حملات التطهير المتواصلة من قبل نظام اردوغان تهدد بانقسام الشعب التركي

 

بعد أقل من عشرين يوما على الاستفتاء الرئاسي في تركيا، تابعت السلطات التركية حملات التطهير داخل مفاصل الدولة للمرة الثالثة على التوالي، لتطرد يوم الجمعة الماضي 107 من القضاة والمدعين بعد مزاعم عن صلاتهم بالمحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز الماضي، بحسب ما صرحت وسائل إعلام تركية.

ثالث عملية تطهير 

وفي غضون ذلك أشارت محطات تلفزيونية إلى أن السلطات أصدرت أوامر اعتقال بحق القضاة والمدعين المعزولين.

وأفادت وكالة رويترز إن هذه ثالث عملية “تطهير” تشنها السلطات منذ منتصف أبريل الماضي، عندما نظم استفتاء منح الرئيس رجب طيب أردوغان صلاحيات تنفيذية واسعة.

ثاني عملية تطهير

قامت السلطات التركية يوم السبت الماضي بثاني “حملة تطهير” بعد الاستفتاء الذي منح اردوغان صلاحيات جديدة شاملة، واعتبرت هذه الحملة الأوسع، حيث طردت تركيا أكثر من 3900 موظف من مؤسسات مدنية ومن الجيش، وقالت إنهم يشكلون تهديدا للأمن للقومي، مدعية أنهم يرتبطون بجماعة الداعية “فتح الله غولن”.

وشملت عملية التطهير الثانية حراس سجون وموظفين وأكاديميين وعاملين بمديرية الشؤون الدينية و1200 فرد من القوات المسلحة بينهم قرابة 600 ضابط، وجاءت عملية الطرد هذه بالتزامن مع تضييق الخناق وفرض قيود على وسائل الإعلام.

وفي السياق نفسه نشرت منظمة مراسلون بلا حدود تقريرا قالت فيه أن تركيا حلت في المرتبة 155 “من أصل 180” في ترتيب لحرية الصحافة للعام 2017.

وبحسب مرسوم نشر في الجريدة الرسمية فإن طرد هؤلاء الأشخاص جاءت للاشتباه في وجود صلات لهم “بمنظمات إرهابية وكيانات تمثل تهديدا للأمن القومي”.

وأفادت رويترز أن السلطات أوقفت في التاسع والعشرين من الشهر الماضي أكثر من تسعة آلاف من أفراد الشرطة عن العمل وجرى اعتقال ألف آخرين في إطار تحقيق عن صلات مزعومة بشبكة رجل الدين فتح الله غولن المقيم بالولايات المتحدة والذي تقول أنقره إنه مدبر الانقلاب الفاشل، بينما ينفي غولن أي صلة له بمحاولة الانقلاب.

عملية التطهير الأولى

جاءت هذه العملية بعد عشرة أيام فقط من الاستفتاء، لتعتقل السلطات التركية على اثرها أكثر من ألف شخص تشتبه بتأييدهم للداعية فتح الله غولن.

وشملت حملة التطهير هذه 81 محافظة بحسب وكالة أنباء الأناضول الرسمية، ونقلت الوكالة عن وزير الداخلية سليمان صويلو قوله بأن ” عملية التطهير هي اجراء ضروري في صالح الجمهورية التركية وهدفها تطهير” صفوف الشرطة من العناصر التي يشتبه في تاييدها غولن.

وجاءت هذه الحملات والمداهمات الغير مسبوقة خلال الأيام الأخيرة عقب فوز اردوغان بفارق ضئيل في استفتاء في 16 نيسان على تعديلات دستورية توسع صلاحياته، الامر الذي أثار مخاوف الشعب التركي من بروز النزعة التسلطية لأردوغان.

وفي هذا الصدد كتبت صحيفة التايمز مقال قالت في افتتاحيته، “أن مناخا من الخوف قد خلق في تركيا بعد حملات الدهم والاعتقالات الواسعة في أوساط العاملين في الخدمة المدنية والشرطة وأولئك المتهمين بالتعاطف مع المعارضة”.

ونقلت الصحيفة عن المفوض السامي لحقوق الإنسان قوله إن “على أي دولة الرد على أي هجوم عنيف تتعرض له، لكنها في الوقت نفسه يجب أن لا تنتهك حقوق الانسان في ردها هذا”.

لكن الصحيفة تعتبر هذا التصريح الأممي  التصريح  أقل مما ينبغي، فالأرقام وحدها، بحسب تعبير الصحيفة، تكشف عما تسميه ردود الفعل المذعورة “البارانوية ” للرئيس التركي رجب طيب أردوغان “المصمم ليس على تحطيم اعدائه وإنهاء أي معارضة سياسية محتملة فحسب، بل ومكافأة نفسه بمثل هذه السلطات الواسعة، بحيث لن تكون ثمة أي مراجعة مستقبلية لسلطاته الشخصية أو أي فرصة للمعارضة”.

تقلص الجيش إلى الثلث

صرح مجلس أوروبا إن عمليات التطهير التي قامت بها تركيا في صفوف جيشها منذ الانقلاب الفاشل في يوليو الماضي قلصت قواتها المسلحة بواقع الثلث. وأفادت الجمعية البرلمانية للمجلس أن “فصل عدد من أفراد القوات المسلحة التركية أدى إلى تقلص عسكرييها بواقع الثلث”.

من جهتهم يرفض المسؤولون الأتراك بشدة أي تلميح إلى أن ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي قد أصيب بالضعف. ويقولون إن الجيش أصبح أكثر ولاء وفاعلية بعزل مجموعة الضباط الذين حاولوا الاستيلاء على السلطة.

وأظهرت الدراسة التي أعدها مجلس أوروبا والذي يقول خبراؤه القانونيون إن نطاق التطهير غير دستوري وأن أعداد القوات المسلحة التركية انخفضت في أكتوبر من 518166 إلى 355212  بعد محاولة الانقلاب.

والجدير بالذكر أن تركيا ومنذ الانقلاب الفاشل فصلت حتى الآن نحو 145 ألفا من موظفي الحكومة ورجال الجيش والشرطة والأكاديميين، ووصل عدد القضاة وممثلي الادعاء المطرودين من مناصبهم إلى 4238.

كما تم اعتقال اكثر من 46 ألف شخص غالبيتهم من الشرطة والقضاة والمدرسين حتى الآن وتم طرد أو تعليق مهام اكثر من مئة الف أخرين على خلفية حالة الطوارئ المفروضة منذ محاولة الانقلاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى