الوطن والمواطن ليس بحاجة الى خدماتكم

في ليلة من ليالي الشتاء الحالكة السواد وخلسة ومع غياب ضوء القمر هبطوا الى ارض الوطن بالمظلات والى ابواب الوظيفة العامة، تسللوا بدون سابق انذار ودون تدريب على اسس ادارة الدولة ومؤسساتها وبدون علم ودراية بالهم العام ومتطلباته تنقصهم الخبرة والكثير من الكياسه هم باحثون عن الشهرة من على صفحات المجلات والصحف الاجنبية مدفوعة الاجر.

بدأوا يتحدثون عن اصلاح القطاع العام – هذا القطاع – الذي بنى الاردن – حجرا حجرا – ومدماكا مدماكا ـ تشريعا وتنفيذا وقضاء ـ هذا القطاع – الذي حافظ على مال الوطن للوطن ـ وارض الوطن للوطن ورفع شعار بان الانسان فيه اعز ما نملك ـ وبفضله صارت لنا شوارع وطرقات نمشي عليها ـ ومطارات وموانئ بحرية وبرية نسافر من خلالها ونتصل بالعالم الخارجي تجارة وثقافة وعلما وتكنولوجيا – هذا القطاع – الذي بنى رجاله سمعة مرموقة للوطن في الخارج – وانجازا عظيما بالداخل يحسدنا البعض عليه – في حسن الادارة وحسن التدبير للشأن الداخلي والخارجي ومصداقية عالية في اعمالنا والتي تسبق اقوالنا تجاه الاخرين.

نعم هذه صورة وسمعة الوطن التي شيدوها رجال القطاع العام على مد ار تسعين عاما من العمل المضني والجد والمتابعة من عمر الدولة الاردنية السياسي والتاريخي ـ لقد جاء- هؤلاء الديجتاليون الجدد – لكي ينموا جيوبهم وحساباتهم البنكية من مشاريع القطاع العام بعد ان هربوا اموالهم واستثماراتهم خارج اسوار الوطن وصرفوها على المضاربات باسواق البورصة العالمية وفي صالات القمار وعادوا بعد ذلك خاليي الوفاض ـ لقد تربعوا الان على كراسي الادارة التنفيذية وصبوا جام غضبهم على القطاع العام ـ هدرا للمال العام دون مبرر وسوء ادارة لمرافق البلاد تحت كلمة الاصلاح الكلمة الحق والتي اريد بها باطل ـ الاصلاح من وجهة نظرهم اصلاح جيوبهم وحساباتهم البنكية التي اصبحت خاوية.

لقد عادوا ويا ليتهم لم يعودوا من دول الغرب ـ وضربوا عرض الحائط بالقوانين والانظمة العاملة بالبلاد والتي ترشد الانفاق والاستهلاك وابعدوا كل شريف يقف في وجه تخبطهم وتجاربهم في ادارة العمل العام تحت حجة معارضة الاصلاح والتطور. وعاثوا بالبلاد الفساد واتسعت قاعدة الفقر والبطالة وعم الغلاء من جراء سياساتهم الاقتصاديه العقيمة وزادت المديونية وعم العنف المجتمعي وغاب الوازع الاخلاقي والقيمي بين العباد نتيجة الى سوء اعمالهم وجلدهم للوطن صباح مساء تحت شعار الاصلاح، حتى اصبح المواطن يعيش في غربة في وطنه من جراء هذه السياسات الطائشة التي يمارسونها تجاه الوطن والمواطن، ومسوح البراءة التي يتصنعون بها.

لقد بنى لنا اجدادنا واباؤنا وطنا عزيزا منيعا نعتز به ونفتديه بالمهج والارواح وسندافع عنه بكل قوة واقتدار بالكلمة الجريئة والعمل المجدي وسنقاوم سياساتهم الرعناء بالالتفاف حول ثوابت الوطن وقيمه النبيلة فهؤلاء عابرون على تاريخ الوطن وسيغادرونه باول طائرة بجوازاتهم الاجنبية التي يخفونها ويعودون بدون رجعة من حيث اتوا – ويبقى الوطن الملجأ والمستقر لابنائه الشرفاء فالوطن ليس بحاجة الى خدماتهم او الى سياساتهم في السياسة والاقتصاد او الى تخطيطهم العقيم فالوطن ليس بورصة مالية للمضاربات الاقتصادية والمالية ولا جواز سفر اجنبيا ولا محطة قطار او مطار ولا حسابا جاريا في البنك – فالوطن – اكبر بكثير مما يفكرون ـ انه الارض والانسان انه مبادئ سامية وقيم نبيلة هكذا فهمه اجدادنا واباؤنا ونحن على خطواتهم باذن الله سائرون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى