جزيرة الشيطان القطرية تمعن في تحدي دول المقاطعة وتجبرها على التراجع عن عنتريات الوعيد والتهديد

 

رفضت قطر مجددا اتهامات بتدخلها في شؤون الدول الأخرى وتمويل الإرهاب، معتبرة أن ما ورد في بيانين للدول المقاطعة “تهم باطلة تمثل تشهيرا يتنافى مع الأسس المستقرة للعلاقات بين الدول”.

وكان قد صدر أحد البيانين عقب اجتماع وزراء خارجية الدول الأربعة، يوم الأربعاء الماضي، في القاهرة، فيما صدر الآخر من مدينة جدة السعودية، في وقت متأخر من مساء امس الجمعة.

وقد انتقد البيانان “الرد السلبي” لقطر على مطالب الدول المقاطعة، وعدم احترام الوساطة الكويتية، وجددا اتهامها لها بدعم الإرهاب و”زعزعة” أمن المنطقة، وتوعدا بالمزيد من الإجراءات “في الوقت المناسب” بحق الدوحة، دون مزيد من التفاصيل.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية القطرية، عن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية ، تجديد نفي بلاده ما تضمنه البيانان، حول تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتمويل الإرهاب.

وأشار المصدر الى أن “موقف قطر من الإرهاب ثابت، ومعروف برفضه وإدانته كافة صوره وأشكاله، ومهما كانت أسبابه أو دوافعه”.. مؤكدا أن بلاده “مستعده للتعاون والنظر والبحث في كل الادعاءات التي لا تتعارض مع سيادة دولة قطر”.

وعلى صعيد متصل نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن قطر خلعت قفازيها أمس لجاراتها الأربع، التي تحاصر هذا البلد الصغير، وتحدتها قائلة لها إنها أثرى من أن تهدد.

وينقل التقرير، عن وزير المالية القطري علي شريف العمادي، قوله للصحيفة بأن الاحتياطي المالي الضخم لدى الدولة، الذي تم توفيره من بيع الغاز الطبيعي على مدى عقود، يعني أن بإمكانها تحمل المقاطعة، وأضاف العمادي: “لدينا صندوق الثروة السيادي بقيمة 250% من إجمالي الناتج المحلي، ولدينا بنك قطر المركزي ولدينا الاحتياطي الاستراتيجي لوزارة المالية”.

ويشير سبنسر إلى أن العمادي قارن وضع بلاده المالي مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر، التي أغلقت المعابر البرية والمائية والجوية على قطر، وقال إن الأسس الاقتصادية لبلده أفضل منها عند تلك البلدان، مستدركا بأنه بالرغم من أن وكالات التصنيف الائتماني خفضت تقييم قطر المالي، إلا أن وضعها لا يزال أفضل من وضع تلك البلدان.

وقال العمادي للصحيفة: “البحرين ومصر مصنفتان على أن مستوى السندات فيهما غير مرغوب فيه، أما السعودية فلديها مشكلات حقيقية في التمويل.. ولا نزال الدولة الأسرع نموا في المنطقة، أسرع بحوالي 40% من أقرب منافس في مجلس التعاون الخليجي (الإمارات)”.

ويذكر الكاتب أن الدول الأربع أعلنت في تصريح مشترك أن المطالب لاغية، وقالت إن رفض قطر الموافقة على الشروط هو دليل على أنها تريد زعزعة استقرار المنطقة، لافتا إلى أن التصريح لم يشر إلى إمكانية طرد قطر من مجلس التعاون، أو مواجهة مقاطعة بنكية، لكنه قال: “سيتم اتخاذ الإجراءات السياسية والاقتصادية والقانونية كلها بالأسلوب والتوقيت المناسبين؛ للحفاظ على حقوق الدول الأربع وأمنها واستقرارها”.

وتفيد الصحيفة بأن الدبلوماسيين استبعدوا التدخل العسكري المباشر، مشيرة إلى أن أمريكا، التي تمتلك قاعدة جوية كبيرة في قطر، التي تعد مقرا للعمليات المتقدمة التابعة للقيادة الأمريكية المركزية، أكدت الليلة الماضية العلاقات الأمنية الجيدة مع قطر، وقالت وزارة الخارجية إنها تخشى من الوصول إلى طريق مسدود، وأعلنت أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون سيزور يوم الاثنين الكويت، التي تحاول التوسط لحل الخلاف.

وينوه التقرير إلى أن تركيا، التي تقوي من قاعدتها هناك، وقفت بقوة إلى جانب قطر، لافتا إلى أن المطالب الثلاثة عشر تضمنت إغلاق القاعدة العسكرية التركية، ولم تطالب بإغلاق القاعدة العسكرية الأمريكية، الأمر الذي وصفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه “قلة احترام”، في الوقت الذي قالت فيه الصحيفة الألمانية “دي فيلت” إن “ما جرى مع قطر هو انتهاك للقانون الدولي، وسنقف مع الضحية”، في إشارة إلى الموقف الألماني من الأزمة.

ويقول سبنسر إن الدبلوماسيين يعتقدون أن السعودية وحلفاءها توقعوا من قطر الرضوخ بسرعة للتهديدات، حيث تتهمها البلدان الأربعة بأنها تدعم الإرهاب، من خلال علاقاتها بالإسلام السياسي، وعلاقتها الوثيقة بإيران، التي تشاركها حقل نورث فيلد دوم للغاز، وهو الحقل المسؤول عن مستوى الحياة العالية التي تتمتع بها قطر، التي لا يزيد عدد سكانها الأصليين على 300 ألف نسمة، مقارنة مع 80 مليونا هو عدد سكان إيران.

وتعلق الصحيفة قائلة إن “العمادي يبدو غير مهتم بأن مناهضي قطر يفكرون في القيام بإجراءات إضافية، حيث نوعت قطر اقتصادها، بالذات في مجال الخدمات، التي من الأصعب حصارها، وتمتلك سلطة الاستثمار القطرية الكثير في لندن، بما في ذلك بناية شارد، وبناية كناري وارف، وهارودز، والقرية الأولمبية سابقا”.

ويبين التقرير أن حجم الصندوق السيادي ليس معلنا، لكن يقدره العمادي بـ250% من الناتج المحلي الإجمالي، الذي يصل إلى 167 مليار دولار في العام، وبالإضافة إلى الاحتياطيات الأخرى فإن لدى قطر ثلاثة أضعاف دخلها الوطني مدخرات، حيث قال العمادي لو خيرت الشركات بين قطر والإمارات فستختار قطر؛ لأن قطر لا تسمح للسياسة بالتعارض مع التجارة.

ويستدرك الكاتب بأن بعض الخبراء الماليين ليسوا بهذا التفاؤل ذاته، ويقولون إن قطر تواجه مشكلات، ففي الأسبوع الماضي كان هناك نقص عالمي في العملة القطرية، وتبين أن توزيع العملة توقف بشكل مؤقت من شركة “ترافيليكس” للصرافة، التي تملكها الإمارات.

ومن جانبه انتقد أنور قرقاش, وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات العربية المتحدة رد قطر على مطالب الدول العربية المقاطعة لها واعتبر أنه ناقص المسؤولية والموضوعية.

وقال الوزير إن رد قطر “غاب عنه تحمل المسؤولية تجاه سياسات طائشة” ويقوض ويفشل الوساطة الكويتية.

وشدد قرقاش على أن الجهود الدبلوماسية والوساطة ستفشل إذا لم تبد سلطات قطر “النضج والعقلانية والواقعية”, مشيرا إلى أن التذرع بالدفاع عن السيادة سيطيل مدة الأزمة.

وكانت الدوحة قد أعلنت رفضها لتهديدات السعودية والإمارات والبحرين ومصر بفرض مزيد من العقوبات ضدها إذا لم تنفذ مجموعة من الشروط والمطالب وفي مقدمتها مقاطعة إيران والإخوان المسلمين وإغلاق قناة الجزيرة.

وذكرت مصادر بالخارجية القطرية أنه لا أساس للتهم الموجهة ضد الدوحة بدعم الإرهاب وتمويله وشددت على رفضها لكل أشكال الإرهاب مهما كانت أسبابه ودوافعه.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى