تنامي العلاقات السياسية والاقتصادية سراً بين اسرائيل وكردستان العراق

قال موقع “وور ايز بوريغ” الأمريكي امس الاحد في مقال على لسان الكاتب ” بنجامين كويسكين” إنه ومنذ الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 والإطاحة بصدام حسين، اقتربت علاقات إسرائيل ومنطقة الحكم الذاتي الكردستاني بشكل مضطرد من بعضهما البعض على الرغم من موقفهما الرسمي بالتصريح بعدم وجود مثل هذه العلاقات، وفي الواقع، فإن هذه الصداقة المحظورة يتم التعتيم عليها بشكل متعمد بسبب عدم وجود روابط رسمية بين تل أبيب وبغداد.

وقال الموقع: إن الصداقة بين الطرفين تحمل الكثير من الفوائد المتبادلة، فبالنسبة لإسرائيل، فإن الدعوة إلى الاستقلال الكردي العراقي تعزز المصالح الإقليمية للدولة اليهودية من خلال تعزيز نفوذها السياسي والعسكري ضد الخصوم الإقليميين – أي إيران – التي لا تحظى بشعبية أيضا لدى الكثيرين في المنطقة الكردية في العراق، وبالتأكيد هم أولئك الذين ينتمون إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم، وبالنسبة لحكومة إقليم كردستان، فإن الدعم الإقليمي الإضافي له أهمية حاسمة أيضاً من قبل الأكراد المعارضين سياسيا في سوريا، الذين يقاتلون “داعش”، فإيران غير مقبولة إلى حد ما بالنسبة لهم، حيث تحتاج حكومة إقليم كردستان إلى الدعم أينما وجد، فالعلاقات غير المباشرة مع إسرائيل تعزز التطلعات السياسية للأكراد العراقيين وقد تساعد أيضاً على استقرار اقتصادها المتقطع والمتعثر.

وتابع الموقع: إنه وعلى مدى العامين الماضيين، أعرب العديد من المسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين عن تأييدهم لاستقلال كردستان، بمن فيهم السفير السابق لدى الأمم المتحدة رون بروسور، ووزيرة العدل ايليت شاكيد، والرئيس الراحل ورئيس الوزراء شيمون بيريز الذي تحدث لمصلحة الأكراد خلال اجتماعه الرسمي مع الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما في حزيران 2014، مشيدا بـ “دولة الأمر الواقع والدولة الديمقراطية”، وبعد وقت قصير من احتلال داعش الموصل في حزيران 2014، وبعد أيام فقط من إعلان بيريز، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى استقلال كردستان العراق في خطابه في المؤتمر السنوي لدراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، وأضاف “إننا نؤيد الجهود الدولية الرامية إلى” دعم تطلعات الأكراد إلى الاستقلال “مضيفا” إنهم أثبتوا التزاماً سياسياً واعتدالاً سياسياً، كما أنهم يستحقون استقلالهم السياسي “، وقد امتدت التصريحات إلى الدعم العلني للحرب العراقية الكردية مع تنظيم “داعش” الإرهابي وفي مقابلة مع مركز “وودرو ويلسون” الدولي للباحثين في واشنطن في آذار 2016، أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون عن “أن الأكراد أثبتوا حتى الآن أنهم يمتلكون القدرة على محاربة داعش، وسوف تدعمهم إسرائيل”، وبالإضافة إلى ذلك، يهيء المسؤولون الإسرائيليون الأساس لمزيد من المشاركة مع جارتهم الإقليمية وحليفهم الظاهر، وفي أوائل عام 2016، أعلنت عضوة الكنيست الإسرائيلية كسينيا سفيتلوفا لمجلة “زيف” المغربية الكردية أنها ترأس جميع النشاطات الفعالة للـ “التجمع الكردي” في البرلمان الإسرائيلي، وقالت “إننا نعمل حاليا على مشروع يشمل التبادلات الأكاديمية والتعاون في مجال الرياضة”، وأضافت إن هذا التعاون سيشمل أيضاً العمل معا “ضد الأعداء المشتركين وفي مجالات الزراعة، والتكنولوجيا الفائقة، وفي مجال التعليم “.

ومع ذلك، وعلى الرغم من ترحيب السلطات الكردية بالدعم السياسي من أي مكان تقريبا، فإن حكومة إقليم كردستان لا تزال غامضة بشأن علاقاتها غير المباشرة مع إسرائيل لأنها لا تسعى إلى تعريض العلاقات الاقتصادية أو السياسية المهمة مع جيرانها المباشرين، ولاسيما إيران، أو الاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها من دول الخليج، وهكذا، فإن العلاقات الإسرائيلية – الكردية بدأت بحذر، وفي تشرين الأول 2015، عين رئيس الوزراء الكردي نيشيرفان بارزاني شيرزاد مامساني بمنصب أول ممثل للشؤون اليهودية في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الكردية، فضلا عن كونه حلقة وصل ثقافية بين كردستان والعالم اليهودي الأوسع، غير أنه ولأسباب غير واضحة، تم تعليق عمل “مامساني” مؤقتا من مكتبه.

وتابع الموقع: وكجزء من التركيز الجديد على البرمجة اليهودية، فاجأت ثلاث شبكات كردية كبرى – “كردستانتف” و”روداو” و”كردستان 24″- وكلها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحزب الديمقراطي الكردستاني – ببث مقابلات وبرامج مختلفة حول الإسرائيليين – الأكراد، مع وجود محطة واحدة قامت بتغطية الانتخابات الإسرائيلية المثيرة للجدل عام 2015، كما عرضت القناة التلفزيونية الإسرائيلية “24”  مقابلة مع مسعود برزاني في أواخر عام 2015، وهي المرة الأولى التي تمكن فيها منفذ إعلامي إسرائيلي من التحدث مع زعيم حكومة إقليم كردستان.

وأضاف الموقع: إنه وبعيدا عن الخطابات السياسية والبرامج التلفزيونية، تأتي التصريحات السياسية الإسرائيلية بموضع الترحيب الواضح من  قبل الأكراد فإن الدعم المادي كان كبيرا ولكنه اقتصر تقريبا على الجانب الاقتصادي، فلقد أثارت صحيفة فايننشال تايمز صدمة العديد من المراقبين الإقليميين إلى أن إسرائيل استوردت عبر صيف 2015 ما يقرب من 77 في المئة من نفطها من إقليم كردستان العراق، بقيمة تقدر بنحو مليار دولار، أو ثلث إجمالي صادرات النفط في إقليم كردستان، حيث ذكر التقرير أن هذه التجارة تمت من خلال صفقات سرية مسبقة الدفع توسطت فيها بعض أكبر شركات التجارة النفطية في العالم الامر الذي أثار استياء واشنطن الشديد.

واختتم الموقع: إنه وعلى الرغم من هذه التقارير، فضل مسؤولون من البلدين الحفاظ على هذه التفاصيل وعدم الإفصاح عنها، حيث نفى وزير الموارد الطبيعية في حكومة اقليم كردستان آشتي هورامي بيع النفط لإسرائيل “بشكل مباشر أو غير مباشر”، وعلاوة على ذلك، انضم ما لا يقل عن ثلاثة من اليهود الأمريكيين وجميعهم مواطنون إسرائيليون وجنود سابقون في قوات الدفاع الإسرائيلية – إلى قوات كردية مختلفة في معركتهم ضد داعش في سوريا والعراق، وعموما، فإن هذه الأحداث، وإن كانت محدودة الأثر والتأثير، تقترح انفتاحا عاما على العلاقات الموضوعية التي قد تمهد الطريق لمشاركة مباشرة وملموسة ودائمة في المستقبل، ويمكن لكل من إسرائيل وحكومة إقليم كردستان أن يستفيدا بشكل كبير إذا ما واصلا إعطاء الأولوية للسبل البناءة والمتنوعة التي يمكن من خلالها رعاية وجعل العلاقات المباشرة أو غير المباشرة دائمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى