الجيش التركي يهزم نفسه في الميدان نكاية باردوغان

التحدي العسكري الكبير الذي تواجهه تركيا اليوم يمثل مفترق طرق بالنسبة لقوتها العسكرية, سواء من حيث سمعتها وهيبتها عالمياً, أو من واقع جديّة مقدرتها على حماية بلادها داخلياً في مواجهة الأكراد من جهة والإرهاب من جهة أخرى أو قدرتها على الصمود والنجاح في الإستحقاقات الخارجية التي انغمست فيها في دول مجاورة، فيما يلي نعرض إمكانات هذا الجيش، ونقارن ذلك مع نتائج عملها مؤخراً في الميدان العسكري.

يعتبر الجيش التركي ثاني أكبر جيش في الناتو بعد نظيره الأمريكي، ويحتل المرتبة العاشرة عالمياً في التصنيف الدولي لأقوى جيوش العالم وتقدر ميزانيته بنحو 18 مليار دولار، ويحتل بذلك الرتبة 15 عالمياً على مستوى الإنفاق العسكري، ويضم الجيش التركي حوالي 610 آلاف فرداً، ويعتبر أحد أفضل الجيوش تدريباً في العالم.

ومن ناحية التسليح يحصل الجيش التركي على أسلحته من دول مقتدرة عدة أهمها أمريكا، وألمانيا، وبريطانيا، وكوريا الجنوبية وإيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، والصين، وروسيا، والنرويج، والسويد. كما أن تركيا نفسها تصنع السلاح وتصدره لعدد من الدول أيضاً.

وفي عودة بسيطة للامس القريب لسنا ننسى التصريحات التركية بشأن وضع حدّ للهمجية الإسرائيلية في البحر المتوسط وإعلان أردوغان أن السفن التركية ستُشاهد بشكل متواتر في شرقي البحر الأبيض المتوسط، وتصريحات مسئول عسكري تركي رفيع في أنقرة أنذاك بـ “أن الشرق الأوسط لن يكون فيه مكان يقوم فيه سلاح البحرية الإسرائيلي بالعربدة الهمجية على السفن المدنية” وذلك إبّان التوتر الذي حصل بين الكيان الإسرائيلي وتركيا والذي تبعه تحدٍ للكيان بالإعتداء مجدداً على الفلسطينيين.

إلا أن كل هذا التهديد والوعيد لم يكن سوى كلام في الهواء إذ تعرضت غزة والفلسطينيين بعدها للعديد من الضربات البحرية والجوية والبريّة كما قامت القوات الإسرائيلية بالتعرض للعديد من السفن في البحر المتوسط ومنها سفن تركية واعتدت في غير مناسبة على المياه الإقليمية لعدد من الدول واخطتفت صيادين وطواقم سفن ولم تحرك القوات التركية ساكناً.

في مكان آخر وفي بعشيقة (العراق) تحديداً كانت القوات التركية مرة أخرى أمام تحدي جديد يتمثل بالتوسع شمال العراق ودحر داعش من تلك المناطق إلا أن الجيش التركي بدا عاجزاً تماماً أمام داعش أنذاك في الوقت الذي استطاعت فيه بعض الفصائل العراقية الشعبية “كالحشد الشعبي” من تحرير مساحات شاسعة من الأراضي العراقية وفي وقت قياسي في جرف الصخر والموصل وغيرها من المناطق.

في مشهد آخر حاولت تركيا عبر حملتها “درع الفرات” إعادة هيبة جيشها من جهة وتحقيق مكاسب سياسية من جهة أخرى، فبدأت الحملة في الشمال السوري وكانت هذه المرة أمام تحدي جدي يتمثل في ثقل قوة داعش في مدينة الباب السورية، وقدّر أن الحملة ستنتهي بسرعة وسيستمر التقدم شرقاً نحو منبج وصولاً للرقة، إلا أنها علقت على مشارف الباب لا بل خسرت قسماً من الأراضي التي كانت قد توسعت فيها سابقاً.

عندها ذهبت تركيا نحو طلب دعم أمريكي لقواتها في مدينة الباب إلا أن الأخيرة رفضت فبادرت روسيا وشاهدنا الطائرات الروسية تضرب الباب للمرة الأولى حماية للقوات التركية المتمركزة هناك ولكن بالضربات الجويّة لا يمكن القضاء على داعش، لذا تركيا اليوم تقدم تنازلات كبيرة مجدداً للخروج من مستنقع الباب عبر طرحها مقترح بإعادة فتح قاعدة أنجرليك لخدمة ضربات التحالف الجويّة مجداً سعياً منها لتأمين دعم لقواتها للتوسع مجدداً في الباب وغيرها.

في مقابل وهن الجيش التركي أمام داعش نرى الجيش السوري وحلفائه يحررون مناطق واسعة ومختلفة من داعش بوقت سريع وقياسي، وهنا قد يأتي البعض ليقول أن تجميد التقدم التركي في مواجهة داعش قد يكون لأسباب سياسية، إلا أنه في الواقع وفي معلومات حصرية لـ “الوقت” من مصدر رفيع المستوى تفيد بأن تركيا تقدمت بوساطة روسية تطلب فيها دعم قوات الجيش العربي السوري وحلفائه البريّة لمساعدتها في دخول الباب، إلا أن الرّد جاء بالرفض إلا في حالة تسليم الباب للدولة السورية بعد تحريرها. وهنا يرجع البعض أن هذا الرفض هو السبب في تعليق الجماعات المسلحة مشاركتها في مفاوضات الأستانة، لذا الجيش التركي لديه القرار والإيعاز بدخول الباب إلا أنه عاجز عن ذلك، يرافق ذلك عجز أمني آخر يتمثل بنخر الإرهاب للداخل التركي يوماً بعد آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى