تميم امير من الورق لان السلطة الحقيقية في يد والده المتقاعد

شكل اللقاء الذي عقده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الدوحة، مع  الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني خلال زيارته لقطر, مؤشرا واضحا على مكان القوى الحقيقية في البلاد, حيث يبعث هذا اللقاء رسالة تؤكد حقيقة الدور الذي يلعبه “الأمير الحاكم” في تسيير دفة الحكم القطري.

وذكرت مصادر سياسية مطلعة في العاصمة السعودية الرياض أن “اجتماع أردوغان بالشيخ حمد يؤكد ما كانت تردده الأوساط الخليجية من أن الشيخ تميم لا يمتلك قرار بلاده ولم يتمكن من امتلاك فريق حاكم بإمكانه إدارة البلاد دون سطوة الحمديْن”. في إشارة إلى الأمير الوالد ورئيس الوزراء الأسبق.

وأضافت هذه المصادر أن أردوغان لم يغفل هذه الحقيقة وذهب للاجتماع بصاحب القرار الحقيقي في الدوحة، ما جعل لقاء الرئيس التركي بأمير البلاد الشيخ تميم تقليدا بروتوكوليا لا يقدم ولا يؤخر في مسألة النزاع الإقليمي الحالي مع قطر.

وقالت أوساط قطرية مراقبة إن العائلة الحاكمة في قطر لم تعد تخفي الدور الذي يلعبه الشيخ حمد بن خليفة في إدارة دفة الحكم في بلاده بل تجاهر به، وإن لقاء “الأمير الوالد” بالضيف التركي لم يقدم بصفته مجاملة اجتماعية هامشية، بل وضع في إطار “الجهود التي يبذلها أردوغان” لإيجاد تسوية للأزمة الحالية.

وتقول مراجع تركية قريبة من أجواء الزيارة إن الرئيس التركي استنتج من خلال مداولاته الخليجية كما من خلال اجتماعه بالشيخ تميم أن عقدة الربط والحل مازالت في يد الشيخ حمد، وأن موقف الدوحة مازال مرتبطا بالأحقاد القديمة التي يكنها الشيخ حمد لدول الخليج، لا سيما السعودية والإمارات.

ولم ترشح معلومات دقيقة عن ظروف اجتماع أردوغان بالشيخ حمد ولا عما دار في هذا الاجتماع، غير أن مصادر تركية أكدت أن الموقف التركي يتبلور بناء على المعطيات التي سمعها في الرياض والكويت، وبناء على الأجواء التي استنتجها أردوغان في اجتماعه مع حمد الوالد وليس مع تميم الابن.

ولا تخفي أوساط قطرية قلقها من ارتهان مصير قطر ومستقبلها لمزاج “الأمير الوالد” وعقده ورؤيته لمقاربة العلاقة مع البيت الخليجي.

ونقل عن هذه الأوساط قولها إن نظرة الشيخ حمد طوال فترة حكمه، منذ الانقلاب الذي قام به ضد والده في عام 1995، تأسست على قواعد مفادها إضعاف دول الجوار لتأمين استمرار واستقرار حكمه. ورأت أن تلك المواقف العدائية تتناقض مع أبجديات العمل السياسي التي تتأسس على قواعد حسن الجوار والتعاون ومد جسور الثقة بما يضمن استمرار واستقرار وأمن أي نظام سياسي.

وكانت تقارير دولية كثيرة تتالت منذ قرار الشيخ حمد التنازل عن الحكم لصالح ولي عهده الشيخ تميم في الـ25 من يونيو 2013. وأجمعت كافة التقارير على أن ضغطا عائليا، لا سيما من قبل والدة الأمير تميم الشيخة موزة بنت ناصر المسند، قد دفعت الشيخ حمد إلى هذا القرار، خشية أن يطيح رئيس الوزراء القطري آنذاك الشيخ حمد بن جاسم آل خليفة، والمعروف بطموحاته العالية ونفوذه القوي داخل البلاد، بالأمير تميم في حال غياب والده لأي سبب من الأسباب.

وأشارت التقارير إلى أن مرض الشيخ حمد هو ما أقلق العائلة الحاكمة في تلك الفترة، إلا أن هذا التنازل لم يلغ دور “الأمير الوالد” الذي أعاد لاحقا استدعاء حمد بن جاسم ليشكلا ثنائيا نافذا يعمل من وراء الكواليس لتحديد خيارات الدوحة ومواقفها.

وسبق وأن أراد الأمير تميم “ترشيق وتطوير” قناة الجزيرة لتتوافق مع ظروف حكمه ورؤيته الجديدة لموقع قطر الجديد، لا سيما في ظروف اتفاقيْ عامي 2013 و2014 مع دول الخليج، إلا أن الأمير الوالد تصدى لهذه المحاولة واعتبر قناة الجزيرة خطا أحمر يرجع له وحده تقرير مصيرها.

ووصفت صحيفة الغارديان البريطانية الأمير تميم بـ”أمير على الورق فقط”، ونقلت عن سايمون هندرسون، أحد الخبراء الأميركيين في الشؤون الخليجية أن هناك إجماعا على أن الشيخ حمد مازال يمسك بقرار قطر متجاوزا سلطة ابنه على رأس الحكم.

وتذهب بعض الدوائر الخليجية إلى اعتبار أن مشكلة دول مجلس التعاون الخليجي مع قطر تاريخيا سببها خيارات الشيخ حمد وطباعه، وأن تعويل الخليجيين على التغيير الذي حدث في رأس السلطة القطرية عام 2013 ثبت أنه وهم بسبب ما ثبت بعد ذلك من استمرار “الأمير الوالد” في الهيمنة على سلطة “الأمير الابن”.

وتضيف هذه الدوائر أن ما أعلنه وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش من حيث أن الدول المقاطعة لا تريد تغيير النظام في الدوحة بل تغيير سلوكها، صحيح ودقيق ويعبر عن مقاربة الدول المقاطعة منذ الساعات الأولى لأزمتها مع قطر. بيد أن هذه الدوائر تتساءل عما إذا كانت قطر نفسها تحتاج إلى ترشيق نظامها السياسي والاتساق مع شروط الراهن من خلال تخليص البلاد من هيمنة عقلية متقادمة ثبت أنها لم تحمل إلا الأزمات تلو الأخرى لقطر قبل دول الجوار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى