بوتين يطرد 755 دبلوماسياً امريكياً ويلقن واشنطن درساً سياسياً قاسياً

سريع وبغير تردد, أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، امس الأحد، أن موسكو لن تترك الخطوات العدائية بحقها من قبل الولايات المتحدة، من دون رد.

وقال الرئيس الروسي في حديث إلى قناة “روسيا 1”: “انتظرنا على مدى وقت طويل عسى أن تتجه الأمور نحو الأفضل، وكنا نأمل في حدوث تغير إيجابي في هذا الوضع، لكن تبين أن ذلك لن يحصل قريبا، ولذا قررت أنه يجب إظهار أننا لم نعد مستعدين لترك الأمر دون رد”.

وأوضح الرئيس الروسي أن 755 دبلوماسيا أمريكيا سيضطرون إلى مغادرة روسيا، مضيفا أن هذا الإجراء حساس بالنسبة لواشنطن.

وذكر الرئيس الروسي أن لدى روسيا طيفا واسعا من الوسائل للرد على العقوبات الأمريكية الجديدة المتوقعة، غير أن موسكو لا تعتزم اللجوء إليها، لأن ذلك لن يقتصر ضرره على العلاقات الثنائية بين الدولتين إنما سيطال العلاقات الدولية على وجه العموم.

وشدد بوتين على أن الأضرار التي تلحقها محاولات واشنطن ممارسة الضغوط على روسيا لا يمكن مقارنتها بالتداعيات الهائلة التي قد يجلبها تجميد التعاون الروسي الأمريكي في مجالات معينة، وقال: إذا حان هذا اليوم، فإننا قد ننظر في خيارات رد أخرى، ولكنني آمل أن ذلك لن يحصل. واليوم لا زلت معارضا للوصول إلى تلك المرحلة”.

وأعرب بوتين عن عزم بلاده على مواصلة العمل مع الطرف الأمريكي حتى في الوضع الراهن المعقد إلى حد كبير، مشيرا إلى وجود مجالات تعاون بالغة الأهمية بين الطرفين.

وتطرق الرئيس الروسي إلى الملف السوري، قائلا إن إنشاء منطقة تخفيف التوتر في جنوب سوريا نجم عن تعاون روسي أمريكي في مجال مكافحة الإرهاب.

وأشار بوتين إلى أن هذه الخطوة لم تحقق مصلحة سوريا وروسيا فقط إنما والأردن وإسرائيل، ما يعني أنها تخدم مصالح الولايات المتحدة أيضا.

إلى ذلك، شدد الرئيس الروسي على أن موسكو وواشنطن تلعبان الدور الأهم في الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، مضيفا أن روسيا اقترحت على الولايات المتحدة أكثر من مرة التعاون في مكافحة القرصنة الإلكترونية، لكن الجواب كان اتهامات لا أساس لها.

بدورها قالت وزارة الخارجية الأميركية إن طلب الحكومة الروسية مغادرة الدبلوماسيين الأميركيين قرار مؤسف وغير مبرر.

وأكدت الخارجية في بيان لها أن الإدارة الأميركية تدرس تداعيات الخطوة الروسية وكيفية الرد عليها.

غير ان المحلل السياسي الروسي إيغور سوبوتين، قد اشار في مقال نشرته صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا، إلى أن التعاون بين وزارتي الدفاع الروسية والأمريكية قد ينقذ العلاقات المتدهورة بين الدولتين الكبريين.

وقال سوبوتين في مقاله :  صرح قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية الجنرال جون هايتن بأن قيادة الجيش الأمريكي تسعى لتعزيز التعاون مع العسكريين الروس من أجل القضاء على الإرهاب في سوريا؛ مشيرا إلى أن “وجود قنوات اتصال مفتوحة مع روسيا والصين يمنح الفرصة للحد من المخاطر”. وأضاف أن “الحوار، الذي يجري بشكل دوري على مستوى قيادات الأركان (جوزيف دانفورد وفاليري غيراسيموف) يتركز بشكل أساس على سوريا. بيد أن الخبر السار، كما أكد هايتن، هو أن “رئيس هيئة الأركان يعمل على تطوير خط الاتصال المفتوح مع نظيره الروسي”.

وتعليقا على احتمال انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة إتلاف الصواريخ النووية متوسطة وقصيرة المدى، أكد القائد العسكري الأمريكي أنه لا يتفق مع الرأي الذي يدعو الجانب الأمريكي إلى الانسحاب منها، على الرغم من أن الروس لا يلتزمون بشروطها؛ مشيرا إلى أن العقوبات – “ليست دائما شيئا جيدا”.

هذا، ولا تنكر أوساط المحللين والخبراء أهمية قنوات الاتصال العسكرية بين البلدين. فمن جهة يحبذ العسكريون الوضوح، كما أشار رئيس قسم دراسات نزاعات الشرق الأوسط وقوات المنطقة المسلحة في معهد التنمية الابتكارية أنطون مارداسوف، الذي أوضح أنهم بحاجة الى ترسيم خطوط محددة “لكيلا يقتل أحد”، ولهذا تبقى فرص تحسين العلاقات أكثر على هذا الخط.

ومن جهة أخرى، وفقا لمارداسوف، فإن “القيادات العسكرية وعلى النقيض من العاملين في السياسة الخارجية، أكثر جزما في أحكامهم. وإذا كانت وزارة الدفاع الروسية تلتزم بصرامة بقواعد السلوك، فإن وزارة الخارجية تعتمد مبدأ الحوار، والشيء نفسه لدى الجانب الأمريكي. لذا نحن بحاجة إلى تحقيق توازن هنا، لأن العسكريين قادرون على الاتفاق فيما بينهم، ولكن من المهم بالنسبة إليهم ترتيب ذلك عبر الخط الدبلوماسي والسياسي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى