القريحة الفلسطينية تتخذ من النكبة طريقاً للابداع الفني والادبي

لم تكن سنوات قليلة قد مرت حتى بدأ التشكيليون ينسجون النكبة في خطوط الألوان وتدرجاتها، تلك التي تعكس أعماق النفس البشرية، تحكي قصة الرحيل عن الأرض في لوحة بيضاء فتبعث فيها الحياة، “إسماعيل شموط” كان أول من مارس حنين العودة في لوحته “سنعود”.

“سليمان منصور” رسام آخر غرز النكبة خنجرًا في ذاكرة الفلسطينين بلوحات عديدة، كانت أبرزها تلك التي جسّد فيها الفلسطينية التي تحمل القدس على كتفيها،  كما كانت لوحات الصبار ضمن إطار فن الطبيعة الصامتة رمزًا أثيرًا يشير إلى الفلسطينيين.

وفي فترة مبكرة من بعد النكبة، غدت أعمال الفنانين الفلسطينيين الرواد “إسماعيل شموط”، و”تمام الأكحل”، و”عبد الحي مسلم”، و”سليمان منصور”، وغيرهم، أيقونات تشير إلى الهوية وتلعب دورها التحريضي ضمن معركة المقاومة.

ولم تتوقف اللوحات في هذه الأسماء، بل انتقلت إلى مرحلة أخرى من الملصقات السياسية التي كانت توزع في كل مناسبة وطنية أو يتبادلها طلاب المدارس والجامعات بين الفينة والأخرى، في إحدى محاولات الذاكرة للانتصار في معركة النكبة المستمرة ضد المغتصب.

الغناء للقضية الفلسطينية 

“منع محمد عساف صاحب لقب محبوب العرب من الغناء مع الفنانة شاكيرا في حفل افتتاح كأس العالم بعد أن تلقى دعوة مسبقة”، هذا كان عنوانًا لأحد الأخبار التي تناولت منع الفنان “محمد عساف” من الغناء في افتتاح المونديال الشهر القادم في البرازيل، حيث قال محمد إنها “ضغوط دولية”.

“محمد عساف” الشاب الفلسطيني من قطاع غزة تحولت حياته تمامًا بعد أن فاز باللقب، بعد أن خرج من غزة المحاصرة إلى عالم الشهرة؛ ليؤكد على حمله القضية الفلسطينية في أغانيه، حيث أصدر أولى أغانيه المصورة من مخيم لللاجئيين الفلسطينيين في لبنان، ولذات السبب منع من الغناء في المونديال على حد قوله.

أسماء وأصوات عظيمة هي التي غنت لفلسطين والنكبة والعودة والمفتاح، (أحمد قعبور وميس شلش وعبد الفتاح عوينات وفرقة الوعد)، و(مارسيل خليفة وأميمة الخليل وفيروز من لبنان)، وآخرون كثر من كل أنحاء العالم غنوا للقضية، كان آخرهم الذي رحل قبل شهرين من حلول الذكرى الـ 66 للنكبة، إبراهيم صالح المعروف بـ “أبو عرب” والذي كتب وغنى للقضية منذ الثمانينيات.

الكاركتير 

حنظلة، فاطمة .. هاتان الشخصتان اللتان ابتدعهما الرسام الفلسطيني ناجي العلي، في محاولته لتجسيد الصراع في أول مراحله، والذي دفع ناجي حياته بسبب ذلك بعد أن أغتيل عام 1987 بسبب رسوماته، إلا أن رسوماته لم تتوقف حتى اليوم .

ولم يتوقف الكاركتير باستشهاد العلي، بل تواصل فاتحاً المجال لآخرين للتعبير بخطوطهم عن القضية باعثاً الأمل في الشعب بالعودة والانتصار مثل أمية جحا وعماد حجاج وجلال الرفاعي وغيرهم.

 السينما

“فتاة من فلسطين” ولا تستغرب إن علمت أن هذا الفيلم كان من إنتاج عام 1948، نعم في العالم ذاته من النكبة ليحكي قصة فتاة فلسطينية هاجرت من بلادها بعد مقتل والدها على يد عصابة عسكرية صهيونية، فترحل الفتاة إلى القاهرة، لتعيش مع خالها هناك لتعيش أجواء الحرب اللاحقة.

منذ ذلك العام، بدأت الأعمال الفلسطينية – أو تلك التي من خارج فلسطين – تتحدث عن النكبة تتوالى، بالطبع لم تكن بالقدر الذي تنافس غيرها من الأعمال حتى اليوم، إلا أنها كان موجودة ولها بصمتها في المهرجانات والمحافل.

وفي تلك الفترة المبكرة من بعد النكبة، كان الإنتاج المصري هو الأكثر زخمًا في إنتاج الأفلام بشكل عام، وعن القضية الفلسطينية بشكل خاص، حيث نشط العديد من العاملين في سلك السينما لخدمة القضايا الإنسانية والعادلة للأمة العربية، ومنها القضية الفلسطينية، فأنتجت العديد من الأفلام منها “أرض الأبطال”، “أرض السلام”، “الله معنا”، “أغنية على الممر”، “ظلال على الجانب الآخر”، “كتيبة الإعدام”، “سواق الأتوبيس”، و”ناجي العلي” وغيرها الكثير.

أما في العهد القريب، فبدأ العديد من المخرجين الشباب الذين بدأوا تناول القضية من جانب آخر، والتعامل معها بحس فني يرقى للعالمية محاولين الأخذ بالقضية إلى خارج الحدود العربية في الإنتاج والمهرجانات، منها كان فيلم “عمر” الذي رُشح لجائزة الأوسكار لمخرجه “هاني أبو أسعد”، و”معطف كبير الحجم” الذي دخل إلى مهرجان كان السينمائي لمخرجه “نورس أبو صالح”، وفيلم “الزمن الباقي” للمخرج “إيليا سليمان”، وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى