يأخذ الحديث عن رابطة الكتاب أهميته من المعنى والدور المفترض لها كمؤسسة تنحصر عضويتها في المثقفين والأدباء والمبدعين وأصحاب الرأي وتتجه إليها الأنظار افتراضيا لتكون ضميرا نقديا وطنيا وحالة من حالات النمذجة الرمزية والنقاء والتنوير والاعتراض العقلاني ومنارة ديموقراطية متمايزة عن غيرها من الروابط والجمعيات والنقابات ، وقاعدة انطلاق للمبادرات الثقافية التنويرية والاحتجاجية البناءة التي تفتح الآفاق وتؤشر على الثغرات والصدوع والإعضالات والاختلالات ، وتخلق الأمل لدى الشعب من خلال الثقافة ضدا على ركام وحطام ما تفسده السياسة وتخلفه الاحترابات والمقتلات الرائجه من تشققات وانجراحات ، وبكل ما يجري في وطننا العربي من حروب أهلية وويلات اجتماعية .
إذن هناك إفتراض وطني ثقافي حول دور ومعنى الرابطة نحاول بكل الوسائل أن لا يضيع في هذه الموجات الدورية من الانتخابات المتهيجة والمطقسنة ، كما نحاول أن نبني عليه ( على الافتراض ) أفكارا مخصبة تعيد سيوف الانتخابات إلى أغمادها وتحررنا من هيمنة ومشروعية الصناديق والأصوات لكي نفتح ونخاطب صناديق العقول ونتطارح بحرية وكما ينبغي للمثقفين أن يفعلوا ، أي أننا لا نريد أن نتحدث عن تاريخ ماض واشكاليات زائفة بقدر ما نريد أن نتحدث عن تاريخ مباشر وطازج وماثل وحصل من وقت قريب ونتطلع الى تجاوزه .
ونسأل الرابطة والأعضاء بمحاورهم وحوزاتهم ومشاربهم المختلفة ماذا في جعبتنا من أفكار التغيير والاصلاح للعامين القادمين ؟ وبماذا سنختلف عن غيرنا من زملاء قادوا الرابطة في السابق وكانوا أوفياء لكل الطقوس التي درج عليها من قبلهم واستأنفوا هذه الطقسية والعقم والمنوالية النقابية – المؤسسية لا بل الفراغ الموحش الموازي للفراغ العام التي نريد الانقلاب عليه .
في الرابطة تكوين ونسيج نقابي – ثقافي هش ومفكك “لا مؤسسي” وهجين ، وفيها سستمة تقليدية بالية تحولها في كثير من الأحيان إلى مؤسسة شفاهية لا انتظامية وغير برامجية ( في الادارة والمخاطبة والمراقبة والمساءلة والفعل الثقافي ) تعتمد الارتجال والفورات والضرورات والاكراهات الانتخابية العاجلة وتجعل من اجتماعاتها العامة ( وفقا لطقوسها المزمنة ) نمطا شعبويا غوغائيا لا يصلح للمحاورة وتوليد الرؤى ، ولا يأخذ طابع المؤتمر والاجتماع الهاديء المتحضر ، وهي مؤسسة معزولة إلى حد كبير عن فروعها وأعضائها ذلك أنها تكتشفهم فقط لحظة الانتخابات ثم تعود وتلفظهم وتنأى عنهم الى دورة ( تقرأ هرجة ) انتخابية قادمة ، ولا أعرف حتى اللحظة كيف يستوي لزملائنا أن يكونوا قادة لمدة عامين لهيئة عامة غائبة ومغيبة وفقا لطقوس ثابتة ولا أحد يأبه بها إلا باعتبار أعضاء الهيئة العامة كائنات انتخابية تناغى ويدرى بها كل عامين وتستدعى وتستقطب وتستدرج الى الانتخابات على أسس مضادة للثقافة والوطنية والالتزام .
الرابطة الآن تحتاج إلى إرادة إصلاحية جماعية تتضافر فيها كل الجهود والقدرات التي قد تضخ فيها مبادرات نوعية تنقذها من واقعها المتأزم وهي مهمة لن تقدر عليها أي هيئة ادارية مهما امتلكت من قدرات ونوايا مخلصة وطيبة إلا بمشاركة الجميع ، كما أنها مهمة رئيسة كما أحسب تقف الآن أمام وعي الأعضاء بشدة فإما نضع ضجيج الانتخابات وطقوسها وتداعياتها خلف ظهورنا لا بل إن علينا أن ننقلب عليها ونبدأ مرحلة تشاركية في إنقاذ الرابطة عن طريق الحوار والنقد والمراجعة والمشاركة ، وإما نعيد إنتاج الخراب والعصبوية والزبونية بداخلها ونتركها تتآكل وتتراجع عن دورها أو نبقى نتطلع ونرتضي منواليتها العقيمة القائمة على كتلتين وتقريرين شكليين (لا أحد يعبأ بهما ) كل عامين ونفوز بديمومة الخراب !
ملاحظة : هذا كلام عام يمكن أن يستكمل بتقديم برامج ومفردات كثيرة للحوار والاصلاح “تبدأ مما ذكره وكتب عنه بعض الزملاء عن رمي النفايات وأعقاب السجائر في القاعة التي يقام فيها اجتماع الرابطة ” وتنتهي برؤية واضحة وواعدة بنهج ومستقبل وطني – ثقافي جديد للرابطة والله من وراء القصد )