وزير خارجية البحرين يرفع سقف التطبيع القديم مع اسرائيل

أثار انتقاد وزير الخارجيّة البحريني خالد بن أحمد  لعملية الأقصى غضبا عارماً في الشارعين العربي والإسلامي.

الكلام الصادر عن المنبر الدبلوماسي الأول في هذا البلد يعبّر عن لسان حال النظام البحريني الذي دأب على نسج أفضل العلاقات مع مؤسسات ترتبط بالكيان الإسرائيلي، فضلاً عن حضور إسم هذا البلد في عشرات التقارير التي تتحدّث عن علاقات عربية من تحت الطاولة مع الكيان الإسرائيلي.

تغريدة “التطبيع”

فقد نشر الوزير تغريدة في حسابه على “تويتر”، قال فيها إن “الصلاة في المسجد الأقصى حق للمسلمين لا يمس ولا يمنع، أما مسألة قتل شرطة الاحتلال فتحكمها المعاهدات وبالأخص اتفاقية جنيف الرابعة”.

وقد وجّه وزير الخارجية البحريني انتقادات حادة للعملية التي نفذها ثلاثة شبان فلسطينيين في ساحة المسجد الأقصى المبارك وأسفرت عن مقتل اثنين من عناصر شرطة الاحتلال بعد اشتباك مسلح، اتخذ الاحتلال على إثره قرارا بإغلاق المسجد ومنع صلاة الجمعة فيه.

وفور نشره التغريدة، انطلقت جملة من الردود المنددة بهذا الموقف التي اتهمت الوزير بالوقوف إلى جانب الاحتلال، فيما صحح آخرون معلومات الوزير بالقول إن المسجد الأقصى وفق القانون الدولي منطقة محتلة والعملية استهدفت جنودا محتلين. فقد استدعت التغريدة، ردود فعل غاضبة اتهمت الوزير بالانحياز إلى الاحتلال، نذكر منها:

آلاف المعتقلين والمخفيين قسريا في سجونك ايضا تحكمهم اتفاقيات ومعاهدات اقوى من اتفاقيات جنيف.

أي اتفاقيات يا جاهل ..الأقصى تحت الاحتلال والمقاومة حق.. اخجلوا يا أعراب اليهود ..ابحثوا عن أصل نسبكم يا نسل خيم الرايات الحمراء.

كعادتك دائماً تصطف إلى جانب الاحتلال الإرهابي، هؤلاء الجنود الذين قتلوا اليوم هم الذين يمارسون أبشع الانتهاكات بحق رجال ونساء وأطفال الأقصى.

تغريدة غير موفقه سعادة الوزير عندما نرى كيف يقتل الفلسطيني وهو يدافع عن المسجد الأقصى تتقطع قلوبنا وانت تقول اتفاقية الله يهديك.

تاريخ وأهداف

أوّلاً: ليس الأمر بجديد من قبل الوزير البحريني الذي أدلى سابقاً بمواقف مثيرة للجدل متعلقة بالقضية الفلسطينية، من بينها التعزية برئيس الكيان السابق شمعون بيزيز عن وفاته التي نشرها بالقول “ارقد بسلام”. كذلك، ليس الأمر بمستغرب على رجل  دأب نظامه على نسج علاقات واسعة مع أبرز المتشدّدين اليهود تحت ذريعة المواطنين اليهود في المملكة الصغيرة، الذي يفوق حجم وزير خارجيتها مساحتها، وفق ما ردّ المغرّدون على وسائل التواصل الاجتماعي تعليقاً على تغريدة الوزير البحريني.

ثانياً: رغم أن كافّة العمليات ضدّ الكيان الإسرائيلي أحد الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، بل تصل إلى حد الوجوب في بعض الأحيان، ولكن إذا كان الوزير البحريني حريصاً كل هذا الحرص على الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي، فلماذا لا يطبّق هذه القوانين على الأراضي البحرينية؟ لماذا لا يراعي الوزير البحريني حقوق شعبه؟ ماذا عن مئات الشهداء وآلاف السجناء؟ ماذا عن عملية إسقاط الجنسيات عن المئات من أبناء الشعب البحريني لأسباب سياسيّة؟ ماذا عن تجنيس عشرات الألاف لأغراض سياسيّة بحتة؟

ثالثاً: ماذا ننتظر من الذي خطب بيريزبـ”ارقد بسلام”؟ أو من يعزي ويترحم على الإرهابي وقاتل الأطفال رئيس وزراء الكيان الصهيوني بيريز؟ وقد ردّ عليه المغرّدون حينها: كيف يرقد بسلام وصرخات الأمهات الثكالى تطارده ؟! كيف يرقد بسلام و دماء الشهداء في فلسطين و لبنان تستصرخ الانتقام؟!”. نكرر اليوم، وردّاً على التغريدة الجديدة، ما قاله الناشط الحقوقي البحريني يحيى الحديد ردّاً على التغريدة السابقة: “موقف وزير الخارجية البحريني لا يمثل شعب البحرين الذي يقف إلى جانب حقوق الشعوب المظلومة في العالم، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الشقيق”.

رابعاً: ولو عدنا إلى السابق، فقد تمّ عقد أول لقاء ثنائي رفيع المستوى بين البحرين وإسرائيل في كانون الثاني/ يناير 2000 بالمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في دافوس في سويسرا ، وتمثل في لقاء ولي عهد البحرين القائد العام لقوة الدفاع الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة مع وزير التعاون الإقليمي في إسرائيل شيمون بيريز. ويعدّ هذا الاجتماع الذي كشفت الصحف العربية والأجنبية وحتى الصحف العبرية حينذاك أول اتصال رسمي إسرائيلي ــ بحريني منذ تعليق المفاوضات المتعددة الأطراف عام 1996 حول التعاون الإقليمي التي تجرى في إطار عملية السلام.

خامساً: لقد رغب النظام البحريني باستضافة اجتماع الفيفا بمشاركة إسرائيل وتجاهل ردود فعل الشارع المثخن بجراحه وآلامه، وقد وسبق للبحرين أن أنهت مقاطعتها للبضائع الإسرائيلية وتبادلت الزيارات في ما بينها بشكل علني. حينها، أغلقت البحرين مكتب المقاطعة (أيار/ مايو 2006) قبيل تصديق الكونغرس على اتفاق التجارة الحرة، وتم تعيين يهودية كسفيرة للبحرين في أمريكا بمرسوم ملكي (تموز 2008 حتى 2013).

سادساً: زار وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن حمد الخليفة، مقر حركة “حباد” الدينية اليهودية في واشنطن التي يصنفها البعض على أنها صهيونية، وبحضور سفيرة البحرين اليهودية هدى عزرا نونو. وشارك في اللقاء مجموعة من كبار ممثلي اللوبي اليهودي وأعضاء بارزون من منظمة “إيبا” واللجنة اليهودية الأميركية ومنظمة “بني بريت”، بالإضافة إلى مندوب عن اللجنة الأميركية اليهودية لمكافحة التشهير وشخصيات يهودية ذات مستوى رفيع في واشنطن. كما كشف موقع “ويكيليكس” عن محاولات وزير الخارجية البحرين الشيخ خالد بن حمد ، لقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك بعد تسلمه الحكومة الإسرائيلية في محاوله لدفع عملية السلام في المنطقة.

في الخلاصة، الموقف الجديد يعدّ رفعاً للسقف البحريني في سياق التطبيع، باعتبار أنّه وقف هذه المرّة علناً للجانب الإسرائيلي مديبناً الشعب الفلسطيني، إلا أنّه ليس بجديد، ولا نستبعد أن يُرفع السقف في وقت لاحق، فكما يقول المثل العربي: من يبدأ بالألف سيصل إلى الياء. ولكن الموقف الشعبي في البحرين واضح للعلن برفضه الشديد واستنكاره لكل أشكال التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى