مؤتمر “فتح” ينصر عباس على دحلان.. ولا عزاء لفلسطين

قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مساء امس الأحد إن “ما أنجز خلال المؤتمر السابع لحركة فتح هو الجهاد الأصغر”، مخاطبًا أعضاء المؤتمر “وأمامنا الآن مهمة أن نخوض الجهاد الأكبر”.

وشدد عباس، في كلمة له في ختام أعمال المؤتمر العام السابع للحركة في مقر رئاسة السلطة بمدينة رام الله، على أن نجاح حركة فتح، انتصار لفلسطين وشعبها ولمنظمة التحرير وفصائلها وقواها وإسهام هام في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني.

وأفاد بأن “ما سجله المؤتمر من نجاح وما عكسته برامجه من دلالة على قدرة حركتنا على تحديد المهمات واعتماد طرائق العمل المناسبة سيقوي عزيمة شعبنا في نضاله ضد الاحتلال”.

مضيفًا: “وهذا يدعم أيضًا منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في جولات النضال السياسي والدبلوماسي الذي تخوضه في ساحات العالم”.

ورأى عباس، أن المؤتمر السابع “يكتسب في تاريخ فتح موقعًا بالغ الأهمية ويشكل محطة مفصلية في مسيرتها، كما وضع الأرضية وكرّس التوجه نحو توسيع قاعدة المشاركة في هيئات الحركة وتجديد شبابها”.

وأكد الرئيس الفلسطيني السعي مع اللجنة المركزية والمجلس الثوري، باعتماد التغييرات الضرورية واللازمة في النظام الداخلي لحركة فتح.

وقد أعلن المؤتمر العام السابع لحركة “فتح” في جلسته الختامية، مساء امس، أسماء الفائزين بانتخابات المجلس الثوري، والبالغ عددهم 80 عضوًا من أصل 436 مرشحًا، و18 عضوًا في اللجنة المركزية.

واختتمت حركة “فتح” مساء امس، أعمال مؤتمرها السابع منذ تأسيسها عام 1965، والذي انعقد على مدار ستة أيام، وسط تحديات تمثّلت أبرزها بإعادة لملمة صفوف الحركة، والحد من اتّساع رقعة الخلافات الداخلية فيها مع تيار دحلان ممّن وصفهم عباس بـ “المتجنحين”.

ورأى محلّلون ومراقبون للشأن الفلسطيني الداخلي، أنه جاء لتكريس النهج السياسي لرئيس الحركة محمود عباس، وحسم إقصاء تيار القيادي المفصول منها محمد دحلان.

وفيما يتعلّق بملف اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والذي سبق وأن أعلن رئيس السلطة الفلسطينية عن علمه بهوية القاتل، متعهدًا بإعلان نتائج التحقيق في الواقعة “قريبًا”، قال المحلل السياسي الفلسطيني جهاد حرب “كان من الخطأ التوقع أن يكون موضع استشهاد عرفات ضمن جدول أعمال مؤتمر فتح؛ فالتحقيق بشأن وفاته هو شأن فلسطيني، وأكبر من أن يكون شأنا فتحاويا خالصا”.

وأوضح أن اللجنة المكلفة بالتحقيق في اغتيال ياسر عرفات، مطالبة بتقديم تقريرها للجهات الرسمية قبل إعلان النتائج بشكل رسمي.

وتحدّثت تقارير إعلامية، في وقت سابق، عن أن مؤتمر “فتح” الحركي سيشهد الإعلان عن قتلة عرفات الذي صرّح رئيس السلطة الفلسطينية في مهرجان إحياء الذكرى الـ 12 لاغتياله، بأنه يعلم هوية قتلته، قائلا “لجنة التحقيق ستكشف قريبا عن النتائج التي توصلت إليها (…)، في أقرب فرصة ستأتي النتيجة وستدهشون منها ومِن الفاعلين”.

هذا وقد رأى محلّلون ومراقبون للشأن الفلسطيني الداخلي، أن المؤتمر قد جاء لتكريس النهج السياسي لرئيس الحركة محمود عباس، وحسم إقصاء تيار القيادي المفصول منها محمد دحلان.

وقد اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، جهاد حرب، أن المؤتمر لن يأتِ بأي تغيير في الحركة التي ستبقى متمسكة بالنهج السياسي لرئيسها، وذلك بدليل مخرجات انتخابات اللجنة المركزية لـ “فتح” وما شهدته من خروج بعض الأعضاء مقابل دخول آخرين غالبيتهم منسجمين وقريبين من عباس والنهج الذي يتبناه.

وقال حرب في حديثه مع “قدس برس”، “المؤتمر كرّس المنهج الذي اختطّه عباس خلال السنوات العشر الماضية، باعتباره برنامجا سياسيا للحركة للسنوات المقبلة، وفق ما أعلن عنه عباس في خطابه خلال المؤتمر”.

وبحسبه؛ فإن المؤتمر قد حسم إقصاء دحلان عن جميع الأطر القيادية في الحركة، الأمر الذي يضع أمامه خيارين رئيسيّين؛ أولهما أن يبقى على معارضته ويتمسك بعضوية “فتح”، والآخر أن يذهب لتشكيل جسم سياسي جديد يعبّر عنه عن مواقفه المعارضة.

ورجّح حرب لجوء دحلان إلى الخيار الثاني، لكونه يتمتع بتأييد 15 نائبا في المجلس التشريعي الفلسطيني، الأمر الذي يساعده في تشكيل كتلة برلمانية، معتبرا أن “هذا الخيار هو الأسهل والأقرب في تفكير دحلان وأنصاره”.

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، خليل شاهين، أن خيارات شديدة الصعوبة تمثل حاليا أمام دحلان وتياره، موضحا أن الأمر في الوقت الراهن متوقف عند اللجنة المركزية لـ “فتح” وقرارها حول كيفية التصرّف مع كوادر الحركة الذين جرى تصنيفهم كـ “متجنحين”، وما إذا كانت ستحاول إعادة استقطابهم أم ستمضي في سياسة الإقصاء.

وقال شاهين في حديثه لـ “قدس برس”، إن “عباس حقّق نجاحا عبر المؤتمر بتوجيه ضربة قوية لمعارضيه؛ خاصة تيار محمد حلان الذي لم يعد قادرا على العمل داخل الحركة في ضوء استثنائه من عضوية اللجنة المركزية والمجلس الثوري”.

وفي هذا السياق، رأى المحلل الفلسطيني أن نتائج انتخابات المؤتمر السابع لـ “فتح” لم تحمل أي جديد أو تغيير بالمعنى السياسي؛ “فالوضع السابق سيستمر على ما هو عليه وفقا للتوجهات السياسية لرئاسة الحركة والتي لم تخضع لنقاش جدي داخل المؤتمر”.

وقال شاهين “المؤتمر خلص إلى إجماع على تأييد رؤية الرئيس محمود عباس السياسية باستمرار الرهان على المسار السياسي، وتهميش الأوضاع الداخلية، والحديث الشكلي عن المقاومة الشعبية، كما أنه لم ينجح في وقف استمرار حالة التهامي في العمل بين السلطة الفلسطينية وحركة فتح”.

وأضاف أن “المؤتمر انتخابي بامتياز وأعاد تجديد الشرعية لعباس بصفته رئيساً لحركة فتح؛ فتمكن عبر ذلك من الإمساك بكافة المفاصل الاساسية داخل الحركة، خصوصاً أن عضوية المؤتمر كانت لعدد كبير من موظفي السلطة ممّن حرصوا على استمرار الوضع القائم”.

وبيّن أن نتائج انتخابات اللجنة “المركزية” والمجلس “الثوري” للحركة تعكس التوازنات الداخلية داخلها؛ فهي تضم تيارات مختلفة، لكن لا غلبة لتيار فيها يمكنه أن يغير المسار السياسي للحركة لاحقاً بعد الانتخابات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى