تفكك جبهة المسلحين في درعا وجنوب سوريا

ذكرت وكالة نوفوستي الروسية ان ما يقارب ثلاثة آلاف من إرهابيي داعش والنصرة وجيش اليرموك, قد هربوا من محافظة درعا جنوب سورية نحو الحدود الأردنية, خوفا من الضربات الجوية التي سوف تستهدفهم من قبل الطيران السوري والروسي.

وتؤكد جميع المعلومات والمؤشرات الواردة من درعا أن الجبهة الجنوبية لمسلحي المعارضة قد دخلت في نفق مظلم، منذ أن رفعت «غرفة عمليات ألموك» يدها عنها، وقررت وقف تقديم الدعم لها. فضلا عن التجاذبات التي تتعرّض لها الفصائل المسلحة التي وجدت نفسها على حين غرة شبه عاطلة عن العمل.

فبين محاولات الاستقطاب من قبل الفصائل المتشدّدة, وبين الدخول في مصالحات مع الجيش السوري، يمكن القول إن «الجبهة الجنوبية» تشهد أول بوادر التفكك والانقسام، ومن غير المستبعَد أن تطرأ تغييرات جذرية على بنية فصائلها وطبيعة ارتباطاتها في الفترة المقبلة.

وقد انعكس الواقع المستجدّ، بعد توقف «غرفة ألموك» عن العمل، سلباً على الأوضاع الأمنية والمعيشية في مجمل محافظة درعا، حيث سادت الخلافات بين الفصائل والأطراف المحلية الداعمة لها، الأمر الذي ظهر جلياً في تزايد عمليات الاغتيال والتصفية التي راح ضحيتها عدد لا بأس به من القيادات العسكرية و «القضائية والشرعية»، من أبرزهم قائد «لواء فجر الحرية» ياسر الخلف، ونائب رئيس «دار العدل» الشيخ بشار كامل النعيمي، ومحاولة اغتيال نائب قائد «جبهة أنصار الإسلام» أبو بلال الجولاني.

كما أخذ سلوك بعض الفصائل يثير العديد من علامات الاستفهام حول أسبابه ودوافعه، ومن ذلك امتناع «حركة المثنى الإسلامية»، وهي من كبريات الفصائل في الجنوب، عن المشاركة في العمليات العسكرية الأخيرة، وهو ما لفت انتباه بعض النشطاء وأثار لديهم شكوكاً حول توجّه الحركة، وإمكانية أن تكون قد بايعت «تنظيم داعش» سراً، لاسيما أن «حركة المثنى» كانت اعتبرت سابقاً في بيان صادر عنها أن «البيعات» التي يحصل عليها التنظيم في مناطق سيطرته هي «بيعات شرعية».

وقال ناشط إعلامي،  إنه «بعد توقّف غرفة ألموك وانقطاع المدد، انسحب عدد من القادة والمسلحين من ميدان المعارك وعادوا إلى حياتهم المدنية، بعد أن تخلّوا عن فكرة حمل السلاح نتيجة الإحباط الذي أصابهم»، مشدداً على أن غالبية هؤلاء القادة يسعى حالياً إلى إيجاد طريق له نحو مراكز اللجوء في أوروبا هرباً من تدهور الوضع الأمني، وخشية من أن يكون هدف عملية الاغتيال التالية».

وأشار الناشط إلى أن «قائد فرقة أسود السنة المدعو أبو عمر زغلول قد وصل بالفعل إلى ألمانيا طالباً للجوء فيها».

وفيما أكّد «مزمجر الشام»، وهو حساب شهير على «تويتر» ويحظى بمتابعة واسعة، أن عدداً من فصائل «الجبهة الجنوبية» بايع «أحرار الشام» سراً، وأنه سيتم الإعلان عن هذه البيعات في وقت لاحق، أعلن كل من «لواء صقور حوران» و «كتيبة مجد الإسلام» انضمامها إلى «جيش الإسلام» بزعامة زهران علوش. ولم يعد خافياً أن الحالة المادية المتردّية التي وصلت إليها بعض هذه الفصائل نتيجة قطع الدعم عنها، هي السبب وراء قيامها بمبايعة هذا الزعيم أو ذاك، ولكن لا يمكن إنكار التأثيرات الخارجية في بعض هذه البيعات، لاسيما أن بعضها جاء بعد عودة قادة الفصائل من رحلة الحج التي دعتهم إليها الاستخبارات السعودية.

لكن بعض قادة الفصائل ومسلحيها، وحتى بعض الفعاليات المدنية، وجدوا لأنفسهم طريقاً آخر غير رصاصة الاغتيال أو ورقة اللجوء أو الانزلاق إلى قاع التنظيمات الإسلامية المتشدّدة، وهو طريق المصالحة مع الجيش السوري. وفي هذا السياق سلّم عشرات المسلحين أنفسهم إلى الجهات المختصة في محافظة درعا، يوم السبت الماضي، لتسوية أوضاعهم.

وأشارت وكالة الأنباء السورية «سانا» إلى أن 250 مطلوباً وأكثر من 450 مسلحاً قد سلّموا أنفسهم وأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة، والتي شملت صواريخ «لاو» ورشاشات «بي كى سى» ومدفع «بي ـ 90» و332 بندقية حربية وقناصات ومسدسات وذخيرة، إلى الجهات المختصة لتسوية أوضاعهم، في حين قامت الجهات المختصة بتسوية أوضاع نحو 43 موقوفاً في إطار المصالحات الوطنية.

وقد لاحظ العديد من النشطاء المعارضين والموالين تغيّر المزاج العام بين المدنيين في درعا، وميل نسبة معتبرة من بينهم إلى قبول المصالحة مع الجيش السوري، بل المطالبة بها والدفع نحو إجرائها بغض النظر عن الشروط المتضمَّنة فيها، وذلك بعد أن وصلت الأوضاع في محافظتهم إلى درجة لا تُطاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى