وزيرة اسرائيلية عنصرية تباشر مساعيها لمحاكمة الطفولة الفلسطينية

كشفت صحيفة هآرتس العبرية، النقاب عن تحرّكات حكومية جادة بقيادة وزيرة القضاء الإسرائيلية إيليت شاكيد، لاستصدار مشروع قانون جديد يسمح بتقديم الأطفال دون سن الـ 14عاماً للمحاكمة.
وأوضحت الصحيفة الاسبوع الماضي، أن الوزيرة شاكيد بادرت إلى صياغة مذكرة قانونية بهذا الخصوص في أعقاب اعتقال الطفل المقدسي أحمد مناصرة، والذي تتّهمه السلطات الإسرائيلية بتنفيذ عملية طعن بالقرب من مستوطنة ”بسغات زئيف” في مدينة القدس المحتلة.
وأشارت إلى أن القانون الإسرائيلي الحالي لا يسمح بسجن الأطفال ما دون سن 14 عاماً، معتبرة أن المذكرة الجديدة ستسمح للقضاة بمحاكمة الأطفال من سن 12 عاماً، وتحويلهم إلى ما تُعرف بـ ”مراكز تأهيل” لمدة عامين، قبل نقلهم إلى المعتقلات لاستكمال مدة الحكم التي تقرّرها المحكمة.
وأوضحت الصحيفة، أنه وفي حال إقرار القانون الجديد الذي يمر في مراحله النهائية، فإن ”إسرائيل ستكون من بين الدول الغربية القليلة التي تسمح بفرض عقوبة السجن على الأطفال القاصرين تحت سن 14 عاماً”.
ولعل الجدير بالملاحظة والاهتمام ان الأطفال الفلسطينيين يتعرضون، منذ اندلاع ”انتفاضة القدس” مطلع تشرين أول الماضي، لاعتداءات متكررة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويشكلون الشريحة الأكثر استهدافا من خلال حملات اعتقال بحقهم وُصفت بأنها ”الأكبر” منذ سنوات.
فقد اعتقلت قوات الاحتلال منذ اندلاع الانتفاضة قرابة 800 طفل وقاصر فلسطيني (تقل أعمارهم عن 18 عاما)، ليرتفع بذلك عدد الأطفال في سجون الاحتلال إلى قرابة 400 طفل.
وعلى الرغم من أن جل الأطفال المعتقلين هم من القدس والضفة الغربية المحتلتين، إلا أن قطاع غزة كان له نصيب من هذه الاعتقالات التي تمّت غالبيتها خلال المواجهات التي تندلع بشكل دوري على طول الشريط الحدودي شرق القطاع وليس في داخل مدنه التي انسحبت منها قوات الاحتلال قبل عقد من الزمان.
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت في العاشر من تشرين أول الماضي، 13 طفلاً فلسطينياً دفعة واحدة خلال المواجهات التي اندلعت شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة، حيث أُفرج عن بعضهم في حين أن البعض الآخر لا يزال رهن الاعتقال وتم قديم لائحة اتهام بحقهم وقدموا أكثر من مرة للمحاكمة.
وقال محسن العزازي وهو والد الطفل المعتقل محمد (14عاما) لـ ”قدس برس”، إنه في العاشر من الشهر الماضي، قامت قوات الاحتلال باعتقال 13 طفلاً فلسطينياً شرق مخيم البريج للاجئين حيث كانت تدور مواجهات معها.
وأضاف ”ابني محمد كان من ضمن الأطفال الذين اعتقلوا في ذلك اليوم وتم اقتيادهم إلى إحدى المواقع العسكرية الإسرائيلية على حدود القطاع، قبل أن ينقلوا إلى إحدى السجون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948”.
وأشار إلى انه تم الإفراج عن معظم الأطفال باستثناء أربعة منهم بينهم نجله محمد الذي تم تقديم لائحة اتهام بحقه إلى جانب بقية الأطفال الذين اعتقلوا برفقته، موضحاً أن اللائحة الإسرائيلية تنسب لهؤلاء قيامهم بقطع مقطع من السياج الحديدي الذي يطوّق حدود القطاع واجتيازها وإشعال الاطارات المطاطية في المنطقة.
وأكد العزازي أن المحامي الذي يتولّى مهمة الدفاع عن الأطفال أكّد أنهم رفضوا خلال المحاكمات الثلاث التي أخضعوا لها، الاعتراف بالتهم المنسوبة إليهم، وعليه فقد تم تأجيل محاكمتهم حتى تاريخ 23 من تشرين ثاني الجاري.
وأعرب الوالد عن خشيته على مستقبل نجله الدراسي، في ظل تغييبه في سجون الاحتلال ”بشكل مخالف لكل الأعراف والمواثيق الدولية”.
وطالب كافة المنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن الأطفال وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة ”يونيسف”، بالتدخل للإفراج عن نجله وكافة الأسرى الأطفال في المعتقلات الإسرائيلية، داعياً السلطة الفلسطينية إلى تقديم ملف الأسرى الأشبال (القاصرين) لـ ”محكمة الجنايات الدولية”.
ومن جانبه، أكد رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في ”هيئة شؤون الأسرى والمحررين” عبد الناصر فروانة، أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف الطفولة الفلسطينية منذ احتلاله للأراضي الفلسطينية، واعتقل عشرات الآلاف ممّن تقل أعمارهم عن الـ 81 عاماً منذ إتمام احتلاله للأراضي الفلسطينية عام 1967.
وسجّل الفترة منذ عام 2000 ولغاية تشرين ثاني2015، نحو 12 ألف حالة اعتقال لأطفال فلسطينيين، ذكوراً وإناثاً.
وقال فروانة، ”إن الأرقام خطيرة، والسجون والمعتقلات الإسرائيلية لم تخلُ يوما من الأطفال الفلسطينيين، وأن لا حصانة لهم في السياسة الإسرائيلية، وأن سلطات الاحتلال تُمعن في انتهاكاتها وجرائمها في تعاملها معهم؛ إذ تعتبرهم مشاريع قنابل موقوتة مؤجلة الانفجار في وجه الاحتلال إلى حين البلوغ، فتضعهم في دائرة استهدافها، إما بالقتل أو الاعتقال، وتصعد من انتهاكاتها وجرائمها في تعاملها معهم، بهدف بث الرعب والخوف في نفوسهم، وتشويه واقعهم وتدمير مستقبلهم، وتأخير نموهم، والقضاء على أحلامهم وتطلعاتهم المستقبلية، ومن ثم التأثير على توجهاتهم بطريقة سلبية”.
وأضاف ”هناك تزايد مضطرد في معدلات اعتقال الأطفال خلال السنوات 2014 – 2010، فيما تصاعد استهداف الأطفال خلال شهر تشرين الاول الماضي بشكل غير مسبوق، حيث سُجل خلاله 800 حالة اعتقال لأطفال فلسطينيين بعضهم لم يتجاوز الـ 14 عاما”.
وأكد فروانة، أن كافة الشهادات تؤكد على أن جميع هؤلاء الأطفال الذين مرّوا بتجربة الاعتقال أو الاحتجاز، وبنسبة مائة في المائة، قد تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي، أو المعاملة القاسية والمهينة، وزُج بهم في سجون ومعتقلات وأماكن احتجاز تفتقر إلى الحد الأدنى من الشروط الإنسانية.
وأشار إلى أن ”المشاهد القاسية التي وثقتها عدسات الكاميرات وعرضتها وسائل الإعلام المختلفة، والتي تظهر بشاعة الاحتلال في التعامل مع الأطفال، انما هي غيض من فيض، وأن جرائم أبشع منها مرات عدة قد حدثت ولم تتمكن الكاميرات من توثيقها، فيما نقل عن الأطفال المعتقلين شهادات مروعة تكشف فظاعة ما تعرضوا له خلال اعتقالهم من تعذيب وتنكيل وضرب دون مراعاة صغر أعمارهم وضعف بنيتهم الجسمانية، ودون مراعاة لإصابة بعضهم بالأعيرة النارية؛ فمن يرى ويقرأ شهادات الأطفال يُصاب بالذهول وبالصدمة من فظاعة الجرائم”.
وأفاد مركز ”أسرى فلسطين للدراسات” بأن أعداد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي ارتفعت بشكل كبير ”نتيجة تصاعد عمليات الاعتقال التي تستهدفهم بمختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مقدمتها مدينة القدس”.
وبيّن المركز الحقوقي في إحصائية له، أن عدد الأسرى الأطفال وصل لـ 340 داخل السجون الإسرائيلية، لافتاً إلى أنه ”العدد الأكبر من عام 2010”، مشيراً الى أن الاحتلال ينظر للأطفال على أنهم ”وقود الانتفاضة الشعبية التي اندلعت منذ شهر في أنحاء الضفة الغربية والقدس، لذلك يتعمد اللجوء إلى إرهابهم بالاعتقال والقتل والتعذيب”.
وأشار إلى أن الأراضي الفلسطينية شهدت منذ بداية شهر تشرين أول الماضي 750 حالة اعتقال بحق أطفال لم يتجاوز عمرهم الـ 18 عاماً، مبيناً أن ”هذه الاعتقالات التعسفية رفعت عدد الأسرى الأطفال بنسبة 65 في المائة عما كانت عليه قبل انتفاضة القدس”.
وندد المركز الحقوقي بإقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تحويل عددٍ من الأسرى الأطفال للاعتقال الإداري، معتبراً ذلك ”سابقة خطيرة”، فيما كشف عن افتتاح الاحتلال لسجن جديد بالقرب من معتقل ”الرملة”، أطلق عليه اسم ”جفعون”.
وقال إن الأسرى الأطفال موزعين على 4 سجون رئيسية، وهي ”عوفر العسكري” الذي يحوي 135 طفلاً، وسجن ”مجدو” الذي يضم 120 شبلاً، وسجن ”هشارون” بواقع 45 أسيراً و”جفعون” الجديد بواقع 40 أسيراً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى