حزب البعث يستذكر جريمة غزو العراق ويدعو لاعتماد الحل الوطني

استذكرت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي, في بيان اصدرته امس, جريمة غزو العراق بمناسبة مرور 14 عاما على ارتكابها.

وقالت القيادة القومية في بيانها ما يلي..

في مثل هذه الأيام لأربعة عشر سنة خلت، تعرض العراق لغزو دولي متعدد الجنسيات بقيادة أميركا بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل ونسجه علاقات مع القاعدة التي حملت مسؤولية تفجير برجي التجارة في نيويورك. وقد ثبت كذب هذه الادعاءات ليس استناداً إلى تقارير لجان التفتيش وحسب، بل أيضاً باعتراف أميركي صريح بأن ما نسب للعراق استند إلى تقارير ملفقة وكاذبة.

وأن تكون أولى القرارات التي اتخذها الحاكم الأميركي بعد احتلال العراق، هي حل الجيش العراقي وحل حزب البعث واجتثاثه، فهذا كافٍ لأن يدلل على الهدف الفعلي الكامن وراء العدوان والغزو. وهو تدمير بنية الدولة الوطنية العراقية، وتفتيت بنية المجتمع العراقي، وقد أثبتت سياقات الأحداث أن كل ما قامت به دولة الاحتلال من إجراءات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية إنما أندرج ضمن المخطط المرسوم، وهو تدمير العراق وإسقاطه كدولة وطنية متماسكة بشعبها ومؤسساتها ونسيجها المجتمعي.

وإذا كانت الأيام الأولى، قد كشفت أبعاد المخطط العدواني الذي استهدف العراق، فإن ثلاثة عشر عاماً، كشفت أيضاً حقيقة أدوار القوى الخارجية والداخلية التي تلطت وراء القرار الأميركي، ثم ما لبثت أن انقضت على العراق لافتراسه وتدمير كل المنظومة القيمية إنسانياً ووطنياً واجتماعياً التي تميز بها العراق على مر العصور وخاصة مرحلة الحكم الوطني، الذي نقل العراق إلى مصاف الدول التي تسير بوتائر تسارعه لتحقيق نموها الشامل.

إن القوات الغازية التي قدمت بذريعة ادعاءاتها الكاذبة، قد دمرت الحجر وقتلت البشر وأحرقت الشجر، وأفرزت عملية سياسية لأهم لرموزها إلا توفير التغطية الداخلية للقوى المعادية للعراق وللأمة العربية التي تتوزع مروحتها من التحالف الصهيو-استعماري إلى نظام الشعوبية الجديدة في إيران.

وإن يطوي العراق عامة الثالث عشر، وهو ينوء تحت حرب تدميرية شاملة بحجة مواجهة قوى الترهيب السياسي والاجتماعي والتكفير بالديني، فإن هذا الذي تشهده مدن العراق وكل نواحيه وآخرها الموصل، ليس إلا نتاجاً للاحتلال الأميركي، وأن القوى التي تندرج تحت مسميات القوى الإرهابية، فهي إنما نتاج الحالة التي أفرزها هذا الاحتلال.

إن حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي، والذي يفخر بالتجربة الرائدة التي بناها الحكم الوطني لبنة-لبنة، والتي قدمت النموذج الوطني الذي يتوق الشعب الوصول إليه، من خلال أقانيم المشروع النهضوي الشامل والتي كانت صفحة مضيئة في تاريخه السياسي، إنما يفخر أيضاً بما سطره شعب العراق على الصفحة الثانية من مقاومة وطنية، كان للحزب الدور القيادي والريادي في إطلاقها وشمولية مفاعيلها والتي أثمرت دحراً لقوات الاحتلال الأميركي، وتصدياً متواصلاً، بالموقف والميدان لقوى الشعوبية الجديدة سواء تلك التي تتمثل بالوجود الميليشياوي الإيراني، أو تلك التي ترتبط بمركز التوجيه والتحكم في طهران.

إننا وفي هذه المناسبة، مناسبة حلول الذكرى الرابعة عشر لغزو العراق واحتلاله وبعد كل ما شهدته ساحة العراق من تطورات سياسية وعسكرية واجتماعية، نؤكد بأن كافة القوى والأدوات التي تناوبت على إدارة السلطة التي نصبها الاحتلال، إنما هي قوى تفتقر إلى الحد الأدنى من المصداقية الوطنية وأن لا هدف لها سوى الإمعان بسرقة ثروات العراق وإفقار شعبه وتوفير التغطية للمشاريع العدوانية المحمولة على رافعات القوى الدولية الاستعمارية والإقليمية. وبالتالي فإن إنقاذ العراق وإعادته إلى سابق عهده الوطني، لا يكون إلا بدحر الاحتلالين الأميركي والإيراني ومن التحق بهما، وإسقاط العملية السياسية بكل أطرافها ورموزها والعمل لإنتاج مشروع سياسي يكون قادراً على إعادة هيكلة الحياة السياسية على قواعد التعددية السياسية والديموقراطية التي تلبي الحاجة الوطنية العراقية وليست تلك التي بشرت بها أميركا وبرزت مشهديتها في أبو غريب وغيره وفي الانتهاكات المتمادية لحقوق الإنسان.

إن المشروع السياسي الوطني هو الذي يقوم على قواعد إعادة بناء الدولة المركزية العراقية وإعادة الاعتبار لمؤسساتها الارتكازية وخاصة مؤسسة الجيش الوطني وإعادة الاعتبار للدور الوطني الذي تضطلع به القوى الوطنية العابرة للطوائف والمذاهب والحزب في طليعتها وأن طرح المشروع السياسي لإعادة توحيد العراق وطنياً ومجتمعياً لا يكون منطلقاً من موقف الغاء الحظر والاجتثاث لحزب البعث إنما يكون استمراراً للنهج التقسيمي والتفتيتي الذي غزاه الاحتلال الأميركي وينفخ في ناره النظام الفارسي الصفوي الشعوبي.

على هذا الأساس، فإن الحل الوطني الذي يؤسس لوضع سياسي جديد تشارك فيه كافة القوى الحريصة على وحدة العراق وعروبته، هو البديل الموضوعي لكل أشكال المشاريع التي تتلون لبوسها الطائفية والعرقية والتي يراد لها أن تشكل تغطية لمشروع بايدن التقسيمي.

من هنا، فإن القيادة القومية للحزب، والتي لها ملء الثقة بقدرة شعب العراق على الانتصار على قوى العدوان والتبعية والطائفية والارتهان، فإن لها ملء الثقة، بأن كافة المؤتمرات التي تعقد هنا، سواء برعاية أميركية تركية وهناك برعاية إيرانية، آيلة في نتائجها إلى السقوط. لأن الشعب الذي فجر ثورته في 17/30 تموز، واتخذ قرار التأميم التاريخي، وانتصر في القادسية الثانية، وخاض المنازلة الكبرى في أم المعارك، وصمد في وجه الحصار والتجويع وتصدى للغزو وأطلق مقاومة شاملة ويتصدى للقوى الطائفية التي تمارس كل أشكال التنكيل والترهيب السياسي والتكفير الديني من “داعش” بكل مشتقاتها إلى ما يسمى بالحشد الطائفي الشعبي بكل مسمياته إنما هو قادر على انتزاع زمام المبادرة، على قاعدة توحيد جهود كافة القوى الوطنية العراقية الحريصة على وحدة العراق أرضاً وشعباً ومؤسسات وإقامة نظام المساءلة . هذا النظام، إنما يبدأ بإطلاق عملية سياسية، تسقط وتجمد كل مفاعيل إفرازات الاحتلال، مع تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالنزاهة والمصداقية وإعداد مشروع دستور جديد يطرح على الاستفتاء الشعبي ومن ثم الدعوة إلى انتخابات تشريعية في سياق إعادة تكوين السلطة في ضوء الحاجتين الوطنية والشعبية، وعلى كافة القوى أن تتحمل مسؤولياتها وخاصة تلك التي تقاتل وتقاوم الاحتلال والفساد وحكم المحاصصة وكل محاولة تهدف إلى تغيير التركيب الديموغرافي. في هذه المناسبة التي أرادتها قوى العدوان، محطة للبدء بتدمير العراق، استطاعت قوى المقاومةأن تحولها محطة للبدء بتدمير مشروع قوى العدوان بكل ألوانهم وأطيافهم وواقعهم وهي ستحولها إلى محطة لإطلاق مشروع وطني، وهي حكماً منتصرة لأنها تمثل إرادة الشعب ومشروعية نضاله التحرري.

تحية للعراق بشعبه المقاوم، وتحية لمقاومته البطلة بقيادة جبهة الجهاد والتحرير وعلى راسها الرفيق المجاهد عزة إبراهيم الأمين العام للحزب، وتحية للشهداء وعلى رأسهم الرفيق القائد صدام حسين وتحية للأسرى والمعتقلين، وغد العراق سيكون حكماً مشرقاً على واقع جديد في بعديه القومي والوطني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى