهر تموز الحالي والتي حاولت سلطات الاحتلال الصهيوني استثمارها واغلاق بوابات المسجد الاقصى لأول مرة من احتلال القدس الشرقية عام 1967 .

لكن صمود وصلابة ابناء شعبنا الفلسطيني المقاوم في القدس المحتلة بشكل خاص وفي الاراضي الفلسطينية المحتلة التي زحف ابناء القدس بشكل عام اجبر سلطات الاحتلال الصهيوني على الغاء كل اجراءاته العنصرية التي اتخذها في محيط المسجد الاقصى المبارك التي تستهدف تقسيمه زمانيا ومكانيا الذي يحاول العدو فرضه على المسجد الاقصى بالقوة بعد سياسة الاقتحامات شبه اليومية لقطعانه الاستيطانية للحرم .

وهذا ما يثبت بالدليل القاطع ان المقاومة بكل الاشكال والوسائل وفي مقدمتها الكفاح المسلح هي اقصر الطرق لتحرير الارض ودحر الاحتلال بالرغم من محاولات بعض الانظمة العربية المتصهينة الترويج  لحل القضية الفلسطينية بشكل سلمي كما يزعون وفي مقدمتهم سلطة معازل اوسلو والتنسيق الامني .

وبالرغم من كل الظروف الذاتية والموضوعية الفلسطينية والعربية والاقليمية السيئة استطاع شعبنا كسب معركة الاقصى وقد يقود هذا النصر المهم لخوض معارك اخرى في اماكن يهددها الاستيطان بشكل جدي, وهذا بصراحة يحتاج لحاضنة فلسطينية اولا, وحاضنة عربية واسلامية ثانيا لدعم صمود اهلنا في الاراضي الفلسطينية المحتلة, وضمان استمرار تحركهم بشكل منظم ومؤطر لبناء جبهة داخلية صلبة تستند لوحدة  شعبنا في فلسطين المحتلة وخارجها كمقدمة للضغط الجماهيري على الفصائل الفلسطينية المقاومة من المترددة للعاجزة لحسم مواقفها وتشكل جبهة وطنية مقاومة لتشكل خيار ثالث قبل فوات الأوان بين سلطة عباس وسلطة حماس لردم هوة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية كحركة تحرر وطني مقاومة لإلغاء اتفاقيات اوسلو الخيانية والتنسيق الامني مع العدو الصهيوني لتشكل حاضنة لانتفاضة شعبنا الفلسطيني المقاوم المتجددة في الاراضي المحتلة بأشكال المقاومة المختلفة وخاصة في القدس لتطويرها بعد التراكم النضالي الشعبي الذي قد يقود الى تغيير نوعي شامل بعد الانجازات والمكاسب التي حققها شعبنا في المواجهات الدامية في القدس لحماية مقدساته, وبالرغم من ذلك صمد شعبنا ولم يفرط ولم يستسلم وانتصر الدم الفلسطيني على السيف الصهيوني وازيلت البوابات الصهيونية واجهزة المراقبة والكامرات بالقوة ورفع العلم الفلسطيني على المسجد الاقصى, كما رفعت رايات المقاومة والعلم اللبناني على مرتفعات عرسال, وكما رفع العلم السوري والعراقي ورايات المقاومة على الحدود العراقية- السورية لتتكامل هذه الانتصارات من صنعاء الى بغداد ودمشق وبيروت لحشد كل الطاقات والامكانيات للاستعداء للمعركة الفاصلة مع العدو الصهيوني ودحره واستعادة كل الاراضي العربية المحتلة من فلسطين كل فلسطين الى الجولان العربي السوري الى مزارع شبعا وتلال كفر شوبا في الجنوب اللبناني المقاوم .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى