“حرّاس الأقصى”.. جنود مجهولون يحرسون الحرم القدسي على مدار الساعة

سبعة رجال فقط (من أصل 70 قبل أن ينخفضوا لـ 12 بالفترة الأخيرة ومن ثم بقي 7)، كانوا مؤخرًا “العين الحارسة” لكافة مرافق المسجد الأقصى المبارك (144 دونمًا) بمدينة القدس المحتلة.
فقد أغلق الاحتلال المسجد الأقصى يوم الجمعة 14 تموز، في وجه الجميع، ولم تُقم صلاة الجمعة للمرة الثانية منذ احتلال مدينة القدس، وذلك عقب اشتباك مسلّح نفّذه ثلاثة من شبان مدينة أم الفحم عند “باب حطة”، وسرعان ما انتقل الاشتباك إلى باحة قبة الصخرة المشرفة، حيث أسفرت العملية عن استشهاد الشبان الثلاثة بعد قتلهم اثنين من عناصر الشرطة الإسرائيلية وجرح آخرين.
تلك كانت الحكاية، ولم يستطع أي مسلم الدخول للمسجد الأقصى، إلّا بعد يومين (ظهر يوم الأحد)، حيث تمكن 12 حارسًا من حراس المسجد وموظفيه الدخول إليه بالتدافع ودون المرور عبر البوابات الإلكترونية التي نُصبت خلال نهار ذاك اليوم.
محمد السنجلاوي، كان من بين الحرّاس الذين حموا المسجد الأقصى 12 يومًا بشكل كامل، والذي وصفها في حديثه لـ “قدس برس”، بأنها “كانت أيامًا صعبة ومُرهقة، ليست من الناحية الجسدية والنفسية”.
ويقوم “حراس الأقصى” بحماية المصلّيات، وتتبّع مئات السائحين والمُقتحمين من المستوطنين اليهود لباحات المسجد، والتصدّي لهم حال قيامهم بأي انتهاك بحقه، رغم كل ما يتعرّضون له من أذى وأوامر من قبل الشرطة الإسرائيلية المُرافقة للمستوطنين.
وأفاد السنجلاوي، بأنه لم يرَ عائلته وطفله “كمال” منذ يوم الأحد 16 تموز الجاري، مؤكدًا: “في الوقت الذي أكون فيه متشوقًا لرؤية عائلتي يسبق ذلك دومًا الواجب الوطني”، مبينًا: “شوقنا لرؤية عائلاتنا، لم يثننا عن حماية المسجد وجعله على سلّم الأولويات”.
وأوضح: “كنا دائمًا قلقين على المسجد من الاحتلال، نوزّع المهام فيما بيننا، وكي لا نُصاب بالتّعب الشديد، كنا في فترة الليل نتناوب على الحراسة، فيأخذ كل منا قسطًا من الراحة وينام ثلاث ساعات”.
وتابع: “فكيف لـ 12 حارس أن يقوم على حماية المسجد كله؟!”، ويُلفت إلى أنه في الأيام العادية كان هناك 70 حارسًا خلال الفترة الصباحية، يقومون بمهامّهم اتجاه المسجد الأقصى.
ورغم أن أبواب المسجد تبقى مغلقة، ولا يوجد تحرّكات لعناصر الاحتلال في الليل، إلّا أن الحرّاس، حتى في ساعات راحتهم ونومهم، يشعرون بالقلق، ويشعرون أنه لربّما يحدث شيء ما، فحماية الأقصى مسؤولية كبيرة، بحسب السنجلاوي.
بعد عدة أيام من إغلاق المسجد الأقصى قلّ عدد الموظفين والحرّاس داخله ليصبحوا سبعة فقط، هم خمسة حراس، وموظف في قسم الإنذار المبكّر، وآخر في قسم الإطفاء.
وذكر السنجلاوي، أن تواجد الفلسطينيين وصمودهم واعتصامهم خارج باحات الأقصى “كان داعمًا قويًا لهم، فتكبيراتهم وهتافاتهم كانت تمدّنا بعزيمة أكبر على الثبات والصبر حتى النصر”.
وأردف: “أهلنا في أحياء باب حطة وباب المجلس وشارع الواد، وغيرهم الكثير الكثير من أهل الخير، بالإضافة للحراس والموظفين من مديرية الأوقاف المعتصمين، كانوا يقدّمون لمن في المسجد الأقصى الطعام والشراب، دون المرور عبر البوابات الإلكترونية”.
وشدد على أنه “يفتخر بكونه أحد حرّاس المسجد الأقصى، الذين صمدوا في حمايته حتى النصر وتحقيق المطالب، والحمد لله أنه لم ينقصنا شيء طوال الفترة التي مكثنا فيها داخل المسجد”.
فراس الدبس, مسؤول الإعلام في دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، صرح بأن “هؤلاء الجنود المجهولين (في الإشارة إلى حراس الأقصى)، رفضوا العودة لعائلاتهم وبيوتهم، وفضّلوا الدفاع عن المسجد الأقصى والبقاء فيه حتى لو كلّفهم ذلك حياتهم”.
ونوه في حديث لـ “قدس برس”، “نشكر حراس المسجد القلّة، الذين مكثوا أكثر من 12 يومًا محتجزين، وبقيود ورقابة مشددة عليهم من قبل الاحتلال، عملوا 24 ساعة دون كلل أو ملل”.
وأكد: “هؤلاء الحراس كانوا مصدر قوّة الاعتصام، فهم حموا المسجد الأقصى من الاحتلال والمُقتحمين، وأشرفوا على جميع المرافق والمصليات، وهناك الكثير من الناس لا يعلمون عن الحراس الأبطال”.
وبيّن: “سيكتب التاريخ عنهم يومًا، بأنهم رفضوا الخروج وترك المسجد بيد الاحتلال، حتى حققوا النصر وعشرات آلاف المقدسيين الذين شكّلوا معًا حلقة واحدة موحّدة في القول والفعل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى