تنشيط الدور المصري ضمن توافق دولي واقليمي على حل الازمة السورية

أكدت مصادر مطلعة أن مصر تعمل على توسيع دورها في الأزمة السورية، بالتنسيق مع قوى إقليمية ودولية، بعد نجاح وساطتها في اتفاق الهدنة في الغوطة الشرقية بدمشق مؤخرا.

وهناك اليوم مسار سياسي يشق طريقه في سوريا حيث يوجد توافق دولي وإقليمي وسوري على الخطوط العريضة للحل، والتي تتضمن سوريا جديدة قائمة على الفدرالية، فيما يكمن الشيطان في التفاصيل كما يقال، حيث يصرّ الأميركيون على حل كافة الأجهزة الأمنية السورية وهو ما ترفضه دمشق.

وقالت المصادر لـ”العرب” إن عوامل عديدة تدفع باتجاه أن تلعب مصر دورا محوريا في هذا المسار التسووي الذي انطلق قطاره من جنوب سوريا فيما محطته التالية كانت الغوطة.

واتفاق الغوطة الذي تم توقيعه الخميس 20 يوليو، جاء بعد ثلاثة أيام من المفاوضات المباشرة بين أطرافه، بوساطة مصرية وتنسيق مع وزارة الدفاع الروسية، وتضمن وقف كافة أنواع العمليات القتالية، من جانب الجيش السوري أو قوات المعارضة، على أن تتمركز الشرطة العسكرية الروسية في نقاط مراقبة على مدخل الغوطة الشرقية لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار، وهو ما تم بالفعل حاليا.

وأوضحت مصادر مصرية وثيقة الصلة بالملف السوري، لـ”العرب” إن الوساطة المصرية تمت بمباركة روسية وسعودية، ودول أخرى لم يتم تسميتها، مشيرة إلى أن التفاهم الكبير بين القاهرة والرياض في ما يتعلق بالعديد من الملفات الإقليمية أحد العوامل المهمة في إنجاح الدور المصري.

وكان لافتًا أن اتفاق الغوطة الشرقية شارك فيه “جيش الإسلام”، أحد أكبر فصائل المعارضة في الغوطة، والمُقرب من السعودية، ما يبرهن على أن توافقًا على دخول مصر كوسيط بين الدولة السورية والمسلحين هناك سيكون مقبولا.

وفقًا لمصادر في المعارضة السورية بالقاهرة، فإن الرغبة المصرية في لعب أدوار أكبر في الأزمة السورية يعود إلى تمتعها بعلاقات قوية مع العديد من قوى المعارضة السورية من ناحية، وإلى علاقاتها الجيدة مع دمشق وموسكو وغيرهما من ناحية أخرى، بالإضافة إلى الجهود الإنسانية التي بذلتها القاهرة دون ضجيج في السنوات الماضية.

وأشار قاسم الخطيب، عضو الأمانة العامة لتيار الغد (الذي كان طرفًا رئيسيًا في اتفاق هدنة الغوطة الشرقية) لـ“العرب”، إلى أن مواقف مصر الجيدة من جميع الأطراف المدنية في سوريا “عامل حاسم في تحوّل القاهرة إلى قبلة التيارات السياسية السورية المعارضة”.

وأضاف أن تثبيت اتفاق الغوطة ستكون له تأثيرات إيجابية تسهم في نجاح أي دور لمصر في سوريا مستقبلُا.

وذهب البعض من المتابعين إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد زخمًا سياسيًا وتفاوضيا بمشاركة مصرية حول الأزمة السورية، وقد يصل الأمر حد الدعوة إلى مؤتمر دولي يسير وفق موازين مختلفة عن تلك المفاوضات المتعددة التي جرت في جنيف وأستانة ولم تصل إلى شيء ملموس ينهي الأزمة.

وقال هؤلاء إن الرهان على الجماعات المتطرفة لن يكون حاضرًا خلال تلك المباحثات، وأن أدوارها سوف تتراجع لتحلّ محلها المعارضة السورية المعتدلة، وهو ما شددت عليه القاهرة دائمًا من خلال تأكيدها على “ضرورة استبعاد كل التنظيمات الإرهابية في أي تسوية مقبلة”.

وجدير بالذكر أن تسريبات تحدثت عن وجود رغبة دولية قوية لحسم الصراع قبل نهاية هذا العام.

كانت الرعاية المصرية لاتفاق الغوطة خطوة فارقة في مستقبل الدور المصري في الأزمة السورية، لأنه أثبت نجاح القاهرة في تسويق رؤيتها بضرورة إنهاء الأزمة سياسيا، وأن التقارب مع السعودية في ملفات إقليمية عديدة يدعم هذا التوجه.

وذهب محمد شاكر، المتحدث باسم قوات النخبة السورية، الجناح العسكري لتيار الغد السوري، للتأكيد على أن مشاركة عدد من الفصائل المسلحة في الاتفاق المصري الروسي يعبّر عن بدء مرحلة جديدة للتعامل مع المعارضة المسلحة، بعيدا عن التنظيمات الإرهابية، وهو ما ظهر من خلال بنود الاتفاق التي جاء ضمنها مكافحة الإرهاب من قبل جميع الأطراف الموقعة عليه بما فيها الطرف الروسي الضامن وجيش الإسلام.

وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، أن الدور الإقليمي المتزايد لمصر في مكافحة الإرهاب سوف تمتد آثاره إلى سوريا، وهو ما يحظى بدعم من قبل قوى كبيرة تبحث عن تسوية سياسية تؤدي إلى محاصرة التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها.

في المقابل، أكد العديد من السياسيين أن التحدي الأكبر الذي قد يواجه التدخلات المصرية في الأزمة السورية سيكون من جانب تركيا (وقطر أيضا) التي ما زالت تصر على دعم التنظيمات الإرهابية هناك، ويمتد هذا الدعم إلى الجماعات المتشددة في ليبيا، بما لذلك من تأثيرات سلبية مباشرة على الأمن الاقومي المصري، وهو ما يفرمل القاهرة ويجعلها لاترغب في الذهاب بعيدا في تدخلاتها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى