قراءة في مسودة قانون الانتخابات  

يشكل قانون انتخاب السلطة التشريعية والرقابية ركيزة أساسية في عملية الإصلاح السياسي و/أو العملية الديمقراطية التي يتطلع إليها شعبنا فإذا ما اكتملت العملية الإصلاحية بإقرار قانون عصري للأحزاب فإن الركن الثالث يبقى هو الأهم والأجدى في اكتمال الدائرة والمتعلق بنوايا صاحب القرار بالولوج نحو المجتمع الديمقراطي والمتمثل بكف يد القوى الخفية التي ما زالت تعبث بأمننا الوطني على أكثر من صعيد معززة في ذلك البيئة الطاردة للعمل المؤسسي والحزبي والمؤدية بالنتيجة إلى استمرار حالة الاغتراب واتساع الهوه بين الوطن المواطن، حيث هددت هذه الهوه هويتنا وانتمائنا الوطني والقومي بعد أن تجلى ذلك في أبشع صوره في الاعتداء على الممتلكات العامة أو الإصرار على إعاقة عمليات الإصلاح الإداري والمالي والتعليمي كالقضاء على ظاهرة الغش في امتحان الثانوية العامة مثالاً، وغيرها من مظاهر الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مر بها الأردن وما زال!؟

ضمن السياق أعلاه أود هنا أن أشير إلى أهمية أن تتخذ الحكومة الحالية قراراً بإقرار هذا القانون مبيناً هنا أن هذا القانون سبق أن أقر و/أو وضع موضوع التنفيذ في سنة 2012 بعد أن فرغت لجنة الحوار من التوافق على مضامينه وان التغييرات و/أو التعديلات التي أجريت على مواده، ليصبح اليوم بقانون 2015 تتمثل بما يلي:-

احتوى قانون 2012 على (72) ماده بينما احتوى قانون 2015 على (68) ماده من حيث الشكل أما من حيث المضمون فقد تطابق هذا القانون مع  قانون 2012 الذي أنجزته لجنة الحوار الوطني باستثناء تعديل المادة (8) من حيث عدد المقاعد وتقسيم الدوائر الانتخابية إذ تبنى مشروع (2012) مقاعد المجلس بواقع (108) مقعد موزعه على عدة دوائر بموجب نظام يمنع أن تزيد الدائرة على (5) مقاعد بالإضافة إلى (15) مقعد للنساء وعدد من المقاعد التعويضية لدوائر الألوية التي لا يحالف مرشحيها النجاح ليصبح العدد (130) مقعد وهو مطابق من ناحية العدد للمشروع الحالي، باستثناء أن قانون 2012 تجاوز من حيث المبدأ دوائر البدو وأكد على مقعد الدائرة العامة (دوائر الوطن) التي اقتصر الترشيح لها من قبل الأحزاب فقط.

في القانون 2015 ووفق المادة (9) تم احلال القائمة النسبية المفتوحة بدلاً من قائمة الوطن ودور الأحزاب في الترشح من خلالها ومؤكداً على اعتبار بدو الشمال والوسط والجنوب كمحافظات ثلاث علماً أن لجنة الحوار الوطني ناقشت هذا الموضوع وتوصلت إلى أن هذا التعبير لم يعد مقبولاً في أردن القرن الجديد!؟

أما من حيث حق التصويت فقد أعطى قانون 2012 لكل ناخب ثلاثة أصوات، صوتان للدائرة الانتخابية والثالث للقائمة أو الدائرة الانتخابية العامة أما قانون 2015 فقد أعطى للناخب حق التصويت للقائمة وعدد من الأصوات يعادل عدد المرشحين للدائرة التي يصوت فيها الناخب وتبعاً لذلك تم تعديل المواد (8/16/29/30/48) وإلغاء المواد (26/52/55ج) من قانون 2012 واعتماد باقي المواد في مشروع 2015 مضافاً اليها ماده (9) فقط التي تحدثت عن القائمة النسبية.

ووفق التعديلات فإن رسوم الترشيح أصبحت ألف دينار بدلاً من (500) دينار واعتماد المحافظة كدائرة باستثناء العاصمة والزرقاء واربد التي سيعطيها النظام أكثر من دائرة انتخابية، محافظاً على نسب الكوتا المتعلقة بالنساء والشركس والشيشان أو المسيحيين.

من هنا نجد أن الجهد الذي بذلته لجنة الحوار لم يذهب هباءً وان مرور ثلاثة سنوات عليه يؤكد على نجاعة ما توصلت إليه اللجنة.

إن اعتماد القائمة المفتوحة سيؤدي لا محالة إلى تحالفات معينه للحصول على أعلى الأصوات سواء كانت حزبية أو عشائرية كقوة منظمة ما زالت هي التي تتحكم بصوت الناخب حيث ما زالت العوائق توضع أمام العمل الحزبي بشكل خاص والقيود على العمل المنظم/ نظام الجمعيات مثالاً!؟، بشكل عام، مما يستوجب أن تكون نصوص القانون والأنظمة المنبثقة عنه مانعه و/أو قادرة على التخفيف من إحداث أية اضطرابات اجتماعية من خلال حجب التصويت عن حلفاء القائمة الواحدة، وهنا أقترح إلغاء التصويت للقائمة الذي هدف المشرع من ورائه إلى تحديد ما تحصل عليه القائمة من أصوات في الدائرة الواحدة كأساس لتحديد حصتها من عدد المقاعد، واستبدال ذلك، باعتماد مجموع ما يحصل عليه مرشحي القائمة الواحدة إلى مجموع الأصوات التي يحصل عليها المرشحين مجتمعين في الدائرة الواحدة كأساس لتحديد حصة القائمة من المقاعد، وهذا يقوي التحالف وقد يمنع حالات الحجب ما بين المتحالفين ويؤسس لاعتماد القوائم كمدخل لتشجيع العمل المنظم والانتماء للأحزاب على وجه الخصوص ويمنع حجب التصويت لحلفاء القائمة الواحدة.

فالتصويت للقائمة، تصويت مجرد، لا روح فيه، أما التصويت للمرشحين في القائمة كأساس للحصول على المقاعد فهو تصويت حي يمكن أن يكون أساس معقول لتوزيع المقاعد على القوائم.

إن هذا القانون يصبح جيداً إذا ساهمنا جميعاً في خلق البيئة المناسبة ليُقبل الناخبين على الانتخاب وهم مطمئنون أنهم قادرون على تغيير قواعد اللعبة، بإعتماد أن العمل الحزبي هو الرافعة الحقيقية لحل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية كانعكاس لمشكلة سياسية بامتياز وان اختيار نواب الشعب القادرين على التشريع والرقابة هو بوابتنا لخدمة شعبنا في الدفاع عن حقه بالحياة الحرة الكريمة نحو المجتمع المدني الذي نطمح والخالي من الفساد والإلغاء والتهميش كبيئة حاضنه للتطرف والتعصب والعنف الذي نشهده في أكثر من بلد عربي مجاور.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى