نختلف مع الإخوان المسلمين ونتفق مع شعبنا

 

الاختلاف مع الاخوان المسلمين لا يعني أن لا نتفق مع شعوبنا، وإذا كان من يسمون أنفسهم بالعالم الحرّ يطالبون بنشر الديموقراطية في الشرق الأوسط، فلا يعني هذا أن يفرضوا علينا”ديموقراطية” حسب مقاساتهم. وإذا كانت ديموقراطيتهم تعني استباحة دماء شعوبنا فبئست تلك الديموقراطية، وبئس من يؤمنون بها.

ويلاحظ منذ بدء الحرب المفتوحة على شعبنا الفلسطيني والتي بدأت في 13 حزيران الماضي، واتخذت أبعادا وحشية واجرامية في الهجوم على قطاع غزة منذ السابع من تموز -يوليو- الحالي أن العالم”الحر” ودعاة الديموقراطية قد تخلوا عن انسانيتهم، عندما يؤيدون محرقة قطاع غزة، وما رافقها من قتل للأطفال والنساء وهدم للبيوت الآمنة، ولم يعملوا على وقف هذه الجرائم التي ترتكب بحق الانسانية، بل إنهم لم يكلفوا أنفسهم بالوقوف على أسباب هذه الحرب، فاستمرار الاحتلال وما يترتب عليه من افرازات وفي مقدمتها الاستيطان، والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني هي المسؤولة عن كلّ هذه المآسي الانسانية، وواهم من يصدق الأكذوبة الاسرائيلية الأمريكية بأن اسرائيل تدافع عن نفسها، بل هي تدافع عن احتلالها. وفي حربها غير المبرّرة على قطاع غزة تخطت كلّ الخطوط الحمراء المتعارف عليها دوليا وانسانيا، باستهدافها للبيوت الآمنة وتدميرها على رؤوس ساكنيها، وبقتلها للأطفال والنساء والأبرياء، وتدمير المستشفيات والمساجد والمدارس والبنى التحتية وغيرها.

ومن الملاحظ اصطفاف بعض دول العربان ووسائل اعلامهم مع الجانب الاسرائيلي بناء على تعليمات “الأصدقاء الأمريكيين” ويبرّرون ذلك بحربهم على جماعة الاخوان المسلمين، واذا كنا نختلف مع الاخوان المسلمين فاننا لا نختلف مع شعوبنا، فمليون ونصف المليون فلسطيني الذين يتعرضون للذبح اليومي والمخطط في قطاع غزة نسبة الاخوان المسلمين فيهم ضئيلة جدا، والحرب على قطاع غزة تستهدف شعبنا جميعه، ولا تستهدف حماس وحدها، بل تستهدف التنظيمات الفلسطينية جميعها. واذا كانت أمريكا تدعم بعض الأنظمة العربية في حربها على جماعة الاخوان المسلمين، فانها في الوقت نفسه تدعم قطر وتركيا في تحالفهما مع الاخوان المسلمين، حيث يطمع قادة البلدين بأن يكون كل منهما “أميرا للمؤمنين” حسب المواصفات الأمريكية. وبهذا فان أمريكا تشعل “الفوضى الخلاقة” لاعادة تقسيم المنطقة من خلال تعريب وأسلمة الحرب. ولم يعد عجيبا تمويل العربان الذين يصطفون الى جانب أمريكا واسرائيل في محاربة الشعب الفلسطيني تحت شعار محاربة الاخوان المسلمين، وهم من يمولون المتأسلمين الجدد لتدمير سوريا والعراق وليبيا ومصر وقتل شعوبها.

ويظهر العهر الدولي في ازدواجية المواقف، فاذا كان اطلاق صاروخ من قطاع غزّة على المدن الاسرائيلية أمر تدينه أمريكا وغيرها، فهل يعني هذا أنه مسموح للاسرائيليين أن يدمروا أحياء كاملة في قطاع غزة؟ وهل مسموح لهم استباحة الدم الفلسطيني؟ أو لم تعد للحروب أخلاقيات وقوانين تقيدها؟ وواضح أن غضّ النظر عن جرائم اسرائيل يقود شعبها الى مزيد من التطرف، وقد عبر البعض منهم عن ذلك بكتابته شعارات مثل” لا يوجد في غزّة أبرياء” ورصاصة واحدة تقتل اثنين” وهذه دعوة صريحة لقتل الأطفال والنساء بمن فيهن النساء الحاملات.

ولمّا كان هناك من يعتبرون حركة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية تنظيمات ارهابية، لأنها لا تعترف بحق اسرائيل في الوجود كدولة، فهل سألوا أنفسهم عن عدم اعتراف اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة؟ وهل حكومة اسرائيل بقيادة نتنياهو حكومة معتدلة؟ وهل هي معنية بالسلام أم بالتوسع. وهل الأحزاب الاستيطانية المشاركة فيها أحزاب معتدلة؟ وقبل ذلك وغيره هل الاحتلال الاسرائيلي احتلال مشروع يحميه القانون الدولي؟

إن ازدواجية المعايير لدى أمريكا وغيرها، وعهر السياسة الدولية لها دور واضح في استمرار الصراع الشرق أوسطي.

فالى متى سيبقى العالم ساكتا على حرب الابادة الحالية على قطاع غزة؟ وهي ليست حربا بين جيشين، بل هي حرب يشنها أقوى جيش في المنطقة على مساحة صغيرة هي الأكثر كثافة سكانية في العالم. ومحاصرة منذ ثماني سنوات دون مبرّر.

والى متى ستنطلي مهاترات بعض الأنظمة العربية على شعوبها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى