تمنيات وآمال من وحي مؤتمر عمان القادم

تقف أمتنا ومنطقتنا العربية والاسلامية هذه الأيام على شفا جرف هارٍ من التحديات والأزمات, حيث اخذت هذه الأزمات والتحديات تتسع دوائرها فأصبحت تفت في عضدها – وهناً على وهن – تاركةً نزاعات و فتناً وحروباً تأكل الاخضر و اليابس, وتزيد من حالة التردي و التخلف: تخلفاً فكرياً و ثقافياً جديداً يضاف الى تخلفنا الحضاري عن باقي الامم من خلال اللعب على أوتار الطائفية و المذهبية والجهوية المقيتة, ونشر خطاب الكراهية بين مكونات الامة لإثارة الفتن والنزاعات والحروب الدموية بين أبنائها، كل هذا يحدث نتيجة لتغيب خطاب الرشد و العقل و فقدان البوصلة الموجهة لهذه الامة.

لقد انهار العديد من الدول في منطقتنا وعالمنا الاسلامي نتيجة لموجات وهزات الربيع العربي المتلاحقة، وتبين للجميع مدى هشاشة هذه الانظمة المستبدة التي حكمت العباد و البلاد لعقود خلت بالحديد والنار تارة، وبالشعارات الثورية و الاممية و التقدمية تارة اخرى، فثبت بالوجه الشرعي بطلانها من أول هزة اجتاحت هذه الانظمة في هذه الدول.

لقد ثار الانسان المستضعف في منطقتنا لاسترداد كرامته المجروحة و ثرواته المنهوبة, وفي خضم هذا الحراك اختلط الحابل بالنابل وبرزت الى حيز الوجود “القوى الظلامية والضلالية” التي غيرت المسار ولبست مسوح الدين عنوانا وشعارا لهذه المرحلة، لتعيث بالانسان والعمران تدميرا وقتلا وتشريدا، و استنزفت بأفعالها البشعة والمستنكرة دينياً واخلاقياً وانسانياً مقدرات الامة البشرية والمادية, وأضاعت في لجة الصراع زهرات شباب الأمة ممن غرر بهم في حروب ونزاعات دموية مسلحة, متذرعة بالصواب الأوحد والتكفير والتقتيل للطرف الاخر وكل من يخالفها، ومع كل هذه الدماء التي سالت والدمار البشري والمادي والقيمي والمعنوي لأمتنا.

ومن مؤتمر عمان القادم والموسوم بـ (المسلمون والعالم من المأزق الى المخرج 11-12\3\2017) سيؤذن في الناس بان ان الاوان ان تنهض الامة العربية والاسلامية من جديد, ومن تحت الركام لتجدد ذاتها وتوجه بوصلتها نحو مفاتيح الخروج من هذه الأزمات الى نور الهداية والرشاد والصلاح, ولتخرج اكثر صلابة وأشد عوداً من خلال الدعوة إلى فض النزاعات بالطرق السلمية والترفع عن الخلافات الجانبية وتعزيز مفاهيم الوحدة والاعتصام بحبل الله المتين، وتشجيع الإبداع الفكري والعلمي وتعزيز مكارم الأخلاق ومنظومة الحاكمية الرشيدة ومفاهيم الدولة المدنية الجامعة للانسان ولحقوقه, وغرس مفهوم المشاركة الشعبية في العمل والانتاج والدعوة الصادقة الى اصلاح مناهج العلم والتربية و تعزيز ثقافة البحث العلمي الرصين، وقبل هذا وذاك التمسك بثوابت الأمة من خلال دينها العظيم, وسنة النبي العربي الأمين، وتجديد مخزونها العربي وموروثها الفكري والمعرفي العظيم ، ليواكب متطلبات العصر قولاً وفعلاً وسلوكاً حضارياً وإنسانياً.

هذه تمنيات صادقة من كل فرد من افراد امتنا, ومن كل من امن بالعروبة والاسلام عروة وثقة لا انفصام بينهما, بالنجاح لهذه التظاهرة الفكرية الثقافية الكبيرة التي تأتي متزامنة مع عمان عاصمة للثقافة الاسلامية لهذا العام 2017 وموعد انعقاد قمة رؤساء العالم العربي في عمان في نهاية هذا الشهر اذار.

قال تعالى (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم الى صراط مستقيم) صدق الله العظيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى