طموحات ونداءات من أجل الخلاص العربي !!

تنطلق الآن في معظم أقطار الوطن العربي نداءات شعبية متعددة المضامين والأشكال سواء في المؤتمرات او القراءات او الكتابات من أجل وقف التراجع والتشظي العربي وتخليق مساحات جديدة للتحاور والحوار وثقافة الحوار لأن القادم ينذر بالشر التاريخي والسياسي المستطير ، ولأن الأمة هي الآن بكل المعاني رجل المنطقة المريض المهدد بأسوأ العواقب والتهميش والانقراض والاندثار .

ومع أن الشرفاء من أبناء هذه الأمة ممن يمثلون ضميرها وعقلها التاريخي ويطمحون الى وحدتها ونهضتها وحريتها  يتفاءلون ويلوذون الآن في رواحهم وغدوهم بكل لمعة أمل وبأدنى حد من الايجابيات التي تظهر عرضاً في الواقع العربي ، وبكل صور المصالحة والمحاورة والمكاشفة ، إلا أنهم يجدون أنفسهم في كل اللحظات أمام حقيقة أن الوفاق والاتفاق حول بعض الجزئيات العابرة لا يجوز أن  يعني إرجاء وإغفال الكليات القومية المترابطة ، وهي كليات يمكن من خلال تحديدها وتشخيصها وتحويلها إلى مبادرة ومشروع إنقاذي عربي أن تزحزح الواقع الراهن للأمة وتنقله فعلياً وتاريخياً إلى صعد وآفاق جديدة ، ولذا تبقى الآمال والطموحات مفتوحة لحوار وعمل ومبادرة تاريخية شمولية كبرى تعبر عن الطموحات والنداءات الجمعية المنطلقة في أكثر من مكان في هذا الوطن العربي الكبير أكثر مما هي مفتوحة وقابلة بالتوافقات والتفاهمات الجانبية المحكومة باللحظة والأهواء السلطوية الارتجالية المتعجلة التي قد لا توصل إلى الهدف الكبير المنشود وقد تنغلق على ذاتها ومجالها  اللحظي .

ونحن هنا نميز بين العابر من الخطوات السياسية الوفاقية وبين التاريخي والتدرجي والدائم والمستمر ولا نقلل من أهمية التعامل مع الممكن والمتاح لأن الأعمال الكبيرة تبدأ بخطوات بدئية صغيرة ، ولا يظنن أحد باستحالة وصعوبة التفكير بهذه الخيارات والممكنات بكل مستوياتها الصغرى والكبرى أو بهما معا وفي سياق واحد ، ونحيل في هذا المجال الى الحقيقة الفكرية – السياسية الكبرى التي لا ترى مخرجا في الحلول القطرية الواحدية التي عبرت عن خيباتها في الكثير من المجالات والمواقع وإنما تراها وتطمح اليها في الحلول التاريخية على صعيد الأمة بمجموعها نظرا لوحدة إشكالياتها وتداخلها وفهما لطبيعة الخطر والهجمة الاستعمارية – الصهيونية التي ترانا عدوا وإطاراً ودائرة واحدة ، وطبعا ليس اعترافا بالوحدة القومية للأمة ولكن كقاعدة منطقية  استراتيجية للتفكير بالإشكاليات ووضع خطط المواجهة واستراتيجيات الهيمنة .

النداءات التي تنطلق في أكثر من لقاء ومنتدى عربي لا ترى التفكير في هذا المجال وهذه القضايا يوتوبياً أو رغبياً وصراخاً في البريةّ ، وإنما تراه ممكنا ويحتاج إلى لحظة بداية وتأسيس ترافقها مبادرة للحوار في هذه النقطة الحادة النابعة من الخطر المحيق الذي يتهدد الأمة ، ولا نرى بأي حال أن ذلك قد يحقق المعجزات ويغير الأوضاع ، ولكنه قد يخلق نقاط البداية المطلوبة فيما يجب التفكير فيه في لحظة الأزمة والتأزم العربي الراهن .

ومجالات التحرك كثيرة قد تبدأ في دعوة  ومبادرة عربية رسمية وحراكات شعبية لوقف الاقتتال في أكثر من قطر عربي وصيانة الوحدة الوطنية ورفض العصبيات الطائفية والمذهبية  والدفاع عن السيادة ورفض مؤامرات التقسيم ونزعات الانفصال والهجرة ، واستعمال الطاقات والمؤثرات العربية  والدولية لإطفاء الحرائق في بلادنا ، ووضع تصورات قومية استراتيجية جديدة حول الأزمة العربية الراهنة وخطط اقتصادية وسياسية وتنموية بديلة قد تنتشل المواطن العربي من حصارات الفقر والعذاب والتشرد ، وكذلك صياغة رؤية قومية لما يجري في بلادنا ولكل التحديات الشاخصة والمتفاقمة في المرحلة الراهنة والخيارات الممكنة والمتاحة أمام الأمة ،  ووضع حلول تجريبية أو مشاريع حلول للأزمات القائمة والدعوة إلى حوار عربي شامل حول مجموع القضايا والتحديات التي تواجه الأمة العربية ، وهناك بلا شك المزيد من الأفكار التي يمكن أن تطرح بشكل واسع وممنهج على الصعيد القومي ويكون وراءها دفع شعبي قوي ومطالبات مؤثرة لوقف النزف والتراجع والدخول في مساحة أخرى من العقلانية والوفاق والتفاهم .

وقد يكون هذا التمزق العربي وتداعياته نقطة بداية لتفكير جديد في الحال والأحوال والما حول ، وقد تتحول هذه النداءات الشعبية المتعاظمة في كافة أرجاء الوطن العربي إلى نقطة تحول ونقطة بداية تاريخية تأخذنا إلى صعيد وموقف مغاير لأن الأمر الآن أمر وجود أو إنقراض وليس أمر غيوم صيف عابرة أو نكسات لحظية ومؤقتة !

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى