عيد الوحدة نقطة ضوء لا تغيم

تحل علينا الذكرى57 لأعلان الجمهورية العربية المتحدة, كأول آلية عملية لأذابة الحدود والفواصل التى أصطنعها الأستعمار لتقطيع أوصال الأمة العربية – وعلى الرغم من أن الأقليم الشمالى (سوريا) يبعد عن الأقليم الجنوبى (مصر)- الا أن أرادة الجماهير التواقة الى الوحدة, ورغبتها فى أذابة الفواصل والحدود والحد من الخلاف, وفى التوحد حول الهدف, والعمل المشترك من أجل ازالة الأستيطان الصهيونى فى فلسطين, وأدراكها أنه العائق فى سبيل تحقيق الوحدة العربية الشاملة, كانت لها مفعول السحر فى تحقيق هذا العمل الوحدوى بين مصر وسوريا, كما كان لدور الزعامة فى البلدين – والتى اتسمت بالثورية والأرادة الحرة المقاومة للأستعمار والصهيونية , وأيمانها بوحدة المصير – الفضل فى تسريع الخطى, والديناميكية المتجاوبة مع الحركة الشعبية المصرية والسورية لتحقيق أرادتها فى ذوبان تراب البلدين فى الجمهورية العربية المتحدة , ولقد تناغمت الجماهير السورية والمصرية فى لحن واحد متسق وسياق متصل, ذابت فيه النظرة الآحادية والمحلية وتجاوزتها الى الآفاق القومية, فأنتخبت الزعيم جمال عبد الناصر رئيسا لدولة الوحدة.

ولقد كان بزوغ شمس الوحدة بالجمهورية العربية المتحدة, مصدر قلق للرجعية العربية والأستعمار والصهيونية, فسرعان ما نصبوا الشراك ودفعوا الأنفصاليين الى أجهاض هذا الفعل الوحدوى, الا أن الضوء المنبثق عن هذه الحركة الشعبية الوحدوية ظل فى مداره يضيىء وينير المسار والطريق نحو هدف الوحده المنشود , فحافظت مصر على أسم الجمهورية العربية المتحدة وظل نشيد الوحدة يعزف فى كل الأرجاءوعلم الوحدة يرفرف فى سمائها والسماء السورى , وبدى ( ناصر) رئيس الجمهورية العربية المتحدة, للشعب العربى زعيما للأمة العربية كلها وأملها فى وحدة شاملة تذيب الفواصل والحدود الأستعمارية بين ترابها, وتعمل بكل الطاقات لتحقيق وحدة الهدف والمصير, متمسكة بالضوء الذى أنبثق عن العمل الوحدوى الذى صنع الجمهورية العربية المتحدة.

أن قيام دولة الوحدة فى 22 شباط 1958 كان بمثابة تحدى رائع لقوى الأستعمار العالمى التى أصطنعت الكيان الصهيونى فى فلسطين, ليكون سدا منيعا لأى عمل وحدوى بين مصر وسوريا, لأدراكها البعيد المدى أن وحده الدولتين هى التى تصنع نهاية التدخل الأستعمارى فى العالم وهى اللبنة الأولى نحو وحدة عربية شاملة قادرة على طرد الكيان الأسرائيلى من فلسطين, وعلى ما سلف بيانه , فأن قوى الرجعية العربية – المتمثلة فى الأنظمة الملكية المفروضة على شعبنا فى الأردن والمغرب, وكذلك مشايخ وأمراء الخليج التى فرضتهم الأمبريالية والقوى الأستعمارية على شعوبنا الخليجية النفطية – هذه القوى التى تماهت مع الصهيونية العالمية والأمبريالية الأمريكية وقوى الغرب الأستعمارى من قبل, وقد أتخذوها مخلب قط لتدمير الجامعة العربية – كآليه لتحقيق الوحدة العربية – وصار مجلس التعاون الخليجى المصنع صهيونيا وامريكيا آليه لهدم الجامعة العربية.

أن ما يحدث فى مصر وسوريا وليبيا واليمن وماحدث فى العراق والسودان من تدمير وقتل وتفكيك لعرى هذه الدول وجيوشها لم يكن وليد اللحظة, ولم يكن من فراغ, ولكن لأن هذه الدول كانت لها ارهاصات وحدوية, أدت بها الى خطوات على الطريق نحو الوحدة والأتحاد الذى هو أمل أمتنا العربية.

أن الدور الخطير الموكول لحكومتى قطر والسعودية من جانب أمريكا وأسرائيل, بتمويل كل الحركات التى تعمل على تحويل سوريا ومصر والعراق وليبيا واليمن الى أنقاض – عقابا على السياسة الوحدوية التى كانت ترنو اليها شعوبها واجبرت حكوماتها على السير نحوها- أن هذا الدور يجب أن يجهض من الآن فصاعدا , ويجب أن يجابه من القوى الشعبية العربية بالتواصل مع شعوب بلداننا فى الخليج من أجل الأطاحة بهذه الأسر الحاكمة الخليجية النفطية التى تعشعش منذ زمن على حقول النفط, والموكول اليها من الأستعمار اَلاَ تتركها الا بعد القحط .

أن العدو الرئيسى لوحدة أمتنا العربية, وقد تجلت أفعاله التدميرية الآن على كل البقاع العربية قد تجسد واقعا فى حكام الخليج النفطيين وخاصه قطر والسعودية, وكذلك كل حركات الأسلام السياسى ممثلة فى جماعة الأخوان المسلمين والوهابية, وماتخرج من عبائتهما من جماعات أصولية متشددة وأرهابية, وعلى الشعوب العربية أن تدرك حقيقة هذا العدو وتعمل بكل السبل على تطهير بلداننا العربية منه أتقاء لما يجلبه من دمار وهدم للهدف المصيرى نحو الوحدة الشاملة.

أن وحدة الشعوب العربية الآن , هى الخطوة البديلة للجامعة العربية المسكونة (بالعفاريت والشياطين) الذين يحملون فناطيس الجاز ليحرقوا بعوائدها الأخضر واليابس والديار العربية, ولذلك يجب أن يظل يوم 22 شباط بما يمثله من ضوء أضاء المنطقة العربية كلها بدولة الجمهورية العربية المتحدة, ضوءا ساطعا ينير عقول شعبنا العربى وروحه ويشحذ قواه ليكون قادرا على تحدى الصعاب التى تواجه الأمة العربية وتحاول ان تزيل المفاهيم الوحدوية من خريطة الفكر العربى.

أن الشعوب العربية الواعية يجب أن تفضح هذه الحكومات الرجعية, وتقتص منها حساب الضلال الذى حاولت أن تزيفه عليها, لذلك لا بد أن يبقى يوم 22 شباط الضوء الذى يؤكد أن شعبنا شعب عربى ومصيره يرتبط بوحدة مصير الأمة العربية.

أن يوم 22 شباط بعد 57 عاماعلى توقيع ميثاق وحدة مصر وسوريا, وأنبثاق الجمهورية العربية المتحدة, لا بد أن يستمر ضوئه ينير لشعبنا طريق الوحدة, من خلال عقد العزم على أن يعيد صنع الحياة على أرضه بالحرية والحق, بالكفاية والعدل, بالمحبة والسلام, أن شعبنا يملك من أيمانه بالله وأيمانه بنفسه ما يمكنه من فرض ارادته على الحياة ليصوغها من جديد وفق أمانيه الوحدوية.

وأخيرا .. أن التقاء القوى التقدمية والشعبية على الأمل الواحد فى كل مكان من الأرض العربية, وتجمع القوى الرجعية على المصالح المتحدة من الأرض العربية هو فى حد ذاته دليل على الوحدة أكثر مماهو دليل على التفرقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى