الانتفاضة الفلسطينية وآفاق استمرارها

نجح الصهاينة في بريطانيا بانتزاع وعد بلفور المشؤوم بعد سنوات قليلة من قرار الحركة الصهيونية في إقامة (دولتهم) على ارض فلسطين العربية كعنوان من عناوين الصراع التي ما زالت مستمرة ما بين الشرق والغرب من ناحية, وما بين العرب واعدائهم من ناحية ثانية، والتي كانت ابرز تجلياتها الحروب الصليبية في مقتبل القرن العاشر واتفاقية سايكس- بيكو في بداية القرن التاسع عشر, وإقامة الدولة الصهيونية على ارض فلسطين في عام 1948، حيث التقت الأطماع الأمريكية الغربية بالوطن العربي مع الحلم الصهيوني في إقامة كيانهم الهزيل، بعد أن نجحت قوى رأس المال الغربي في إدارة هذا الصراع الحديث على امتنا العربية مستهدفة من خلال ذلك الذات العربية كمشروع تدمير للأمة ومنع وحدتها واستقلالها وتقدمها.

لقد واجهت امتنا العربية صراعاً مريراً مع أعدائها الداخليين والخارجيين -على حدٍ سواء- اللذين تحالفا ضدها في حلف غير مقدس, فبعد أن رحلت عساكر الغرب من أرضنا، ترك الغرب في بلداننا أنظمة قطرية شكلت مع النفط المكتشف في بداية القرن الماضي معولين هامين عملا على تهديم بنيان الأمة، حيث كان العربي في أكثر من موقع يحاول أن يعيد ترتيب أولويات صراعه الداخلي أو الخارجي، محققاً انتصارات متعددة في أكثر من قطر عربي كمصر والجزائر وسوريا والعراق محاولاً إنتاج دويلات عربية حاولت أن تنهض بالأمة نحو غدها المشروع، لكن التحدي الاستعماري الذي كان يملك المبادرة دائماً ولديه وسائله وأسلحته الحديثة وعملائه داخل الوطن العربي أحبط كل هذه المحاولات ونجح في تقديم رجاله إلى منصة الحكم من اجل استكمال مشروع الغزو الذي استهدف العربي بشكل خاص من خلال تفكيك علاقة هذا العربي بوطنه وأمته؟!.

ضمن السياق أعلاه جاء استهداف مصر ومن ثم العراق وبعدها سوريا كمشاريع صمدت في خندق المقاومة ضد الاعتداءات الغربية والصهيونية وسخّرت إمكانياتها لوقف حالة التدهور التي تعيشها الأمة على أكثر من صعيد تسهيلاً لسيطرة الكيان الصهيوني على مقدرات امتنا بشكل عام وبإيجاد أنظمة موغلة بالتجزئه ومتصالحة مع الصهاينة على وجه الخصوص.

شعبنا في فلسطين ككبش فداء لهذه الأمة الذي كان وما يزال في مواجهة مباشرة ومستمرة مع العدو الصهيوني  وحلفاءه، طور من أدوات مواجهته وتأثر بعمقه العربي ايجابياً وسلبياً, والذي ما زال يحقق انتصارات على أكثر من صعيد، رغم أن تأثير الواقع العربي عليه كان مريراً وأكثر تجليات ذلك التأثير كان اضطراره إلى خلق أدواته الكفاحية الوطنية، رداً على هزائم الأنظمة القطرية العربية أمام عصابات الكيان الصهيوني وحلفاءه، حيث عجزت القوى الشعبية العربية في تغير الواقع السياسي للنظام الرسمي العربي وقواه المختلفة وخلق أدوات كفاحية قومية قادرة على خوض معركة الوحدة واشتقاقاتها معارك الأمة في أقطارها المختلفة.

لقد تصدى شعبنا العربي في فلسطين إلى الهجمة الغربية على فلسطين مع تلاشي سيطرة الدولة العثمانية عبر صدامات متعددة مع الانتداب البريطاني من جهة ومع العصابات الصهيونية التي سلحتها ودربتها وسهلت مهماتها بريطانيا العظمى!؟.

لقد نجح التحالف الامبريالي الصهيوني الرجعي في إغراق الوطن العربي بشلالات من الدماء، مستخدماً التيارات الظلامية الإرهابية، لتأجيج الصراعات المذهبية الطائفية تهديداً للرابطة القومية وتفتيتاً للنسيج الوطني والاجتماعي العربي وتوجيه بوصلة الصراع إلى صراع طائفي وإقليمي مما أنتج مناخا سياسيا مناسبا لتشديد الهجمة الصهيونية على الشعب العربي الفلسطيني، والاستيلاء على أراضيه، وتوسيع الاستيطان، وارتكاب الجرائم اليومية، بالاعتقال والتنكيل بالأطفال والنساء والكهول، وهدم المنازل بالإضافة إلى الاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية.

في هذه الظروف القاسية علينا القيام بواجبنا الوطني والقومي بمساندة نضال الشعب الفلسطيني من خلال:-

  1. توجيه بوصلة الصراع في المنطقة ضد أمريكا والكيان الصهيوني وحلفائهما، وتعبئة الطاقات الشعبية ضد العدو الصهيوني باعتباره خطرا حقيقيا على الأمة العربية، مع التأكيد على أن معركة الشعب الفلسطيني هي معركتنا جميعاً.
  2. التصدي لسياسات التطبيع مع العدو الصهيوني، ومقاطعة منتجاته، سواء باستيرادها أو إعادة تصديرها، ومقاطعة المؤسسات التي تتعامل معه.
  3. إقامة النشاطات السياسية والإعلامية دعماً لصمود ومقاومة الشعب الفلسطيني، وفضح سياسات العدو العنصرية والجهات الداعمة له، بتنظيم المسيرات والمهرجانات والندوات والاحتجاجات الشعبية.
  4. السعي لتقديم الدعم المادي المباشر لأسر الشهداء والجرحى والأسرى، ومساعدتها بإعادة منازلها المهدمة من قبل العدو الصهيوني.
  5. التواصل مع القوى الشعبية في الوطن العربي لتشكيل لجان شعبية مماثلة، للقيام بواجبها تجاه الشعب العربي الفلسطيني، وتفعيل الحوار لبلورة إطار شعبي عربي جامع لدعم نضاله.
  6. التعاون مع المؤسسات الشعبية الأردنية والعربية والدولية لدعم نضال الشعب العربي الفلسطيني من اجل تحقيق أهدافه في استعادة حقوقه وفي مقدمتها كنس الاحتلال الصهيوني من الأراضي المحتلة، وعودة اللاجئين لوطنهم فلسطين.

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الانتفاضة يجب ان تستمر لكن لا تزداد فى الحدة ..عشان يفضل مصير نتنياهو معلق …لا عارف يتنحى و لا عارف ينهى الانتفاضة

زر الذهاب إلى الأعلى