الكونغرس الامريكي يورط السعودية في ازمة مالية قد تؤدي لافلاسها

مجدداً، وعلى صعيد سياسي ومالي وامني، ثبت ان المكر السيئ لا يحيق الا باهله، وان حكام السعودية الذين يشنون حرباً ظالمة على اليمن منذ اكثر من سنة، ويتآمرون على سوريا آناء الليل واطراف النهار، قد وقعوا في شر اعمالهم، واستنفذوا قوة جيشهم ورصيد اموالهم، وفقدوا صداقة اكبر واقدم حلفائهم الامريكان الذين ادبروا عنهم واقبلوا على خصومهم الايرانيين.
ففي الاسبوع الماضي، وجه الكونغرس الامريكي طعنة نجلاء ”للحليف” السعودي التاريخي، حين صوت باغلبية مذهلة لاسقاط ”فيتو” الرئيس باراك اوباما ضد قانون ”العدالة ضد رعاة الارهاب- جاستا” الذي يتيح لاسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر مقاضاة السعودية، ومطالباتها بتعويضات فلكية قد تصل الى مبلغ ثلاثة تريليونات دولار، هو حجم الودائع السعودية لدى الولايات المتحدة.
وبالفعل، فقد بادرت يوم الجمعة الماضي أرملة أحد ضحايا هذه الهجمات على مقر وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) باقامة دعوى قضائية ضد السعودية ، حيث ذكرت وكالة بلومبرج الأمريكية للأنباء أن الأمريكية ستيفاني روس دي سيموني قالت في دعواها أمام إحدى المحاكم في واشنطن أن السعودية قدمت دعما ماديا لتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن، وكانت دي سيموني حاملا عندما لقي زوجها الضابط البحري باتريك دون حتفه في تلك الهجمات.
وتطالب دي سيموني في دعواها التي تتهم فيها السعودية بالقتل الخطأ لزوجها وإلحاق أضرار نفسية بها عمدا، بالحصول على تعويض لم تحدد قيمته.
وسيعتمد الناجون من الهجمات وأقارب الضحايا على مجموعة من الملابسات لمقاضاة السعودية، منها تورط خمسة عشر مواطنا سعوديا في الهجمات من أصل تسعة عشر، إضافة للعلاقات التي ربطت عددا من المنفذين بأفراد مرتبطين بالحكومة السعودية، أو تلقوا دعما او مساعدة من قبلهم، ورغم عدم تحديد وكالات الاستخبارات الاميركية لطبيعة الصلات الدقيقة، هذه إلا أن القضاء قد يفعل ذلك ويحدد خيوط هذه العلاقات، خصوصاً وان التحقيق الذي صدر أواخر العام ألفين واثنين، وأعدته لجنتا الاستخبارات في الكونغرس يتحدث عن خيوط دفعت نوابا أمريكيين إلى اتهام مسؤولين سعوديين في السفارة في واشنطن والقنصلية في كاليفورنيا بمساعدة الخاطفين ماليا، وهنا ترد أسماء كالأميرة هيفاء الفيصل زوجة السفير السعودي حينذاك الامير بندر بن سلطان بإرسالها أموالا عن طريق دبلوماسي سعودي الى اثنين من الخاطفين، هما نواف الحازمي وخالد المحضار.
وتدور شبهات حول عمر البيومي المسؤول في الطيران المدني وعلاقات بالخاطفين، وشكوك حول مساعدة الدبلوماسي السعودي فهد الثميري للخاطفين على الاستقرار في كاليفورنيا.
وقد يعتمد المدعون على دور السعودية في دعم الجماعات الإرهابية حول العالم وترويج مؤسساتها الدينية والدعوية للأفكار المتطرفة والمتشددة التي تشكل عوامل محرضة للمنفذين.
وبالرغم من أن بعض عائلات ضحايا 11 سبتمبر طالب منذ عام 2003 بمقاضاة السعودية، إلا أن مطالباتهم لم تلق صدى إعلاميًا قويًا إلا بعد أن قام عضو في القاعدة متهم في تفجيرات 11 سبتمبر بالمثول أمام المحكمة في أواخر العام الماضي للإدلاء بشهادته بخصوص تورط السعودية في تمويل القاعدة.
زكريا موسوي، الذي يقضي حكمًا بالسجن مدى الحياة، صرح أنه كان على اتصال مع مسؤولين في الحكومة السعودية قبل أحداث 11 سبتمبر، وأخبر عن لقائه مع الملك سلمان عندما كان أميرًا ومع أطراف آخرين من العائلة المالكة بينما كان يوصل لهم رسائل من أسامة بن لادن، كما أخبر أنه في عام 1998 أو 1999 تم توجيهه من قِبل القاعدة في أفغانستان لإنشاء قاعدة بيانات إلكترونية تضم أسماء الداعمين للجماعة، وذكر أن من ضمن الأسماء التي أدرجها الأمير تركي الفيصل الذي كان رئيس المخابرات السعودية آنذاك، والأمير بندر بن سلطان سفير السعودية السابق للولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى الأمير الوليد بن طلال رجل الأعمال الشهير، والأمير محمد الفيصل، كما اتهم الأمير تركي، في رسالة إلى القاضي الفيدرالي في أوكلاهوما، بأنه أمر مسؤولاً سعودياً بمساعدة الرجال الذين أصبحوا بعد ذلك مختطفي الطائرة.
وقد اُستخدمت شهادة موسوي من قِبل عائلات الضحايا ومحاميهم لإثبات قضيتهم، ولا شك أنهم ينظرون إليها كدليل شبه قاطع لادعاءاتهم، نظرًا لكون موسوي عضواً سابقاً في القاعدة وكان ضمن المشاركين في التحضير للهجمات.
ومن جانبه رحب معهد المشروع الاميركي بهذا القرار، لانه سوف يخضع السعودية للمساءلة لتورطها في الارهاب على مدى عقود ثلاثة مضت، بالرغم من اتاحته الفرصة لالحاق الأذى بالاميركيين.
وشدد المعهد على ان ”الشك لا يساور احدا بأن السعودية قامت بتمويل مساجد السلفيين عبر العالم .. من ضمنها مسجد حي مولنبيك في بروكسيل الذي يعد من اضخم المشاريع الممولة سعوديا منذ بداية عقد السبعينيات؛ ومن باكستان لبلجيكا ولوس انجليس.
وزعم المعهد انه على الرغم من ”تبرئة” السعودية من قبل مسؤولي الادارة الاميركية والتقرير الصادر عن لجنة التحقيق باحداث 11 أيلول، فالثابت ان الوثائق ”تدل على انخراط كبير لمسؤولين سعوديين مع منفذي الهجمات، على أقل تعديل، ووفروا التمويل المالي لهم.”
وقد ارتعب حكام السعودية من فداحة الخسائر التي ستترتب عليهم جراء هذا القانون، حيث أفاد مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية أن اعتماد قانون ”جاستا” يشكل مصدر قلقٍ كبيرٍ للسعودية والدول التي تعترض على مبدأ إضعاف الحصانة السيادية، باعتباره المبدأ الذي يحكم العلاقات الدولية منذ مئات السنين.
وزعم مصدر ان هذا القانون قد لقي أيضاً معارضة العديد من الدول، إضافة إلى العشرات من خبراء الأمن القومي الأمريكيين؛ في ظل استشعارهم للمخاطر التي يشكلها هذا القانون في العلاقات الدولية.
وبحسب تصريحات فواز جرجس، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، فإن الأصول التي تمتلكها السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية تتراوح قيمتها بين 700 مليار إلى تريليون دولار، لافتا في تعليق له حول تهديد السعودية ببيع الأصول التي لديها في أمريكا بسبب قانون جاستا الى أن القيادة السعودية تخشى من تجميد مليارات الدولارات التي تمتلكها بقرارات من المحاكم الأمريكية .
وتصدر وزارة الخزينة الأمريكية تقريرا سنويا يظهر حجم الأصول التي تملكها السعودية في الولايات المتحدة، حيث افاد التقرير الأخير للعام 2016 -2015 انها تبلغ 612, 371 مليار دولار إلى جانب امتلاكها لسيولة حجمها 285,238 مليار دولار تضاف إلى امتلاكها لسندات دين آجلة بقيمة 264, 768 مليار دولار وسندات دين عاجلة بقيمة 62,370 مليار دولار.
ويذكر أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قال في تصريحات سابقة أن علاقة المملكة بالولايات المتحدة تاريخية وأنها حليف استراتيجي، معتبرا أن ”الولايات المتحدة أكبر الخاسرين إن أقرت رفع الحصانة عن الدول”.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى