طوبى لشيخ الخطاطين الفلسطينيين

لم يكن قد أتم العاشرة من عمره عندما بدأ اهتمامه بالخط العربي وحرصه الذي ازداد يومًا بعد آخر، حتى استحق المُسن الفلسطيني من مدينة الخليل الحاج فيصل شحادة، لقب “شيخ الخطاطين الفلسطينيين”.

ويُفيد الخطاط شحادة (87 عامًا)، بأنه ما زال على رأس عمله قائمًا “بجد ونشاط وحيوية، كأنه في ريعان شبابه، ويحرص على إنهاء اللوحات التي تطلب منه في الوقت المحدد”.

ويحتفظ الخطاط المُسن في متجره الصغير؛ الذي يتواجد فيه من الصباح الباكر، باللوحات وشهادات التكريم منذ سنوات طويلة، يُزين بها الجدران، “فتلك لوحة من الخمسينات، وأخرى شهادة تكريم منذ ثلاثين أو أربعين عامًا”.

ويوضح الخطاط شحادة لـ “قدس برس”، أن حكايته بدأت عام 1941، عندما بدأ بالاهتمام بالخط العربي، ولم يكن حينها من المتاح أن يحصل على القلم أو الورق فلجأ إلى تمزيق ما كان يخطه الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية من لوحات تسرد مجريات الحروب، ولفت انتباهه أكثر ما كان يكتب من شعارات أسفل اللوحة بخط جميل عُرف لاحقًا أنه “خط الثلث”.

ويتابع شحادة: “كنت اغتنم الفرصة لتمزيق هذه الشعارات التي تخط أسفل اللوحات، وآخذها للبيت وأعيد كتابتها على أي ورقة أجدها باستخدام مادة الكربون”.. مبيناً أنه استمر على هذه الحالة حتى حصل على بعض الكتب، والصحف وبات يتعلم لوحدة شيئًا فشيئًا.

وأكد الخطاط الفلسطيني أنه وجد معاناة كبيرة في البداية للحصول على الأقلام التي يخط بها كتاباته، و”انتقلت من الأخشاب إلى ريش الأُوز، ومن ثم خشب البوص التي حصلت عليها من أصدقائي من ضفاف أحد الأنهار الى أن وصل بي الحال لأطقم الأقلام المعدنية المستخدمة اليوم من قبل الخطاطين”.

وبات شحادة اليوم يحرّك قلمه كما يريد ليخطّ تاريخ وحاضر مستقبل العرب والمسلمين؛ “فالقرآن الكريم خُط باللغة العربية”.

وافتتح شحادة، أول مكتب للخط العربي عام 1953 في مدينة الزرقاء بالاردن، حينما خدم في الجيش الأردني إبان سيطرته على الضفة الغربية في تلك الحقبة، وتمكن من كتابة لوحات ومخطوطات وصلت العالمية في حينها، وحصل على تكريم واعتماد من مؤسسات أردنية وتركية وفلسطينية تعنى بالخط العربي.

ويحرص شحادة اليوم على تدريس أحفاده أسس ومبادئ الخط العربي عبر دروس يومية، والأمل يحذوه بأن يورث “هذا الحب والاهتمام بالخط العربي، خاصة خط الثلث الذي يعشقه في كتاباته”.

طموح وعطاء شحادة لم يتوقف رغم تقدمه في السن، فلا زال يعطي دورات لمدرسي الخط العربي في بعض مدارس الخليل، ويعكف خلال الشهور القادمة على افتتاح أكاديمية صغيرة لتدريس الخط العربي عبر دورات تعليمية مكثفة، ومنهاج علمي للطلبة والمدرسين ولمن يرغب من المواطنين باكتساب ملكة وإبداع الخط العربي.

ويرى الخطاط شحادة أن هناك اهتمام كبير مؤخرًا بالخط العربي عبر مراكز تمنح دورات للطلبة والمعلمين، “لكن هذا الاهتمام بحاجة إلى عمل منهجي مدروس يتم دعمه من قبل وزارة التربية والتعليم ليدرس الطلبة الخط كبقية المواد الأخرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى