وادي عربة.. الحماس الحكومي لها يفشل في تبديد السخط الشعبي عليها

 

شهد يوم الاربعاء الماضي ارتفاع اعداد كثيرة من رايات الحداد والسواد فوق اسطح وشرفات جملة منازل ومكاتب ومتاجر اردنية ما زالت عامرة بالروح الوطنية، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية لابرام معاهدة وادي عربة المنكودة، التي اغتصبت اثنين وعشرين عاماً من رزنامة الزمن الاردني حتى الآن.
وبالرغم من انشغال المواطن الاردني باكداس الهموم المعيشية والازمات السياسية المحلية والعربية، الا ان ذكرى عقد هذه المعاهدة ما زالت تستفزه وتثير سخطه ورفضه للصلح والتطبيع، وتعزز يقينه يوماً بعد يوم باستحالة تحقيق السلام مع هذا العدو الصهيوني الغاصب للتراب الفلسطيني، والطامع في ما بين الفرات والنيل، والمتآمر على الامة العربية آناء الليل واطراف النهار.
بعد 22 عاماً من وقوع الفأس في الرأس، يمكن لاية قراءة متأنية لحصائل ومخرجات هذه المعاهدة- المصيدة، ان تثبت انها قد صبت بالكامل في صالح الطرف الاسرائيلي، واجحفت بالمقابل بمصالح وحقوق الجانب الاردني الذي وجد نفسه اسيراً لهذه المعاهدة، ومغلوباً على امره، ومسلوباً من حرية القرار والاختيار.
حتى رئيس الوزراء الذي وقع هذه المعاهدة المشؤومة، في مثل هذه الايام من عام 1994، واعتبر انها قد دفنت مشروع الوطن البديل واخواته من المشاريع الخطرة التي تهدد الكيان الاردني، عاد ليعترف بعد بضع سنوات انه قد تسرع في اعلان تفاؤله المبكر بنتائج هذه المعاهدة التي ما جلبت للاردن نفعاً، ولا حققت في المنطقة سلاماً.
مرور الايام والاعوام، وتعاقب الليل والنهار، لن يمنحا الشرعية الشعبية لهذه المعاهدة البغيضة، ولن يغيرا من جوهر الصراع العربي- الصهيوني واولويته على اية صراعات اخرى، نظراً لانه صراع وجودي وتاريخي لن يجد نهايته الا بزوال دولة الاحتلال، شأنها شأن ما سبقها من ممالك وكيانات اجنبية سادت في بلادنا ثم بادت.
وفي اطار الرفض الشعبي لهذه المعاهدة الظالمة انطلقت عقب صلاة الجمعة الماضية من امام المسجد الحسيني وسط عمان، مسيرة تضم المئات وترفع شعارات منددة بمسيرة الصلح والتطبيع مع العدو الاسرائيلي.
وقد هتف المشاركون في هذه المسيرة التي دعت إليها فعاليات شعبية وشبابية مختلفة.. ”لا سفارة صهيونية.. على الارض الاردنية”، ”وادي عربة مش سلام.. وادي عربة استسلام”.
وبهذه المناسبة رفع المشاركون في المسيرة شعارات رافضة لعقد صفقة استيراد الغاز الاسرائيلي، ومطالبة بعدم توقيعها والعدول عنها.
وكانت اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع قد دعت في وقت سابق إلى إعلان يوم الأربعاء الماضي، باعتباره يوما للحداد الوطني ورفع الأعلام السوداء في سائر الارجاء الاردنية.
وقال رئيس اللجنة الدكتور احمد العرموطي في مؤتمر صحفي عقده يوم الثلاثاء الماضي، ان معاهدة وادي عربة قد شكلت اعترافا رسميا من الحكومة الأردنية بشرعية احتلال العدو الاسرائيلي لفلسطين، وأن فلسطين اصبحت أرضا إسرائيلية وليست عربية، كما تنازلت عن حق الأردن في استرداد أراضي الضفة الغربية التي احتلت عام 1967 حينما كانت جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية.
وجدد العرموطي رفض الأردنيين لهذه الاتفاقية وما ترتب عليها من اجل دماء الشهداء ومن اجل كرامة الأردن ومستقبلة والحفاظ على أمنه واستقراره، ومن اجل الحفاظ على كرامة المقدسات والمسجد الأقصى في المقدمة ومن اجل الحفاظ على الحقوق التاريخية للامة.
وفي ختام المؤتمر طالب العرموطي الحكومة بإغلاق السفارة وطرد السفير الصهيوني وإلغاء هذه الاتفاقية وما ترتب عليها من تبعات والتزامات.
اما كتلة الاصلاح النيابية فقد اكدت، بهذه المناسبة، على موقفها المبدئي في رفض التطبيع مع العدو الصهيوني، ما سبق منه وما قد يكون مستقبلا، انطلاقا من مصلحة وطنية وعربية واسلامية.
وبحسب بيان اصدرته النائب الدكتورة ديما طهبوب، الناطق الرسمي باسم الكتلة النيابية، فإنه ومع مرور اثنين وعشرين عاما على توقيع معاهدة وادي عربة مع الكيان الصهيوني ” تبددت أحلام ”السلام” لمن كانوا يراهنون عليه مع استمرار الكيان الصهيوني في سياساته العدائية والتصعيدية والاستيطانية ضاربا بعرض الحائط كل الاتفاقيات والقرارات الدولية”.
وأضافت”وبالرغم من تعاقب السنين إلا أن الشعب الأردني بكافة قطاعاته ما زال يؤكد رفضه لكافة أشكال التطبيع مع العدو الذي ما انفك يثبت عدم التزامه بمقومات ما يسمى بالسلام مع استمرار الكيان في تهويد القدس والحفريات تحت المسجد الأقصى في تحد واضح للولاية الاردنية على المقدسات!”.
ولفتت طهبوب إلى أن هذه الذكرى المشؤومة تتزامن مع استفتاء شعبي حول اتفاقية الغاز يظهر تكاتف الشعب الاردني حول رفضه للتطبيع بكافة اشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومشاريع الوطن البديل وتصفية القضية الفلسطينية.
وعلى هذا الصعيد، رأى حزب الوحدة الشعبية أن هذه المعاهدة، شكلت تتويجاً للدور الأردني في الحلف الصهيو-إمبريالي على صعيد المنطقة العربية. فضلاً عن انها جاءت لخدمة هذا الكيان الغاصب ومحاولة تسويقه عربياً.
وقال الحزب في بيان اصدره بهذه المناسبة: أن هذا العام يعتبر العام الأكثر تسارعاً على الصعيد الرسمي للتطبيع مع إسرائيل والعمل الجدي على الشراكة الاقتصادية معها، من خلال مشاريع واتفاقيات مشتركة لم تكن الحكومات المتعاقبة قادرة في السابق على تسويقها، وعلى رأسها مشروع البحرين، واتفاقية الغاز.
وختم الحزب بالقول: نحن في حزب الوحدة الشعبية، نجدد التأكيد على مطالبنا بإلغاء هذه المعاهدة التي لم تجلب للأردن سوى المزيد من الانغماس في الحلف الصهيو-إمبريالي، كما نعتبر ان التسارع الحكومي نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني في هذا العام والذي تم تتويجه باتفاقية الغاز، يتطلب من كافة القوى الوطنية والتقدمية التكاتف للتصدي لهذه المعاهدة والعمل على إسقاطها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى