حركة حماس تجري مراجعة نقدية لمسيرتها السياسية وادبياتها الايديولوجية

أظهرت دراسة صدرت عن مركز “مسارات” لأبحاث السياسيات والدراسات الإستراتيجية في رام الله، أن الرؤية السياسية والفكرية لحركة “حماس” قد تطورت مؤخرًا, وأصبحت أكثر اهتماما بعلاقتها الخارجية إقليميًا ودوليًا, من تصورتها واهتماماتها الايديولوجية.

وأشارت الدراسة، التي أعدها ناصر خضور أحد الباحثين في مركز مسارات، إلى وجود بعض العوامل التي من شأنها الحد من هذا النهج؛ كتنامي ظاهرة الطائفية في المنطقة، وانتقال العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية إلى مستوى متقدم، إضافة إلى مدى نجاح الحركة في الحفاظ على وحدة مواقفها.

وذكر الخضور أن “حماس” تتجه إلى بلورة فكر سياسي يتسم بالواقعيةّ والعقلانية، ويتماشى مع مصالحها على المستوى الفلسطيني الداخلي، ويمنحها المرونة في صياغة علاقات خارجية  متوازنة في ظل المتغيرات المتسارعة في المنطقة.

وتابع: “لقد سعت حماس إلى اعتماد مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول وخصوصياتها، وحاولت الاقتراب أكثر من الشأن الفلسطيني الداخلي ومصالحه الوطنية، بعيدًا عن النظرةّ الأممية التي طغت على خطابها  بدايةّ الربيعّ العربي، مما يمكن أن يعطي الحركة قدرة أكبر على المناورة السياسية في علاقاتها الإقليمية”.

وتوقعت الدراسة أن تسعى “حماس” إلى ترميم علاقاتها مع الدول التي ترتبط معها بمصالح مشتركة، مثل مصر وإيران، على قاعدة عدم التدخل في أمنها الداخلي والخارجي.

ورجحت أن تستمر الحركة في سعيها لإيجاد اختراق في الشأن الداخلي عبر المشاركة في أي انتخابات برلمانية أو رئاسية قادمة، بحثًا عن الشرعية الداخلية والخارجية.

وبينت الدراسة أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها خالد مشعل, رئيس المكتب السياسي لحماس على هامش ندوة عقدت نهاية الشهر الماضي والتي اعترف خلالها بارتكاب الحركة بعض الأخطاء بعد فوزها بالانتخابات عام 2006، “تنم عن واقعية سياسية وتأتي في سياق سلسة من الأفعال التي تبنتها  الحركة خلال الأعوام الثالثة الماضية”.

ولفت معد الدارسة إلى أن “معضلة حماس تكمن في ميثاقها، الذي قد يشكل عائقًا أمام علاقات الحركةّ الخارجيةّ والدولية”.. مؤكدًا في الوقت ذاته أن “حماس” ترفض تعديل الميثاق لظروف داخلية خاصة بقاعدتها، وخوفًا من أن يفسر ذلك على أنه تنازل عن الثوابت والمبادئ التي أسست عليها الحركة.

واضاف يقول: “بالرغم من عدم إقدام الحركة على تعديل ميثاقها، إلا أنه يمكن فهم مقدار التطور الفكري الذي طرأّ على رؤيةّ الحركةّ ونظرتها لكيفيةّ إدارة علاقاتها الخارجية، والقضايا الوطنيةّ الداخلية، من خلال عدد من المواقف والتصريحات التي صدرت عن قادتها”.

ونوّهت الدراسة إلى أن الحصار الشديد الذي فرض على قطاع غزة بعد سيطرة الحركة عليه منتصف العام 2007 أجبر “حماس” على التعامل مع كافة الخيارات الممكنة داخليًا وخارجيًا، من أجل تخفيفه وتجنب تدهور شعبيةّ الحركةّ.

وختمت الدراسة أن “حماس” باتت تدرك أنه لا يمكنها الرهان بشكل مطلق على أي طرف إقليمي كما كان في السابق، دون أن تحسب على طرف دون آخر، فمصالح الدول تتغير بشكل سريع، وفق معطيات جديدة وفي ظل حالةّ سياسيةّ راهنةّ معقدة وتنافس بين القوى الرئيسيةّ في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى