“فوانيس القدس” تبدّد عتمة الاحتلال

 

“أذكر أن الكهرباء لم تكن متوفرة لدينا لنُنير بها أزقّة البلدة القديمة عندما يحل رمضان، وهو ما كان يدفعنا نحو الإبتكار؛ فكنا نحصل على بطّيخة نقوم بإفراغها من محتواها بالكامل، ثم نحفر عليها نجوماً وأهلّة وننيرها بإشعال شمعة في داخلها؛ وهذا هو فانوس رمضان بالنسبة لنا”.

هكذا يروي المقدسي عصام زغيّر، قصته مع فوانيس رمضان التي تزيّن كل شبر وزاوية في محله الكائن بشارع “الواد” في البلدة القديمة، منذ أيام طفولته التي يستذكر فيها اقتناءه لحبات الفاكهة المنيرة عوضا عن فانوس رمضان، إلى أن كبر ونمت في داخله رغبة لترجمة حبّه لمدينته من خلال رسم النور والبهجة في شوارعها.

يقول زغيّر (63 عاماً) في حديثه لـ “قدس برس”، “لهذا المكان الأثر الكبير في قلبي، فأنا ولدتُ في البلدة القديمة، وعشت أجمل أيام عمري وطفولتي، حتى أولادي اليوم يعشقون القدس وكل ما فيها، وأيامي فيها مميّزة للغاية”.

ويُشير إلى أن رمضان يحلّ على القدس فيضفي عليها رونقا وبريقا مختلفا؛ “فتُصبح المدينة كالألماسة، تضيء من كل جانب؛ شوارعها مزينة باهية، وليس الشوارع فحسب، بل كلّ مكان، من أزقّةٍ وحارات وبلدات، لتجد كل العيون تتجه نحو القدس في رمضان”.

محلّ “زغيّر” مخصّص بالأساس لبيع العطور واشرطة الأناشيد الدينية، إلا أنه وفي شهر رمضان تحديدا، تجده وقد امتلأ بالفوانيس واكتظ بالمتسوقين الذين لا تملك أعينهم إلا الاستجابة إلى نداء الأنواء والأضواء الزاهية التي تزيّن سقف المحلّ، إلى جانب الفوانيس الحديدية المرتّبة أمام مدخله بأشكالها المختلفة.

يوضّح زغير أنه يصدّر أفكاره إلى مصر لتصنيع فوانيس رمضان بناء على طلبه ومواصفات يحددها بنفسه، ويقول “هذا العام أحببت أن يكون للفانوس ارتباط وثيق بالقدس، فقدّمت فكرة أن يكون الفانوس على شكل قبة الصخرة المشرّفة في المسجد الأقصى، ومنقوش عليها عبارات دينية أو آيات قرآنية، ولاقت إقبالاً من قبل الزبائن”.

ويُلفت إلى أن فكرة الفانوس قديمة حديثة، لكن بسبب عدم وجود كهرباء في العصور الماضية، كان الآباء يسرُجون القنديل ويحملونه وينزلون به لصلاة التراويح في المسجد الأقصى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى