لا تقسيم ولا تقاسم في سورية

منذ اندلاع الحرب على سورية تمسكت الدولة الوطنية وبثبات بمباديء الاستقلال والسيادة ووحدة الأرض والشعب في مجابهة جميع الخطط التقسيمية التي سعى إلى تنفيذها الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي والعصابات العميلة الموجودة على الأرض.

اولا تمكنت الدولة الوطنية السورية من انتزاع الإقرار الدولي بتلك المباديء في تفاهمات فيينا كمرجعية للحل السياسي بما في ذلك علمانية الدولة الوطنية السورية الجامعة كإطار حاسم لوحدة الشعب بعيدا عن جميع محاولات التمزيق والتصنيف العرقية والدينية ليصبح أي اعتراف بالخصوصيات تحت هذا السقف الوطني السيادي تجسيدا للتنوع الوطني الثقافي والمعتقدي كعنصر قوة لوحدة النسيج السوري.

إن توقيت الرضوخ لهذه الحقائق في مضمون التفاهمات والمباديء التي كرست في مجلس الأمن الدولي واكب نجاح الجيش العربي السوري وحلفاءه من روسيا وإيران والمقاومة في تحقيق تحولات كبرى على صعيد توازن القوى وهو امر تعزز ميدانيا في الأشهر القليلة الماضية ومنذ تحرير حلب.

ثانيا يمكن لأي دراسة معمقة لحركة الميدان ان تظهر توسع سيطرة الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة ومؤسساتها على النسبة الغالبة من الأراضي السورية الآهلة بالسكان بينما تحولت المطالبة بعودتها إلى مناطق سيطرة الجماعات المسلحة مطلبا شعبيا يتطلع إليه المواطنون المغلوبون على امرهم في ظل إمارات التكفير القاعدية والداعشية أوحيث تنتشر قوات خاصة أميركية مع ميليشيات تابعة او يتواجد مسلحون تديرهم المخابرات التركية.

برهنت مؤسسات الدولة الوطنية في يوميات المحنة حرصها على استمرار انظمة الامان الصحية والاجتماعية والتعليمية التي يعترف المحللون والخبراء في الغرب الاستعماري بأنها ميزة قوية للدولة السورية ولنظامها السياسي وقد كان من ثوابت سلوك هذه الدولة القوية ضمان استمرارية التقديمات وتدفق رواتب موظفي الدولة في جميع المناطق التي اخرجت عن سيطرتها وهي استطاعت تأمين قيام مؤسساتها بواجباتها في أصعب الظروف ودون تمييز بين سائر مواطنيها ورغم ما تعرضت له مؤسساتها الاجتماعية والصحية والتعليمية من تدمير على أيدي عصابات التوحش والإرهاب.

ثالثا الولاء الشعبي للدولة الوطنية في سورية تجدد وتجذر بقوة في هذه السنوات وواقعيا وجد الجميع ملاذهم في دولتهم الوطنية وهو امر يمثل النقيض لجميع طروحات التقسيم وحتى الحالة الكردية التي سعت بعض الجهات الدولية والإقليمية إلى دفعها في اتجاه انفصالي ضد الدولة الوطنية وجدت بعد التدخل العسكري التركي ان الجيش العربي السوري هو القوة الحامية لها من بطش أردوغان وهذا الجيش هو الذي قدم السلاح والمعونة للمقاتلين الأكراد في مجابهة عصابات التكفير بينما تؤكد القيادة السورية انفتاحها على مناقشة أي مطالب كردية خاصة تتعلق بالجنسية او الحقوق الثقافية والمؤسسات المحلية في مناطق التواجد الكردي الذي يتوزع جغرافيا وسكانيا ولا يمكن حصره في منطقة صافية عرقيا من حيث السكان فميزة الجغرافية السورية عبر العصور هي التنوع التكويني والاختلاط الذي وصل احيانا درجة الاندماج والتمثل القومي في حالات كثيرة.

رابعا لقد نسف الجيش العربي السوري وحلفاؤه في محور سورية الدولي الإقليمي قواعد التقسيم الافتراضي الذي اختبرته الدوائر الاستعمارية واليوم تبدو الصورة واضحة لمن يريد رؤية الحقائق على الأرض : الدولة السورية تسيطر على غالبية المناطق والعصابات القاعدية والداعشية تسيطر على ثلاث دوائر محصورة في محافظات إدلب ودير الزور والرقة بالإضافة إلى جزر متناثرة يضيق الخناق عليها في سائر المحافظات بينما هناك وجود عسكري أجنبي غير شرعي اميركي وتركي وتدخل صهيوني سافر في الجنوب.

التقسيم او التقاسم الذي يتوهم البعض إمكان وقوعه في سورية استنادا لهذا الوجود الإرهابي ولذلك التواجد الأجنبي يصطدم بإرادة الدولة الوطنية السورية الساعية بدعم من محورها الدولي والإقليمي لاسترجاع كل حبة من التراب السوري وهي تخطو إلى ذلك بمعارك يخوضها الجيش العربي السوري على جميع الجبهات بينما تستخدم أساليب التفكيك بالمصالحات الوطنية حيث يسمح توازن القوى بذلك ومن غير شك ان الأمور تتجه ميدانيا نحو حسم عسكري ضد العصابات الإرهابية كما تشير الوقائع السياسية والعملية ليبقى في عهدة الدولة الوطنية التفاوض مع الجهات الأجنبية المتدخلة في سورية دون التنسيق مع الدولة والجيش وهي معركة سياسية كبيرة مقبلة بعد العمليات العسكرية ستحظى فيها دمشق بدعم شركائها في روسيا والصين وإيران وحلف المقاومة.

إن تصميم الدولة الوطنية السورية على منع التقسيم ورفض التقاسم يستند إلى وعي وتصميم الشعب العربي السوري على التمسك بوحدة بلاده وبسيادتها وهو ما يقطع الطريق على الرهانات الاستعمارية الصهيونية الرجعية كما برهنت ست سنوات من التكالب والعدوان .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى