سيبقى الجولان السوري شوكة دامية في حلق الاحتلال

 

 

إن انتفاضة الجولان العربي السوري لم تكن مجرد ذكرى عادية للاحتفاء بها فقط بل كانت ملحمة شعبية تاريخية هزت أركان الاحتلال الصهيوني من أعماقه بعدما أعلنت جماهير الجولان العربي السوري المنتفض رفض سياسة الضم والاسرلة والتجنيس الصهيوني وتمسكت بالهوية العربية السورية ولانتماء للوطن الأم سورية .

وبالرغم من هذا الصمود الأسطوري تعمدت سلطات الاحتلال الصهيوني تحديد الإستراتيجية الصهيونية منذ اللحظة الأولى لاحتلال الجولان عام1967  على انه جزء لا يتجزأ من الكيان الصهيوني المحتل معتقدين ومتوهمين أن تشريد معظم سكانه سيبرر لهم ضم الجولان وسلخه عن الوطن الأم سورية

 

لذلك ليس غريباً ولا مستغرباً على أن تترافق سياسة الاستيطان والضم والتهويد والطرد بالمزيد من القوانين العنصرية الصهيونية التي استهدفت الأراضي العربية المحتلة من فلسطين إلى الجولان العربي السوري المحتل الذي تعمدت سلطات الاحتلال ضمه للكيان الصهيوني المصطنع منذ أربع وثلاثين عاماً خلت بعد مصادقة الكنيست الصهيوني بالأغلبية على ما يسمى قانون ضم الجولان بتاريخ 14كانون الأول عام 1981 بدعم ومساندة الإدارة الأمريكية وخاصة بعد توقيع ما يسمى اتفاق التعاون الاستراتيجي والذي شجع سلطات الاحتلال الصهيوني على ضم الجولان و إخضاعه لإدارتها وقوانينها العنصرية بعد احتلاله بالقوة الإجرامية وتدمير أكثر من ثلاثين قرية تم إزالتها من الوجود وطرد معظم سكان الجولان العربي السوري المحتل في عدوان حزيران عام 1967 وسرقة مياهه وثرواته وارتكاب المجازر بحق أبنائه الأبرياء .

لكن الرياح السورية العاتية حطمت القوانين العنصرية الصهيونية في مهدها وخاصة بعدما اصطدمت بجدار الرفض للشعب العربي السوري وقيادته وكل شرفاء الأمة وفي مقدمتهم أهل الجولان الذين انتفضوا في مواجهة سلطات الاحتلال الصهيوني وقوانينها العنصرية ومارسوا كل إشكال المقاومة بدءا من رفض الاحتلال إلى العصيان والتمسك بالهوية العربية السورية ورفع العلم العربي السوري وإحراق العلم الصهيوني بعدما سقط العديد من الشهداء والجرحى الذين عمدوا بدمائهم الزكية ارض الوطن لحماية الأرض والهوية والانتماء العروبي الأصيل وخاصة في انتفاضة مجدل شمس والإضراب الذي استمر حوالي سبعة اشهر لرفض قانون الضم العنصري الصهيوني وكل تداعياته الإجرامية

وبعد ثلاثة أيام من مصادقة الكنيست الصهيوني على قرار ضم الجولان العربي السوري المحتل رد مجلس الأمن الدولي على سلطات الاحتلال بالقرار الدولي رقم 497 الرافض بشكل قاطع للقانون الصهيوني وأكد بالنص ” أن مجلس الأمن يعتبر قرار إسرائيل بفرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها على مرتفعات الجولان السورية المحتلة ملغى وباطلاً وليس له آي تداعيات قانونية على الصعيد الدولي ”

لا بل وطالب سلطات الاحتلال الصهيوني بإلغاء القرار والانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة لحدود الرابع من حزيران عام 1967وخاصة أن ميثاق الأمم المتحدة لا يجيز احتلال أراضي الغير بالقوة وهذا ما أكدته مبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وفي مقدمتها القرارين 242 / و 338

وفي العام 2007 حاول النائب العربي محمد بركة التقدم بمشروع قرار للكنيست لإلغاء تداعيات قانون ضم الجولان المحتل الصادر عام 1981 لكن سلطات الاحتلال قطعت الطريق على هذه المحاولة وصادقت على ما يسمى قانون تحصين الجولان لإفشال أي حلول مع سورية لاستعادة الجولان عربي السوري المحتل

وبالرغم من قرارات الأمم المتحدة الرافضة لسياسة الضم والإلحاق والاستيطان والتهويد العنصري الصهيوني تعمدت سلطات الاحتلال الصهيوني مرة أخرى تحدي إرادة المجتمع الدولي وتمادت في غيها وطغيانها عندما صادقت الكنيست الصهيوني في تشرين الثاني عام 2010 بأغلبية 65 صوت مقابل 33 صوت على ما يسمى قانون الاستفتاء على أي اتفاقيات سلام مع العرب في حال فشل الكنيست بالتصويت عليها بأغلبية الثلثين والذي يتضمن أي إجراء انسحاب من الأراضي العربية المحتلة التي فرضت عليها سلطات الاحتلال الصهيوني إدارتها وقوانينها مثل القدس الشرقية ومرتفعات الجولان العربية السورية التي حاولت تهويدها بالقوة وسرقة مياهها بعد طرد وتشريد معظم سكانها العرب الأصليين لتغيير معالمها الجغرافية والديمغرافية في آن معاً كمقدمة لانتزاع الاعتراف الدولي بما يسمى الدولة اليهودية المزعومة مع العلم أن سلطات الاحتلال الصهيونية تدرك أكثر من غيرها أن الأراضي المحتلة لا تخضع لأي استفتاء .

وبالرغم من هذه الحقيقة حاز هذا القانون على اهتمام رئيس وزراء سلطات الاحتلال الصهيوني النتنياهو الذي روج له بقوة بالرغم من تعارضه مع وزير حربه ايهود بارك الذي اعتبر هذا القانون لا يخدم مصلحة ” إسرائيل ” على حد زعمه لان أعداء ” إسرائيل ” سيعملون على استثمار هذا القانون كدليل قاطع على رفض عملية السلام وإقناع الرأي العام لعالمي إن ” إسرائيل ” ليست شريكا في عملية السلام

وهذا صحيح وخاصة بعد عمليات التجريف التي تعرضت لها أراضي قرية بقعاتا المحتلة في الجولان قبل أيام قليلة توافقت مع قرارات رئيس وزراء سلطات الاحتلال النتنياهو الذي منح بموجبها معظم الجنود الصهاينة المسرحين من جيش الاحتلال قطع من الأراضي المحتلة مجاناً في الجولان العربي السوري المحتل أو أراضي الجليل الفلسطيني المحتل عام 1948 لتشجيع الاستيطان لفرض سياسة الأمر الواقع بعد تقديم الإغراءات السخية لضمان كثافة سكانية عالية من قطعان المستوطنين على حساب أصحاب الأرض الحقيقيين من العرب كما يحصل هذه الأيام في الضفة الغربية المحتلة وخاصة في القدس

وهذا ما يثبت أن سلطات الاحتلال الصهيوني العنصرية اليمينية المتطرفة لا تؤمن بالسلام العادل والشامل ولا بمبدأ الأرض مقابل السلام بعد الاستخفاف بالقوانين والقرارات الدولية التي تتعارض مع سياسة الاحتلال والاستيطان والتهويد والتشريد وفي مقدمتها القرارات التي أكدت على عروبة الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها الجولان العربي السوري المحتل وخاصة القرارين 242 / و 338

وبالرغم من ذلك مازالت سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد مصرة على استعادة كامل الأراضي العربية وفي مقدمتها الجولان العربي السوري وتؤكد التزامها بخيار السلام العادل والشامل انطلاقا من الإيمان بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبدأ الأرض مقابل السلام منذ عقد مؤتمر مدريد عام 1991 حتى اليوم لكنها بالرغم من المبادرات لسلمية الدولية وحسن النوايا الصادقة لإنجاح عملية السلام في المفاوضات غير المباشرة في جنيف والوصول لوديعة رابين رئيس وزراء العدو الذي اغتاله احد المتطرفين الصهاينة وتنكرت من بعده الحكومات الصهيونية اللاحقة لهذه الوديعة التي اصطدمت بجدار الرفض الصهيوني وطالبت سورية بالمفاوضات من نقطة الصفر .

لكن سورية رفضت بشكل قاطع المزاعم الصهيونية السلمية الوهمية بالرغم من الظروف العربية الصعبة وسياسة الحصار والتهديد والوعيد الصهيو أمريكي وخاصة بعد احتلال العراق والمحاولات المتسارعة لفرض ما يسمى النظام الشرق أوسطي الجديد الذي سرعان ما تحطم على صخرة قوى المقاومة  والصمود والممانعة

لذلك وبالرغم من القرارات والقوانين العنصرية الصهيونية حول الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها الجولان العربي السوري ما زالت سورية بقادة الرئيس بشار الأسد تعتبر هذه الإجراءات باطلة ولا تساوي شيء في قاموس أصحاب الحق ولم ولن تغير في معادلة الصراع العربي الصهيوني أي شيء لان مسألة تحرير الجولان والأراضي العربية المحتلة أصبحت مسألة وقت ليس إلا بعد تغير مناخ الأزمة السورية بعد نيف وأربع سنوات من اندلاعها حققت سورية قفزات عسكرية واختراقات دبلوماسية مهمة على الصعيدين الداخلي والخارجي بعد تتفكك جبهة الأعداء التي تخلت عن عصاباتها الإرهابية المسلحة وتركها لمصيرها تحت ضربات الجيش العربي المصمم على استعادة دور ومكانة سورية على الصعيدين الإقليمي والدولي والذي بدا بشكل عملي يخوض الربع ساعة الأخيرة لحسم المعركة ويعلن انتصار سورية ومحور المقاومة والصمود على محور الشر والطغيان بقيادة العدو الصهيوامريكي الذي سيدفع الثمن غاليا بعد الهزيمة في سورية التي سيتفرغ شعبها المقاوم لتعزيز الوحدة الوطنية ومسيرة الحوار الوطني لحقن الدماء الطاهرة واستكمال مسيرة الإصلاح الوطني للخروج من الأزمة بأقل الخسائر كما أكدت عليه الجماهير السورية في حواراتها بشكل عام وكما أكدت جماهير الجولان العربي السوري في مهرجاناتها في الجولان العربي السوري بالذكرى الحادية والثلاثين للانتفاضة الباسلة لحماية الدور الريادي لسورية الصمود في مقاومة وتحطيم كل المشاريع والمخططات الاستعمارية الجديدة القديمة التي تستهدف الوطن والأمة وفي مقدمتها ما يسمى النظام الشرق أوسطي الكبير الذي أصبح بشكل علمي وعملي في مزابل التاريخ لان انتصار سورية سيخلق معادلة النظام الشرق أوسطي المقاوم الكبير الذي سيضع بداية النهاية لسياسة وحيد القرن الصهيو الأمريكي المنهارة في المنطقة .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى