السلطة السادسة وصلت.. فماذا نحن فاعلون؟

يُجمع البعض بان الاثير والفضاء المفتوح وبما يبث من خلاله من قنوات فضائية وانترنت ومواقع اجتماعية وهواتف ذكية ومنتديات حوارية الكترونية اصبح يشكل سلطة جديدة تضاف الى السلطات المتعارف عليها وهي –السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وسلطة الصحافة وسلطة منظمات المجتمع المدني- نظرا لقوة تاثيرها على البعض من خلال الرسائل والوجبات الاعلامية المختلفة التى تنقل عبر الفضاء المفتوح, ومن خلال الشبكات العنكبوتية والفضائيات.

لقد شكل عصر التكنولوجيا ثورة في المفاهيم والتواصل البشري ودخل التاثير الى كافة المجالات الحياتيه.. السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, واصبح الاعلام المعولم القادم والعابر للقارات يمثل سلطة جديدة يتحكم في رقاب العباد وفي تشكيل الراي العام سلبا وايجابا, فعلى مدار الساعة و الماكينات الاعلامية تضخ رسائل اعلاميه يشاهدها المواطن بخيرها وشرها, دون مقص رقيب او حسيب.

لقد اصبح الفضاء افقا مفتوحا للجميع ولكل من “هب ودب” وفي متناول الجميع يفرض حضوره بقوة نحو السيطرة على العقل البشري حد انتهاك الخصوصية الذاتية احيانا,  كما اصبح يشكل قوة تاثير كبيرة لا سلطة حجب عليه الا الضمير الانساني ولا تاثير عليه من قبل الادارات التنفيذيه المحلية في التحكم فيه او في محتويات رسائله الاعلامية.

امام هذا الواقع فان الذي يزيد المشهد تعقيدا هو اتساع دوائر الاعلام الهابط وتكاثره واستغلال الفضاء وسيلة مثلى للترويج له.

من هنا لا بد من اعادة دراسة للواقع الاعلامي المحلي والعمل على وضع الخطط المستقبلية الكفيلة بالمحافظة على مواطننا من هذا الاستلاب الفكري والثقافي والاجتماعي والخلقي وذلك من خلال اعادة الثقة بالاعلام الوطني عبر زيادة مساحة الحرية الاعلامية له ويُمكنه من المنافسة ويكون وجها مشرقا مقبولا لدى افراد المجتمع وكسب المصداقيه من خلال نقل الحقائق بكل نزاهة وشفافية, وان لا يترك مجال للتشكيك في رواياته للاحداث كما يحدث الان.

لا زال يوجد متسع من الوقت للتفكير الجدي والتخطيط الايجابي لاعلام مستقبلي يعمل على تصليب الجبهة الداخلية, ويبعد عوامل الاستلاب الخارجي ويكون عونا لصاحب القرار في بلدنا في مواجهة هذا المارد المتوحش القادم بقوة نحو السيطره على العقول والافئدة, وقبل هذا وذاك للسيطرة على منظومة القيم والاخلاق والدين معا وهدمها وتشكيلها كما يريد لخدمة اجندة خارجية عابرة للقارات تحت مظلة العولمة والحرية غير المنضبطة والانفتاح.

وفي هذا السياق يروى ان احد الولاة طلب من امير المؤمنين ان يبني سورا حول المدينة لكي يحميها من الاعداء, فكان جواب امير المؤمنين بان قال له:حصنها بالعدل فهو الضمان الاكيد لحمايتها من الاعداء.. وهنا لا بد من القول ان زيادة مساحة الحرية للاعلام الوطني, وبناء المصداقية ومعايير النزاهة والشفافية في التعامل مع عقلية المواطن المحلي هما خير ضمان لتحصين جبهتنا الداخليه من كيد العاديات, ومن شرور الاعلام الخارجي الذي لايراعي الا ولا ذمة .. فهل نحن فاعلون ؟

نامل ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى