عودة المقاتلين التونسيين من سوريا والعراق تشكل أكبر تحد وتهديد للامن التونسي

طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش، السلطات التونسية، بفتح تحقيق سريع في مزاعم متعلقة بارتكاب مقاتلين تونسيين جرائم حرب في العراق وسوريا.

وقالت المنظمة في بيان لها نشرته الأربعاء الاسبوع الماضي بموقعها الرسمي على شبكة الانترنت، إنّ على تونس ”اتخاذ إجراءات عاجلة لفتح تحقيقات ومحاكمة التونسيين المتورطين في إنتهاكات ترقى إلى تصنيف جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية في سوريا والعراق”.
وطالبت المنظمة دولة تونس ”بصفتها طرفاً في المحكمة الجنائية الدولية منذ 2011، سنّ تشريعات تتعلق بجرائم الحرب، ودمج النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في قانونها الوطني”.
وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنطمة ”يُعتبر مقطع الفيديو الذي نُشر على موقع ”التواصل الاجتماعي” الفايسبوك، والذي يبدو أنه يُظهر مقاتلا تونسيا متورطاً في قتل عناصر من حرس الحدود العراقي، داعيا للسلطات التونسية كي تُسرع في فتح تحقيق ومحاكمة جميع جرائم الحرب التي يرتكبها مواطنون تونسيون في العراق وسوريا”.
من جانبه اعتبر خبير أمني تونسي أن ”التحدي الكبير الذي تواجهه بلاده في هذه المرحلة هو عودة الشباب التونسي المنتمي للجماعات الإرهابية سواء في سوريا أو في العراق، وما سيخلفه من تهديدات أمنية مباشرة للبلاد”.
وعلى هامش الندوة الدولية ”من الساحل الى الضفاف الشماليّة للمتوسط: الأمن الحدودي والرهانات والتطلعات” التي عقدت في العاصمة تونس، قال فيصل الشريف رئيس المجلس العلمي في المركز الدولي للدراسات الاستراتيجيّة الأمنية والعسكرية (مستقل) إن ”هؤلاء (التونسيون المنتمون للجماعات الإرهابية) سيجدون فراغاً كبيرا ما سيجعلهم ينحازون نحو نشر مشروعهم الإرهابي وزعزعة استقرار البلاد وأمنها”.
وأضاف أنّ ”العنصر المهم في مقاومة الإرهاب هو فكري لذلك يجب وضع حد لثقافة الموت وقتل الغير، وطرح بديل ثقافي لهؤلاء الشباب اليوم أكثر من أي وقت مضى”، موضحاً ان هذه الندوة الدولية التي شارك فيها خبراء دوليون في الأمن الحدودي من الجزائر ومالي والمغرب وليبيا وفرنسا وكندا، قد خرجت ”بميثاق تونس للأمن والاستقرار” لإعطاء فكرة بخصوص الواقع الامني الراهن في البلاد والذّي يواجه تهديدات ارهابية.
وكان وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو قد كشف مؤخراً أن هناك قرابة 2400 شاب تونسي يقاتلون في سورية.
وأوضح بن جدو في تصريحات للصحفيين إن ثمانين بالمئة من المقاتلين التونسيين في سورية يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و الشام (داعش) بينما يقاتل البقية ضمن تنظيم جبهة النصرة، كاشفاً عن ان وزارة الداخلية قد منعت أكثر من ثمانية آلاف شاب وشابة من التوجه الى سورية منذ العام الماضي.
وكان المئات من التونسيين قد شقوا طريقهم إلى سورية عبر ليبيا مع اندلاع الاضطرابات هناك وتضاربت الأنباء حول عددهم، علماً بأن الجهاديين التونسيين ليسوا في سورية وحدها، إذ كشفت احصائيات للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية أن 14 تونسيا نفذوا عمليات انتحارية في العراق في شهري آذار ونيسان الماضيين.
على صعيد ذي صلة اعترف رئيس الحكومة التونسية المؤقتة المهدي جمعة في آذار بأن الخطر الأكبر الذي يتهدد تونس يتمثل في عودة الجهاديين من سورية.
وأكدت وزارة الداخلية آنذاك عودة نحو 400 جهادي من بين المتمرسين في القتال وحمل الأحزمة الناسفة وهم محل مراقبة من قبل الأجهزة الأمنية.
وقد اكد الخبراء والمختصون، الذين شاركوا في ملتقى حول ”السلفية الجهادية في تونس والمنطقة المغاربية”، الارتباط التنظيمي بين الجماعات التكفيرية في تونس وشمال افريقيا بتنظيم داعش والقاعدة ضمن مخطط غربي وعربي يستهدف كامل المنطقة، مشيرين الى أن احزمة الفقر بالمدن التونسية تحولت من معقل للغضب الشعبي على النظام السابق الى خزان استراتيجي للجماعات المتشددة. فوسط بيئة من الفقر والبطالة وانسداد الافاق، نجحت الخلايا التكفيرية في التغلغل واستقطاب الاف من الشباب الباحثين عن بدائل لواقع التهميش.
وقال الباحث المختص في الفكر الاجتماعي للجماعات التكفيرية جهاد الحاج سالم للمراسلين الصحفيين: ”هذا الشاب الذي كان في السابق عنصراً ناشزاً في محيطه وكان فاشلا اجتماعيا ومنحرفاً، اصبح يتخيل نفسه على انه مجاهد وانه عضو من الطائفة المنصورة التي ستحمل جذوة الايمان الحق وستعيد امجاد الاسلام والخلافة، وهو توهم ايديولوجي بالطبع، لكنهم يعيشون على انه شيء حقيقي، لان هذا الفكر يملأ فراغات تركتها الدولة والقوى الاجتماعية الحية داخل تونس”.
ومع تصاعد مد هذه الجماعات بالبلاد، فان الخبراء يؤكدون ان مشاريعها السياسية والعسكرية لم تعد معزولة داخل سياقها الجغرافي في ظل ارتباطاتها التنظيمية والفكرية بجماعات داعش والقاعدة بسوريا والعراق ضمن ظاهرة عولمة الارهاب.
وقال الخبير في شؤون الجماعات التكفيرية سامي براهم للمراسلين: ”تيار انصار الشريعة في تونس بايع البغدادي اميرا على دولة العراق والشام منذ الفترة الاولى للإعلان عن نفسها، لذلك يمكن اعتبار تيار انصار الشريعة جزءا من مشروع دولة العراق والشام، وهذا ما يفسر وجود الكثير من التونسيين في هياكل ومؤسسات ما يسمى بـ >داعش<”.
الارتباط العضوي بين هذه الجماعات بمنطقة المغرب وتنظيم داعش يؤكده اتساع نطاق المقاتلين التونسيين بين صفوفه بحسب المختصين لتتضح معه ملامح مخططات مشبوهة ترسمها أجندات غربية وعربية تستهدف المنطقة برمتها.
وقال مدير المركز التونسي للدراسات الاستراتجية طارق الكحلاوي في تصريح: ”تم احصاء 14 انتحاريا تونسيا في عمليات متفرقة في العراق بين شهري اذار ونيسان في هذه السنة، هذا الحضور لا يعني بلا شك ان تغول داعش آلاف الاميال في العراق ليس حدثا بعيدا عن تونس في نهاية الامر”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى