صدق او لا تصدق ان الذاكرة تكذب علينا احياناً وتتلاعب بسجل الذكريات

في كتابها ” الذاكرة الخداعة”، اكدت عالمة النفس الكندية جوليا شو أن أغلب الناس يميلون في الكثير من المواقف للتهويل من ذاكرتهم.

وقد حرصت شو في بداية كتابها على الاستشهاد بمقولة عالمة النفس الأميركية إليزابث لوفتوس: “ذاكرة الإنسان تعمل بشكل مشابه بعض الشيء لموسوعة ويكيبيديا التي يمكنك استدعاؤها وتعديلها ولكن الآخرين يمكنهم ذلك أيضا”.

وتمثل هذه العبارة نواة أساسية للركائز التي يقوم عليها كتابها الذي ترجم إلى الألمانية بعنوان “الذاكرة الخداعة، كيف يزيف مخ الإنسان الذكريات؟”.

تتناول عالمة النفس الكندية جوليا شو ذات الأصل الألماني في الفصل الأول من كتابها الذكريات المستحيلة للإنسان وبالتحديد ذكريات تتعلق بسن الطفولة بل وحتى تلك التي تعود إلى زمن الولادة، ثم تنتقل شو إلى تفاصيل أخرى من بينها السبب وراء تحدث الإنسان غالبا فقط عن “الأوقات الطيبة” من حياته.

يبدو أن الذاكرة تحوي الذكريات الإيجابية بشكل خاص، كما تقول الكاتبة، ولكن هناك ظاهرة أخرى تلعب دورا في ذلك حيث أظهرت دراسات سابقة أن الإنسان يحتفظ في ذاكرته بشكل جيد بالأحداث التي تقع بين سن العاشرة والثلاثين عاما. وأثبتت هذه الحقيقة عند البشر في الكثير من الثقافات.

كما فسرت المؤلفة أيضا سبب عدم نجاة عباقرة التذكُر أيضا من الذاكرة الخداعة، ولماذا يجب علينا أن نكون يقظين عند تكوين الذكريات. حيث تمثل الذكريات المستوى الذي نقيّم به قدرات ذاكرتنا نفسها. فبينما يحسن أغلب الناس تقييم مستوى الذكاء في اختبار ما، فإنهم يميلون في الكثير من المواقف للتهويل من ذاكرتهم.

تعتمد شو في بحثها على حيلة إنتاج ذكريات خاطئة، وتجريب فعالية ذلك وطريقة تفاعل الإنسان معه، لذا لجأت الباحثة وزملاؤها إلى سماع شهادات من أقارب متطوعين في الدراسة عن فترة شباب هؤلاء المتطوعين حيث يختار الباحثون أحد الأحداث التي وقعت في هذه الفترة، ويطلبون من أقارب المتطوعين التحدث عن هذا الحدث ثم يواجهون المتطوعين على سبيل المثال بحادث سرقة مختلق أو غير ذلك من الجُنح البسيطة التي يفترض أن أحد المتطوعين ارتكبها في الصغر.

من الطبيعي ألا يتذكر المتطوعون ارتكاب هذه الجنحة المتخيلة، ولكن ذلك يشجع من قبل الباحثين على التعمق في الموقف والانغماس الذهني فيه. ولأن المتطوعين يصدقون أن قصة الجنحة حقيقية تماما مثل غيرها من القصص التي رواها عنهم أقاربهم، فإن معظمهم يبدؤون في تطوير ذكريات خاصة بهذا الموقف ويزينون هذه الذكريات شيئا فشيئا بالمزيد من التفاصيل.

ورغم أن شرح هذه التجارب أمر بالغ الدقة، إلا أن الدراسات التي تحدثت عنها شو في ما بعد في كتابها تؤدي إلى نتائج بعضها مذهل. فالكتاب لا يغفل أي تفصيل مما يتعلق بتشكيل ذاكرة الإنسان وطريقة عملها، بمنهجية ونضج، يضاف إلى ذلك أن الكتاب صيغ بأسلوب بسيط ومفهوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى